بالرغم من مساعي التهدئة التي خاضتها الصين والهند، أمس، إلّا أنّ ذلك لم يمنع العملاقان النوويان من مواصلة اتهام أحدهما الآخر بافتعال المواجهات العنيفة التي دارت بينهما في منطقة الهيملايا الحدودية، ليل أول من أمس
وتتبادل نيودلهي وبكين الاتهامات حول مسؤولية افتعال المواجهة العنيفة، الأولى منذ 45 عاماً بين الدولتين الأكثر اكتظاظاً في العالم. ومع ذلك، يؤكد البلدان رغبتهما في حل سلمي للأزمة. ومن هذا المنطلق، تحادث وزيرا خارجيتهما هاتفياً، بعد ظهر أمس، واتفقا على «خفض حدّة التوتر على الأرض والحفاظ على السلام والهدوء في المناطق الحدودية»، بحسب بيان لبكين.
من جهتها، دانت الحكومة الهندية، في بيان تعقيباً على هذه الدعوة، «عملاً مخطّطاً له عن سابق تصور وتصميم»، من قبل الصين، وأوضحت أنّ وزيري الخارجية اتفقا على «عدم الإقدام على أيّ خطوة قد تؤجّج التوتر» في لدخ. كذلك، أفادت وزارة الخارجية الهندية بأنّ الوزير س. جايشانكار، تحدث مع دبلوماسي صيني رفيع المستوى، للاحتجاج على ما قال إنها محاولة لتشييد مبنى في منطقة تحت سيطرة الهند، ما أدى إلى اشتباكات حدودية.
وفيما تحدّثت الهند عن ضحايا «لدى الجانبين»، لزمت الصين الصمت بهذا الشأن. وخلال المؤتمر الصحافي اليومي، رفضت وزارة الخارجية الصينية تقديم إيضاحات حول الوضع على الأرض، ووصفته بأنه «مستقر». إلّا أنّ المتحدث باسمها تشاو ليجيان، قال إنّ الاشتباك وقع بعدما «تجاوز الجنود الهنود الحد، وتصرّفوا بشكل غير قانوني، واستفزّوا الصينيين وهاجموهم، ما أسفر عن انخراط الجانبين في شجار بدني خطير وسقوط قتلى وجرحى». وأشار إلى أنّه ليس على علمٍ بسقوط أي ضحايا صينيين، لكن وسائل الإعلام الهندية نقلت عن مسؤولين قولهم إن 45 شخصاً على الأقل سقطوا بين قتيل وجريح على الجانب الصيني.
تحادث وزيرا خارجية البلدين هاتفياً واتفقا على «خفض حدّة التوتر على الأرض»
وبحسب الملاحظات الأولى، فإنّ «السبب الرئيسي للوفاة هو الغرق، ويبدو أنهم سقطوا من موقع مرتفع في المياه، لأنّه تبيّنت إصاباتهم بجروح في الرأس»، كما أفاد مصدر هندي قريب من الملف. كذلك، ذكر مصدر أمني آخر أنه «دُفع بالجنود الهنود في منحدر صخري وسقطوا من موقع عالٍ في النهر». وردّاً على ذلك، أكد رئيس الوزراء نارندرا مودي أنّ مقتل الجنود الهنود «لن يكون عبثاً»، مضيفاً في أوّل تصريح له بعد الحادث: «الهند تريد السلام، لكنّها قادرة على الرد بالشكل المناسب عندما تتعرّض للاستفزاز».
ودارت مواجهات عدّة بين الجيشين، على طول حدودهما المتنازع عليها منذ أسابيع، وخصوصاً في لدخ حيث أرسلا تعزيزات، بينما اتفقا قبل 10 أيام على خفض حدّة التوتر في بعض المناطق المتنازع عليها. وأمس، نشرت الهند مئات العسكريين في المنطقة التي وقع فيها الاشتباك. وتدور بين الهند والصين نزاعات قديمة حول الأراضي في لدخ وأروناتشال براديش (شرق). وقد ازدادت هذه المواجهات في المناطق الجبلية بين الجيشين، في السنوات الأخيرة، وهو ما تفسّره إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنه دليل على عدائية صينية متنامية في آسيا. وقال أبراهام دنمارك، مدير برنامج آسيا في مجموعة «ويلسون سنتر» الأميركي، «إننا بعيدون عن الحرب العالمية الثالثة، لكنّه وضعٌ متوترٌ جداً وخطير بين دولتين عظميين نوويتين، في الوقت الذي تراجع فيه النفوذ الأميركي في المنطقة». يأتي ذلك فيما أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أملها بأن تعثر الهند والصين على وسائل مقبولة من الطرفين، لضمان الأمن على حدودهما.
ويعود آخر اشتباك عنيف بين جنود هنود وصينيين إلى عام 1975، عندما قُتل أربعة جنود هنود في أنوراتشال براديش. ومذّاك، لم تُطلَق أي رصاصة فوق الحدود الهندية ــــ الصينية. وكان البلدان قد خاضا حرباً خاطفة، في عام 1962، استولت فيها الصين على أراضٍ من الهند، وأعقب ذلك اشتباكات أوقعت قتلى في عام 1967.
(سيرياهوم نيوز-رويترز، أ ف ب-الأخبار)