الآثار.. من التنقيب السري إلى العلني

بالأمس كان التنقيب عن الآثار رسمياً، وهو الذي تقوم به الدولة عبر البعثات الأجنبية التي تقوم بالعمل تحت إشراف جهات حكومية مختصة. واليوم أصبح التنقيب السري غير المسموح فيه والذي يعرف بالتنقيب غير الشرعي أو الحفر عنها خلسة إذا صح التعبير. وما بين هذا وذاك أصبحت المواقع الأثرية في طول البلاد وعرضها مستباحة بحثاً وحفراً، وعلى “عينك يا تاجر” من قبل تجار الآثار وضعاف النفوس الذين لا هم لهم سوى ملء جيوبهم بالمال، وإن كان حراماً وعلى حساب خيرات البلاد ومقدراتها ومخزونها الحضاري، مستغلين التدمير للأماكن والمواقع الأثرية
ولأن الغاية لا تبرر الوسيلة، تتعدد الدوافع والأسباب التي تدعو المواطنين للقيام بعمليات التنقيب غير الشرعي عن الآثار، ومنها ضعف الوعي لدى المواطنين بأهمية هذا التراث التاريخي والحضاري، وضرورة الحفاظ عليه من أجلهم ومن أجل مستقبل أبنائهم، والواقع المعيشي المتأزم الذي يحياه المواطنون، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تدفع بالبعض نحو البحث عن مصدر سهل يستطيعون من خلاله العمل على سد احتياجاتهم واحتياجات عوائلهم الضرورية، والبحث عن الثراء السريع الذي يطمح إليه بعض الحالمين. وهؤلاء يعتبرون أن التنقيب عن الآثار وبيعها هو أسهل طريق لتحقيق تلك الطموحات “الآثمة”.
في ظل ما تتعرض له المواقع الأثرية اليوم من انتهاك، بات من الضروري العمل على توعية المواطنين بأهمية الآثار السورية، وقيمتها التاريخية والحضارية، بكل حقبها المختلفة، مع ضرورة التركيز على أن التنقيب غير الشرعي عنها، يعد جريمة أخلاقية وقانونية، تضر بالوطن وتاريخه وأمنه. والإسراع في تسجيل الأماكن الأثرية بالكامل، فتسجيلها يعمل على حمايتها. وهذا التسجيل ليس أمراً هيناً، فهو يحتاج جهداً كبيراً، يجب أن تتبناه الحكومة، لأنه يتطلب دعماً مادياً كبيراً وكوادر بشرية عديدة.
كما يجب العمل وسريعاً نحو تسجيل كل القطع الأثرية التي تثبت أثريتها، التي يتم ضبطها من خلال عمليات التنقيب غير الشرعي، وزيادة الحراسة المشددة على المواقع والمناطق الأثرية، وتجنيد دوريات أمنية للحد من انتشار هذه الظاهرة، التي انتشرت في ربوع البلاد بشكل مفزع.