لم يكن وقع سماع خبر حادثة سقوط إحدى الألعاب الكهربائية الضخمة (أرجوحة سلاسل دائرية) في بلدة عتمان منذ يومين بالهيّن على المجتمع، حيث خلّفت الحادثة وفاة سيدة بعمر ٢٥ عاماً وإصابة طفلتيها، إضافة لإصابة ٨ آخرين، وذلك بعد أن انكسر محور اللعبة وانقلب نصفها العلوي مع ما يحمله من مرتادين، كانوا على أراجيحها المعلقة بسلاسل معدنية على محيط ذلك الجزء.
إن ألعاباً ضخمة بهذا الحجم يفترض أن تتم لها صيانات كاملة أول كل موسم صيف، حيث تنشط خلاله حركة تنزه الأهالي لغرض الترفيه عن أطفالهم، مع إجراء صيانات دورية متقاربة لضمان جهوزيتها وعدم وجود أي خلل فيها يمكن أن يؤدي إلى الإضرار باللاعبين عليها، والجميع يستغرب عدم حدوث مثل تلك الصيانات، علماً أن دخل بعض المنشآت يصل إلى عشرات ملايين الليرات في اليوم، بل وقد يتجاوز المئة مليون في “عزّ” الموسم.
والسؤال الملحّ هنا: أين الجهات الرقابية من هذا الواقع؟ ولماذا لا يتم تفقد جاهزية وأمان مكونات تلك المنشآت حفاظاً على سلامة البشر؟
الحادثة المذكورة كانت سبقتها حوادث أخرى في أعوام فائتة، وإن اقتصرت على الإصابات، لكن هناك حادثة منذ نحو عامين راحت ضحيتها فتاة عندما سقطت من آلية مكونة من عدة عربات تشبه القطار وتسير على عجلات لنقل المتنزهين من مدينة درعا إلى ذات المنشأة في بلدة عتمان، حيث إن تلك الآلية مصنّعة محلياً وليست مصممة بشكل فني يلبي مثل هذا الغرض ويراعي عوامل أمان وسلامة الركاب أثناء نقلهم، إذ إن عرباتها عرضة للانقلاب عند أي طارئ مثل مواجهة مطب أو حفرة، وخاصةً إذا كانت السرعة زائدة ولو قليلاً.
ليس أصحاب منشآت الألعاب وحدهم من يتغاضون عن معايير السلامة للمستفيدين من خدماتها، فالمسابح التي نشأت بكثرة في المحافظة وبشكل مخالف أي بلا تراخيص خلال سنوات الحرب على سورية واستغل أصحابها الظروف التي كانت سائدة وعادوا مؤخراً يسارعون لتسوية أوضاعها، لا تراعي أحياناً عوامل الأمان، حيث إن المنقذين لديها هم سباحون عاديون لا خبرة ودراية لديهم لتنفيذ أعمال الإنقاذ في المسابح، بالرغم من أنه عمل له أهمية بالغة، وينبغي أن يتوفر فيمن يقوم به الكفاءة الكافية التي لا تأتي من فراغ بل من خلال دورات متخصصة في هذا المجال، وهنا ينبغي وجوب وجود ثبوتيات عند إعطاء الموافقة على بدء الاستثمار، تؤكد وجود منقذين مختصين في أي منشأة تقدم خدمة السباحة.
للعلم تم وبعد وقوع الحادث الأليم الذي أدى لوفاة السيدة من جراء سقوط اللعبة الكهربائية المشار إليها آنفاً، تشميع المنشأة السياحية بتوجيه من محافظ درعا، فيما تمت متابعة علاج الحالات المصابة والتوجيه بتقديم العناية الطبية اللازمة لهم حتى يتماثلوا للشفاء.
وإثر الحادثة، زار وزير السياحة المهندس محمد رامي رضوان مرتيني والوفد المرافق له محافظة درعا، وعقدوا اجتماعاً سياحياً خدمياً بحضور محافظ درعا المهندس لؤي خريطة وأمين فرع درعا للحزب الرفيق حسين الرفاعي وعدد من المعنيين وأصحاب الصلة، جرى خلاله التركيز على ضرورة اتباع إجراءات السلامة والأمان والرقابة على أداء المنشآت السياحية والخدمية، واستعراض المشكلات التي تواجه قطاع السياحة في المحافظة، والمقترحات الكفيلة بالارتقاء به، ولفت إلى أن الواقع السياحي في المحافظة يشهد تحسناً ملحوظاً، وخاصةً مع النشاط الملحوظ في حركة قدوم المغتربين من خلال معبر نصيب الحدودي مع الأردن، حيث يسهم ذلك في زيادة إشغال المنشآت السياحية، بالتوازي مع تحسن واقع السياحة الداخلية والشعبية التي يتم الاهتمام الخاص بها ومتابعتها وفقاً للتوجيهات الحكومية، وذلك عبر إيجاد أماكن للمتنزهات الشعبية والسعي لتأطيرها وتحفيزها وتطويرها ضمن معايير متبعة وطنياً ودولياً بما يحقق السلامة والأمن لمرتاديها.
وأشار مرتيني إلى أنه تم إصدار تعميم موجه لجميع مديريات السياحة في المحافظات يتضمن تشديد إجراءات الوقاية والسلامة في المنشآت السياحية على خلفية ما حدث.
وقام وزير السياحة، يرافقه محافظ درعا وأمين فرع درعا للحزب والمحامي العام وعدد من المعنيين، بتقديم واجب العزاء والمواساة لذوي فقيدة حادثة السقوط في المنشأة السياحية، وعبّر عن الحرص لاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.
وزارة السياحة تشدد على إجراءات السلامة والأمان وتحدد المسؤوليات
تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة طلبت في التعميم إلى مديرياتها، تكليف الضابطة العدلية لديها وبالتعاون مع الوحدات الإدارية المعنية وممثلين عن فرع نقابة المهندسين في المحافظة من اختصاص هندسة الكهرباء والميكانيك وأحد الخبراء، إجراء الكشف المشترك على كل المنشآت السياحية التي تتضمن أقسام ألعاب (أطفال – ميكانيكية – كهربائية – مشاريع انزلاق حرّ وما شابه) وفحص الألعاب والإنشاءات الموجودة للتأكد من صلاحيتها وسلامتها بما يضمن سلامة روادها، والتدقيق على شروط الأمان والسلامة والتأكد من صلاحية وأمان الألعاب للاستخدام، ووجائب وعوامل الحماية المستخدمة بحسب كل لعبة لمنع اتصال الجمهور بالآلة أو اللعبة في حال تشغيلها منعاً لحدوث الإصابات، وتشديد الإجراءات على الصيانة الدورية على الألعاب من قبل اختصاصيين للتأكد من سلامتها وعدم تأثرها بالعوامل الطبيعية كالحرارة الأمطار والرطوبة والصدأ وغيرها، والتأكد أيضاً من عدم تأثرها بكثرة الاستخدام ومن أنها ما زالت مثبتة بإحكام وأن عناصرها الرأسية والأفقية ثابتة في مكانها ولم تتأثر، وأية اشتراطات أو عوامل أمان أخرى لمستخدمي الألعاب أو مرتادي هذه الفعاليات، ويعتبر صاحب المنشأة أو المستثمر مسؤولاً مباشراً عن سلامة الألعاب وعمل الفحوصات الشهرية والاختبارات الدورية لجميع المعدات والألعاب الميكانيكية والكهربائية، وكذلك عن جميع وسائل الأمان والسلامة ومعدات الإسعاف والإطفاء وعن إصلاح أي عطل أو خلل فوراً، والرقابة على جودة الخدمات التي تقدمها المنشآت السياحية بما يتوافق مع معايير ومتطلبات السلامة والأمان المعتمدة أصولاً، ورفع تقرير شامل حول ما ورد أعلاه خلال شهر من تاريخه والمتابعة الدورية واتخاذ الإجراءات اللازمة أصولاً.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين