محمد خواجوئي
طهران | هزّ اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، المشهد السياسي والإعلامي في إيران. وفضلاً عن رسائل التعزية والمواساة التي صدرت عن المسؤولين والمجموعات الشعبية المختلفة، أُثيرت تساؤلات كثيرة في الأوساط السياسية والإعلامية، من بينها: ما التداعيات التي سيتركها اغتيال نصر الله على موقع «حزب الله» ومحور المقاومة، وأيّ ردة فعل ستبديها إيران إزاء هذا الاغتيال؟وقال المرشد الأعلى الإيراني، علي الخامنئي، في رسالة تعزية، إن «سيّد المقاومة لم يكن شخصاً، بل كان درباً ومدرسة، وإن هذا الطريق سيستمر. إن دماء الشهيد السيد عباس الموسوي لم تذهب سدى، كما أن دماء الشهيد السيّد حسن نصر الله لن تذهب سدى». وأشار الخامنئي، في بيان آخر، إلى التطورات اللبنانية، قائلاً: «إنه لفرض على جميع المسلمين الوقوف بكل ما لديهم من إمكانات إلى جانب الشعب اللبناني وحزب الله الشامخ، ونصرتهما في مواجهة الكيان الغاصب والظالم والخبيث».
ودعا الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، حسب ما نقلت عنه وكالة «تسنيم» الإيرانية شبه الرسمية للأنباء إلى «دعم المقاتلين اللبنانيين لكيلا تتمكن إسرائيل من مهاجمة دول محور
المقاومة» المتحالف مع طهران واحدة تلو الأخرى. وكان الرئيس قد اعتبر في رسالة عزاء استشهاد نصر الله «مصاباً جللاً، أدمى قلوب جميع المظلومين والمستضعفين في العالم». وقال إن «الأسرة الدولية لن تنسى أن الأمر بتنفيذ هذا الهجوم الإرهابي صدر في نيويورك، ولا يمكن للأميركيين تبرئة أنفسهم من التواطؤ مع الصهاينة». كذلك أكد القائد العام للحرس الثوري، حسين سلامي، أن «صلابة واقتدار حزب الله وحماس وسائر مجموعات المقاومة الفلسطينية، وجبهة المقاومة، وفي ضوء مواصلتها درب هذا الشهيد الكبير، ستُلحق بلا ريب ضربات أقوى بالجسم المتهالك والآيل إلى الزوال، للكيان الصهيوني». وعزّى قائد «فيلق القدس»، الجنرال إسماعيل قاآني، من جهته، باستشهاد السيد نصر الله، قائلاً: «سنقف إلى جانب حزب الله حتى فتح فلسطين وتحرير القدس».
كذلك، دعا مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، في رسالة وجّهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس لاتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف العدوان ومنع جرّ المنطقة إلى حرب شاملة.
«حزب الله سيظلّ قوياً»
إعلامياً، نشرت صحيفة «إيران» الحكومية، على صفحتها الأولى، صورة كبيرة للسيد نصر الله، وكتبت في عنوانها الرئيسيّ: «المجاهد الكبير». وقالت إن «الشهيد حسن نصر الله، بوصفه استراتيجياً ذكياً، حوّل على مدى أربعة عقود، حزب الله، إلى العدوّ الرئيسيّ لإسرائيل، واضطلع في الوقت ذاته بدور محوري بين المجموعات الفلسطينية المناضلة. وكان سيّد المقاومة يقيم أيضاً علاقة عاطفية وثيقة مع الإيرانيين، ويثني دائماً على روح المقاومة لدى الشعب الإيراني. وكان قائد جبهة المقاومة يؤمن بعدم المساومة مع الدول العربية بشأن التطبيع مع إسرائيل. وكان يرى أن الدول التي تطبّع مع إسرائيل ذات الطبيعة المتوحشة، يجب أن تخجل، لا جبهة المقاومة بسبب علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية».
وعنونت صحيفة «جوان» القريبة من الحرس الثوري، من جهتها، صفحتها الأولى بـ«الخلود لسيد المجاهدين»، ونشرت صورة كبيرة للشهيد في صفحتها الأولى. كما كتبت الصحيفة في مقالها الافتتاحي، الذي حمل عنوان «حزب الله حيّ»، أن «نظام السلطة يسعى من خلال التعويل على قدراته الإعلامية، إلى استبدال موقع الفائز والخاسر من خلال استراتيجية الصدمة، وتقديم الصهاينة الإرهابيين على أنهم المنتصرون في الميدان، بيد أن المقاومة وحزب الله يخوضان حرباً مع مجمل نظام السلطة والأجهزة الاستخباراتية الغربية وحتى بعض دول المنطقة. وبينما يؤمن الحزب بأن الحرب فيها النصر والهزيمة، والحلو والمرّ، لكنه بلا ريب، المنتصر الحتمي في هذا الميدان، والعنصر الحاسم المقرّر للمصير والمنتصر النهائي في الحرب».
ووصفت صحيفة «كيهان» الأصولية، بدورها، اغتيال السيد نصر الله بأنه «عملية أميركية وصهيونية»، وقالت إنه «لا يجب الوقوع في خطأ التحليل. إن حزب الله، لا خلال السنة الأخيرة ولا على مدى العقود الأربعة الأخيرة، لم يحارب إسرائيل وحدها، بل حارب أميركا. إن القنابل والصواريخ التي تُطلق في اتجاه لبنان، كلها أميركية الصنع. وإن كانت حرب الـ 33 يوماً عام 2006، أدارها الجمهوريون والمحافظون الأميركيون الجدد في صلب مشروع الشرق الأوسط الجديد، فإن الحرب الجارية في غزة ولبنان والمنطقة، يديرها الديموقراطيون، لكنهم يتحدثون كذباً وزوراً عن السلام ووقف إطلاق النار أيضاً».
الخامنئي: فرض على جميع المسلمين الوقوف بكل ما لديهم من إمكانات إلى جانب الشعب اللبناني و«حزب الله»
أما صحيفة «فرهيختكان» فكتبت عن مستقبل «حزب الله» بعد اغتيال السيد نصر الله، قائلة: «عندما اغتيل الشيخ راغب حرب أو السيد عباس الموسوي، كان حزب الله يمرّ بوضع عصيب. وقال لاحقاً شخص مثل رونن برغمان، أحد المحلّلين البارزين للشؤون الأمنية في إسرائيل، إن اغتيال السيد عباس الموسوي كان جيداً وصحيحاً من الناحية التكتيكية، لكنه كان خطأ من الناحية الاستراتيجية، لأن حزب الله بات أقوى في عهد السيد حسن نصر الله. وفي الوقت الحاضر، لا يمكن الجزم كم سيضعف أو يقوى حزب الله بعد اغتيال نصر الله، لكنه تم التفكير على مدى السنين بالبديل الذي سيخلف السيد، وحزب الله قادر على مواصلة مشواره».
ونقلت صحيفة «اعتماد»، من جانبها، عن سفير إيران الأسبق في لبنان، محمد علي سبحاني، قوله إن «حزب الله يملك حدوداً طويلة مع إسرائيل. وهناك المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة على امتداد كل هذه الحدود. إن حرب الاستنزاف قاتلة بالنسبة إلى إسرائيل. لقد تكبّد الإسرائيلون ضربات ماحقة عندما كانوا ينتشرون داخل الأراضي اللبنانية التي احتلوها. إنه لتصوّر غير ناضج أن تكون إسرائيل – وعلى رغم كل إمكاناتها – قادرة على القضاء على قوة المقاومة».
وحول كيفية الرد الإيراني على اغتيال نصر الله، كتبت صحيفة «هم ميهن»، أنه «مع استمرار الاغتيالات والهجمات الإسرائيلية الهادفة على حزب الله، فلتزد إيران من حجم مساعداتها للحزب، للتأكد من أنه سيحافظ على قدراته». وأشارت الصحيفة إلى امتناع طهران عن تنفيذ هجوم مباشر على إسرائيل على رغم الاستفزازات الإسرائيلية العديدة، قائلة إن «إيران آثرت الاضطلاع بدور الداعم والمنسّق لهجمات أعضاء محور المقاومة؛ بحيث لا يتوفّر لإسرائيل مسوّغ لمهاجمة إيران أو جرّ أميركا إلى الصراع. ومع ذلك، يجب القبول بأن الموقف الإيراني هذا لا يمكن أن يستمر على الأمد الطويل». وتابعت الصحيفة: «مع استمرار الحملات العسكرية الإسرائيلية، ثمة احتمال لأن تضطرّ إيران في النهاية إلى التدخل بشكل مباشر. والمؤكد أنه إن قررت إير ان التدخّل، ونظراً إلى الاعتداءات والتجاوزات الإسرائيلية المتزايدة، فإنها ستقوم بداية، بتفعيل سائر أعضاء محور المقاومة لشن هجمات على إسرائيل، في خطوة لتخفيف الضغط الذي تمارسه إسرائيل على حزب الله».
سيرياهوم نيوز١_الاخبار