لمى سليمان:
يبرز الاقتصاد الأزرق كخيار استراتيجي واعد في سوريا و ذلك بالنظر إلى امتلاكها شريطاً ساحلياً طويلاً على البحر المتوسط وموانئ حيوية، ويُقدّم هذا النموذج الاقتصادي فرصةً للتعافي و النمو المستدام للاقتصاد عبر تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الأمن الغذائي، وإعادة ربط البلاد بشبكات التجارة الدولية، ما يجعله ركيزة محتملة لمسار التنمية المستقبلية في سوريا.
الاقتصاد الأزرق كأهمية استراتيجية في سوريا
وفي هذا الشأن يفنّد الخبير الاقتصادي ايهاب اسمندر أسباب تشكيل الاقتصاد الأزرق أهمية اقتصادية وفرصة استراتيجية لسوريا وهي كالتالي:
- مساهمة اقتصادية جديدة: إذ يقدم هكذا نوع من الاقتصاد مصدراً جديداً ومساهماً في الناتج المحلي الإجمالي للبلد، ليعوض نوعاً ما عن الهياكل الاقتصادية التقليدية المتضررة.
- تعزيز الأمن الغذائي: من خلال تطوير قطاع الصيد وتربية الأحياء المائية بشكل مسؤول، والذي يمكن من زيادة الإنتاج السمكي وتوفير مصدر بروتيني مهم وغذاء للسكان، لحمايتهم من نقص الغذاء.
- توفير فرص العمل: يوفر مجموعة واسعة من الوظائف في الموانئ والصيد والسياحة والخدمات اللوجستية، لا سيما في المناطق الساحلية.
- إعادة الاندماج التجاري: باعتبار الموانئ السورية (مثل اللاذقية وطرطوس) بوابات طبيعية، يمكن أن تعيد ربط سوريا بشبكة التجارة الدولية عبر البحر المتوسط، ما يساعد على اندماج سوريا في التجارة العالمية.
فرص النجاح وتحديات التطبيق
بالنسبة لفرص نجاح الاقتصاد الازرق يؤكد الخبير اسمندر لـ”الحرية” أنه من الممكن أن ينجح تطبيق الاقتصاد الأزرق في سوريا لأسباب عديدة ومنها:
الموقع الجغرافي المتميز: اذ تقع السواحل السورية على مفترق طرق بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، بالقرب من قناة السويس، ما يجعلها موقعاً محتملاً للشحن والخدمات اللوجستية. إضافة إلى وجود أصول أساسية تتمثل بميناءين رئيسيين (اللاذقية وطرطوس) يمكن تأهيلهما وتحديثهما.
كما أن هناك توجهاً حكومياً للدعم تمثل في إعلان الحكومة السورية في أكثر من مناسبة عن خطط لتطوير المناطق الساحلية والاستثمار فيها (حيث وقعت مؤخراً اتفاقية مع شركة إماراتية لتطوير ميناء طرطوس).
والأهم هو الحافز الاقتصادي من حيث أن الحاجة الماسة لإعادة بناء الاقتصاد تخلق حافزاً قوياً لتبني نموذج تنموي جديد ومستدام.
وفيما يخص التحديات, تحدث اسمندر عن مجموعة من التحديات التي تواجه سوريا (كدولة خارجة من صراع) معيقةً تطبيق الاقتصاد الأزرق وهي:
- البنية التحتية المتضررة والتي تحتاج إلى البنية التحتية للموانئ والطرق الساحلية إلى استثمارات ضخمة لإعادة التأهيل بعد سنوات من الأضرار.
- القيود والعقوبات: تشكل العقوبات عائقاً رئيسياً أمام جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتكنولوجيا الحديثة اللازمة.
- الإطار المؤسسي والحوكمة: يتطلب تطوير الاقتصاد الأزرق حوكمة رشيدة، وأنظمة مراقبة بيئية صارمة، وقوانين شفافة لجذب المستثمرين، وهي أمور تحتاج إلى تقوية. كما تعاني سوريا حالياً من نقص حاد في الكوادر البشرية المؤهلة.
- التحديات البيئية: هناك مخاوف من التلوث البحري والاستنزاف السابق للموارد السمكية، ما يحتاج إلى خطط إدارة بيئية فعالة.
- بيئة الاستثمار الإقليمية: يؤثر استقرار المنطقة وأمن الممرات البحرية على جدوى وجذب المشاريع الاستثمارية الكبرى، أي إن تعقيد المشهد الإقليمي قد يؤثر على قدرة سوريا على تطبيق هذا النوع من الاقتصاد.
الساحل السوري كحجر الزاوية للاقتصاد الأزرق
يتحدث الخبير اسمندر عن أهمية الساحل السوري كعماد أساسي للاقتصاد الازرق موضحاً أن الساحل السوري الذي يمتد لحوالي 183 كم على البحر المتوسط، هو حجر الزاوية لأي تطوير ممكن للاقتصاد الأزرق، ويمكن أن يكون:
- محوراً لوجستياً إقليمياً: ليس فقط لخدمة الاقتصاد السوري، بل يمكن تطوير الموانئ لتصبح محوراً لوجستياً (Hub) يخدم حركة الترانزيت إلى العراق والأردن ودول الجوار، خاصة مع وجود طرق برية رابطة. وهذا يتطلب تطوير “موانئ جافة” في الداخل وتسهيل الإجراءات.
- مناطق اقتصادية متخصصة: يمكن إنشاء مناطق اقتصادية حرة متخصصة قرب الموانئ تجمع بين الصناعات الخفيفة والتخزين والخدمات اللوجستية، مع التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة المرتبطة بالبحر.
- ربط الساحل بالداخل: من خلال ربط المناطق الساحلية مع المدن الصناعية والتجارية الداخلية مثل حلب ودمشق وحمص، يمكن خلق ممر اقتصادي حيوي ينشط التجارة الداخلية ويوزع عوائد التنمية.
- تنمية الخدمات البحرية: تطوير خدمات إصلاح السفن، والتزود بالوقود، والخدمات المالية والتأمينية المرتبطة بالنقل البحري.
متطلبات النجاح الأساسية
ويختم اسمندر بالقول إن أهم عنصر لنجاح هذا الاقتصاد هو وضع خطة وطنية شاملة لتطبيقه وتنمية عوامل نجاحه، مع البدء بإعادة تأهيل البنية التحتية البحرية ووضع الأطر التشريعية الجاذبة للاستثمار.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
