جلنار العلي
يتسابق السوريون إلى القيام بأعمال الخير خلال شهر رمضان الكريم، وذلك لإغاثة بعضهم البعض في ظل الحصار الاقتصادي الخانق والعقوبات المفروضة على الشعب السوري وتأمين احتياجات الفئات الأكثر هشاشة من مؤن وغير ذلك من المواد التي يحتاجونها خلال الشهر الفضيل.
فما حجم المبالغ التي ينفقها السوريون على عمل الخير خلال شهر رمضان، وما عدد الأسر التي تحتاج إلى تلك المساعدات؟ وهل تمكنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من توفير قاعدة بيانات للفئات التي تحتاج إلى إغاثة لإيصال المساعدات لأصحابها بكل يسر؟ وخاصة بعد حادثة الزلزال والحجر في فترة كورونا التي يفترض أن ينتج عنها قوائم بالأسر الأكثر احتياجاً.
الخبير التنموي ماهر رزق، بيّن في تصريح خاص لـ«الوطن» أن تقدير تلك المبالغ يجب أن يستند إلى معطيات، ولكن هذا يعد غير ممكن في ثقافة السوريين لكونهم يتكتمون على أعمال الخير التي يقومون بها، إلا أن هذه الأعمال تدخل في نطاق المنافسة والمبارزة خلال شهر رمضان، فهناك الكثير من الأشخاص يتعهدون بإفطار عدد معين من الأسر بشكل يومي على سبيل المثال، لافتاً إلى أن الحكومة حاولت خلال العام الحالي أن تتجه إلى المركزية في توزيع السلل الغذائية خلال الشهر الفضيل، مؤكداً أن هذا الأمر يعد سلاحاً ذا حدين فهو من شأنه تنظيم تلك المساعدات للتعرف على قيمتها وحجم الأسر التي يجري إنفاق هذه المبالغ على إغاثتها، ولكن في ذات الوقت حتى لو تم حصر هذه الأرقام فهي لن تكون دقيقة، نظراً لأعمال الخير التي تتم بالخفاء وبعيداً عن الجمعيات.
وفي سياق متصل، أكد رزق أن قسماً كبيراً من السوريين يتلقون الحوالات الداعمة خلال شهر رمضان، وهناك الكثير من التصريحات التي تعطي نسباً عن حجم هذه الحوالات، ولكن لا يمكن التأكد من صحة تلك الأرقام لوجود جزء منها يدخل إلى الأراضي السورية عن طريق الشبكات والأقنية غير الرسمية.
الخبير الاقتصادي الدكتور حسن حزوري، أكد في تصريح لـ«الوطن» وجود مبالغ كبيرة جداً تنفق على عمل الخير خلال شهر رمضان سواء كانت عبر الجمعيات الخيرية أو عبر غرف الصناعة والتجارة والفعاليات الاقتصادية، لافتاً إلى أن هذه المبالغ تزيد خلال هذا الشهر نتيجة للفرائض الدينية المتعلقة بدفع الزكاة وما إلى ذلك، كما أن الحوالات الخارجية تتضاعف أيضاً خلال شهر رمضان وهذا الأمر ظهر تأثيره جلياً في انخفاض سعر الصرف الذي حدث خلال الأسبوع الأول من الشهر، ولاسيما بوجود نسبة كبيرة من السوريين تعتاش على الحوالات.
في سياق متصل، أشار حزوري إلى أن الموظف الذي يتقاضى أجراً لا يزيد على 300 ألف ليرة شهرياً يعد بأمس الحاجة للحوالات الداعمة وللمساعدات في الوقت الذي يصل فيه حجم إنفاقه الشهري إلى 2-3 ملايين ليرة، إذ حددت وزارة الأوقاف صدقة إفطار الصائم بـ25 ألف ليرة بعد أن كانت خلال العام الماضي بـ10 آلاف ليرة، أي إن الموظف يحتاج إلى 750 ألف ليرة شهرياً لتأمين وجبة إفطاره (و3.7 ملايين إذا كان يعيل أسرة مؤلفة من 5 أشخاص)، لافتاً إلى أن نسبة السوريين الذين يعيشون دون خط الفقر وصلت إلى نحو 90 بالمئة، ولولا المساعدات الغذائية والعينية لتفاقم سوء الوضع الاقتصادي بشكل أكبر مما هو عليه حالياً.
وحول أوجه عمل الخير خلال شهر رمضان، بيّن حزوري أنها تقسم إلى قسمين، الأول يتمثل بتقديم سلل غذائية، والثاني بتقديم دعم مادي، لافتاً إلى ازدياد الملاءات المالية للجمعيات الخيرية خلال شهر رمضان، نتيجة زيادة الموارد المالية الواصلة إليها، حيث تقوم بدورها بالبحث عن الأسر الأكثر احتياجاً لتقديم المساعدات لها، ولكن مع انتهاء شهر رمضان تنتهي أغلب هذه المبادرات، في الوقت الذي يفترض أن تستمر بشكل دائم على مدار العام.
سيرياهوم نيوز1-الوطن