الرئيسية » شخصية الأسبوع » الأديب الكبير نجيب محفوظ

الأديب الكبير نجيب محفوظ

 

ولد نجيب محفوظ في حارة درب قرمز بحي الجمالية بالقاهرة القديمة يوم 11 ديسمبر كانون الأول عام 1911 ، وفي سن الرابعة التحق بشيخ كتاب الحارة ، ثم تابع دراسته بمدرسة بين القصرين الابتدائية. وانتقلت الأسرة عام 1924 إلى حي العباسية.

حصل على شهادة البكالوريا من مدرسة فؤاد الأول الثانوية والتحق بكلية الاداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) ، وتخرج في قسم الفلسفة عام 1934. وكان يعد نفسه لمهمة أخرى غير كتابة الرواية إذ كان مفتونا بالفلسفة ، وبدأ حياته وهو طالب بالجامعة محررا في مجلة “المجلة الجديدة” التي كان يصدرها الكاتب المصري سلامة موسى .

وكانت مقالاته تعنى بالتعريف بالمدارس الفلسفية. كما ترجم عن الإنجليزية كتاب “مصر القديمة” للبريطاني جيمس بيكي .

وبعد تخرجه عمل كاتبا في إدارة جامعة القاهرة حتى عام 1938 ثم عمل موظفا في وزارة الأوقاف إلى أن بلغ الستين ، وخلال سنوات وظيفته تولى إدارة الرقابة على المصنفات الفنية ثم عمل مديرا عاما لمؤسسة دعم السينما عام 1960 ومستشارا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون عام 1962 ، وعين رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما عام 1966 ثم أصبح مستشارا لوزير الثقافة لشؤون السينما عام 1968. وأحيل على المعاش في ديسمبر كانون الاول 1971 وواصل كتابة مقاله كل خميس بصحيفة الاهرام .

ونشرت رواية محفوظ الاولى “عبث الاقدار” عام 1939 بالمصادفة حيث كتبها في الفترة من سبتمبر أيلول 1935 الى أبريل نيسان عام 1936 ، من دون أن يعلن ذلك لأحد إلى أن سأله سلامة موسى عما يشغله فأجاب محفوظ.. “إنني أتسلى وأكتب بعض الحكايات في أوقات الفراغ”. وطلب موسى نموذجا مما كتب فأعطاه محفوظ مسودة “عبث الاقدار” ثم فوجيء ذات يوم بمن يطرق بابه ويعطيه النسخ الأولى من الرواية .

وقال الكاتب المصري محمد سلماوي أنه عثر لدى محفوظ على مخطوطات لأربعين رواية عن مصر الفرعونية مشيرا إلى أن محفوظ كان ينوي كتابة التاريخ المصري القديم بصيغة روائية .

ونفذ محفوظ من خطته ثلاث روايات فقط هي “عبث الاقدار” عام 1939 و”رادوبيس” 1943 و”كفاح طيبة” عام 1944 ثم انفعل بالأحداث السياسية بعد الحرب العالمية الثانية وآثارها على المجتمع المصري ، وقدر أن الاستمرار في الكتابة عن مصر الفرعونية وسط عواصف الواقعية نوع من الترف فانتقل إلى مرحلة روائية جديدة.

واكتشف محفوظ مبكرا أن الزمن القادم هو زمن الرواية وخاض معركة مع الكاتب المصري الراحل عباس محمود العقاد الذي كان متحمسا للشعر وحده مستهينا بالرواية ، بل رأى أن بيت شعر واحدا أكثر قيمة من أهم الروايات. في رده على العقاد دافع محفوظ عن فن الرواية قائلا إنها “شعر الدنيا الجديدة”.

وبدأت المرحلة الثانية “الواقعية” في مسيرة محفوظ منتصف الأربعينيات بنشر رواية “القاهرة الجديدة” وأتبعها بعدد من الروايات الواقعية “خان الخليلي” و”زقاق المدق” و”بداية ونهاية”. وقال أنه انتهى من كتابة الثلاثية الشهيرة “بين القصرين” و”قصر الشوق” و”السكرية” قبل قيام ثورة يوليو تموز 1952 في مصر.

وتوقف محفوظ عن الكتابة سبع سنوات حتى عام 1959 ، بحجة أن العالم القديم الذي كان يسعى إلى تغييره بالابداع تغير بالثورة. وكانت المشاريع الروائية جاهزة لكن حافز الكتابة غير موجود ، ثم اكتشف أن للواقع الجديد أخطاءه فكتب رواية “أولاد حارتنا” التي نشرتها صحيفة الأهرام القاهرية كاملة رغم اعتراض كثير من رموز التيارات المصرية المحافظة ولم تطبع في مصر حينها.

إلى أن نشرها الكاتب اللبناني سهيل ادريس في دار الآداب البيروتية التي يملكها ، وظلت النسخ تصل إلى من يريد قراءتها في مصر بدون اثارة أزمات ، إلى أن حصل محفوظ على جائزة نوبل عام 1988 فأعيد فتح الملف من جديد وصدرت عن الرواية كتب ذات طابع تحريضي .

وتجاوز محفوظ في الستينيات أزمة “أولاد حارتنا” بالانشغال بكتابة أعمال ذات طابع رمزي يجسد فلسفة الشك والبحث عن يقين وغاية للحياة ، وهي روايات “اللص والكلاب” و”السمان والخريف” و”الطريق” و”الشحاذ” و”ثرثرة فوق النيل” و”ميرامار” فضلا عن عدد من المجموعات القصصية منها “خمارة القط الاسود” و”تحت المظلة”.

وصدرت رواية”الكرنك” عام 1974 وفي عام 1977 نشر محفوظ إحدى أهم رواياته “ملحمة الحرافيش” واعتبرها بعض النقاد إعادة صياغة لروايته “أولاد حارتنا” بينما رأى آخرون أنها أبرز أعماله.

وحظي محفوظ بعدد من الجوائز في مسيرته بدأت بجائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية “رادوبيس” عام 1943 ، ثم حصل عام 1944 على جائزة وزارة المعارف عن “كفاح طيبة” وجائزة مجمع اللغة العربية عام 1946 عن “خان الخليلي” ، وتوجت الجوائز المصرية بجائزة الدولة التقديرية في الاداب عام 1970 ، وعندما أقرت جائزة الرئيس المصري مبارك كأرفع الجوائز المصرية كان محفوظ أول فائز بها عام 1999.

وأشار تقرير نوبل الى أن الاعمال التي حاز عنها الجائزة عام 1988 هي رويات “أولاد حارتنا” و”الثلاثية” و”ثرثرة فوق النيل” والمجموعة القصصية “دنيا الله “. وكانت المجموعة القصصية “صباح الورد” ورواية “حديث الصباح والمساء” اللتين صدرتا عام 1987 آخر ما نشر للكاتب قبل فوزه بجائزة نوبل. وبعد الجائزة ردد محفوظ أنه أصبح موظفا عند السيد نوبل في إشارة الى أن الجائزة حرمته نعمة الهدوء وجعلته موضع الاهتمام الاعلامي حيث طاردته كاميرات التلفزيون وأربكت برنامجه اليومي وغيرت عاداته في الكتابة.

وكتب محفوظ رواية “قشتمر” قبل فوزه بالجائزة ولكنها صدرت في تاريخ لاحق مع عدد من المجموعات القصصية التي صدرت لاحقاً. ونشر محفوظ “أصداء السيرة الذاتية” مسلسلة عام 1992 ثم صدرت في كتاب عام 1996.

وتحت عنوان “كتاب القرن” أصدرت مجلة نصف الدنيا القاهرية ملحقا مع عددها الصادر يوم 21 فبراير شباط عام 1999 ويضم “59 قصة.. آخر ما كتب صاحب نوبل” وسبق أن نشرت بعض قصص ذلك الملحق في مجموعة سابقة صدرت عام 1996 عنوانها “القرار الاخير”.

وتعرض الكاتب لمحاولة اغتيال بالسكين في أكتوبر تشرين الأول عام 1994 ولكن الشاب الذي دفعه متشددون لتنفيذ الجريمة أصاب الرقبة وترك الحادث أثره على يده اليمنى وعلى برنامجه اليومي إذ اضطر للاستجابة لإلحاح أجهزة الأمن المصرية فلازمه أحد الحراس لحمايته.

 

وتوفي الروائي العربي نجيب محفوظ الاربعاء 30-8-2006 عن عمر يناهز 94 عاما بعد أن امتدت رحلته مع الكتابة أكثر من 70 عاما وأثمرت حوالي 50 رواية ومجموعة قصصية ومسرحية قصيرة فضلا عن كتب أخرى ضمت مقالاته في الشؤون العامة.

 

إعداد : محمد عزوز

من موسوعته ( راحلون / في الذاكرة ) الألف الأولى

(سيرياهوم نيوز ١-صفحة المعد)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الشاعر د. رضا رجب

  في قرية “عناب” بمحافظة “حماة” ولد “رضا بلال رجب” في 25 آذار 1952، درس حتى الإعدادية في قرية “جوبة برغال”، ثم انتقل بعدها إلى ...