يمتنع المسؤولون في الأردن ورغم مشاركة بلادهم سابقا في اختيار “أسماء” مرشحة لتولي مهام محددة في واجب “إصلاح السلطة الفلسطينية وتنشطيها” عن التقدّم بأي نصائح جديدة.
وفي الوقت الذي تشكّلت فيه فعلا حكومة الدكتور محمد مصطفى بضوء أخضر أوروبي وأمريكي قررت عمان فجأة التخفيف من تدخّلاتها بالشأن الداخلي الفلسطيني وترك الرئيس الفلسطيني محمود عباس يكمل التقديرات والسيناريوهات التي يعمل عليها وإن كان الانطباع استمر بأن الأخير “يواصل إخفاء” المعلومات.
الدكتور مصطفى زار عمان مؤخرا وبقي متحفظا عن خططه في “إصلاح الحكومة” وطلب المشورة والمساعدة من بعض الشخصيات الأردنية لكنه لم يحصل عليها تجنبا لإثارة أي حساسيات مع مقر المقاطعة في رام الله.
وما لاحظه مصدر فلسطيني سياسي مطلع أن عمان تجري مشاورات بعنوان “إصلاح السلطة الهيكلي” مع الثنائي حسين الشيخ وماجد فرج وهو ما دفع الدكتور مصطفى لإبلاغ أكاديميين أردنيين بأنه يرغب في أن تتحدث معه أيضا الدوائر الرسمية الأردنية.
في المقابل أغلب التقدير أن الأردن لا يريد أن يغرق في حسابات سياسية قائمة حصرا على فكرة صمود المقاومة أو حتى انتصارها في المعركة.
وأن عمان لا ترغب في هذه المرحلة على الاقل بركوب موجة الشعبويات التي تطالب بانصاف المقاومة وتمكينها من ترسيم مستقبل قطاع غزة وعندما يتعلق الأمر حصرا بموقف الأردن من سؤال غزة ما بعد الحرب ثمة سيناريوهات و تحضيرات.
لكن الثابت أنه لا حماس والفصائل المقاومة بتركيبتها الحالية ولا السلطة بوضعها القديم جزء من هذا السيناريو طبعا وفقا لما يتسلل ويتسرب من هنا وهناك وهو ما يدفع عمان أصلا للاحتراز وتجنب الاحتكاك كثيرا.
وهو بكل حال المنطق الذي افترضه القيادي الفتحاوي ناصر القدوة على هامش زيارة التقى خلالها ببعض المسؤولين الأردنيين عندما اقترح سلطة جديدة و حماس جديدة لكن الحديث عن حماس جديدة يبدو تكلفا ولفظيا كما قال القيادي في حركة حماس خالد مشعل نافيا وجود أي شيء اسمه حماس الجديدة.
بكل حال لا تتطرّق عمان في هذه المرحلة لأي تفاصيل لكنها تشارك في صناعة تصوّر وسيناريو ما لمرحلة مستقبل غزة على اساس الربط الكامل مع الضفة الغربية وعودتهما معا إلى حكم وادارة سلطة فلسطينية مستجدة أو خضعت للإصلاح والتجديد.
ذلك ما يقوله وزير الخارجية الأردني النشط أيمن الصفدي في اتصالاته لكن جزئية غموض موقف الرئيس عباس حصرا تدفع للاحتراز والانتباه وعدم التدخّل بصورة مباشرة وفي نفس الوقت دعم سيناريو “إصلاح السلطة”.
كيف سيحصل ذلك وبأي ثمن؟، هذا سؤال مطروح في مجالسات عمان لكن لا أحد يستطيع الإجابة عليه الآن.
الواضح أن الحكومة الأردنية تمضي قدما نحو ارتكاب خطأ قديم في الترتيبات قوامه البقاء ضمن التصور الاستراتيجي الأمريكي بكل حال وفي حالة عزلة مع المقاومة الفلسطينية وقراءة نتائج معركة طوفان الأقصى على هذا الاساس فقط.
وذلك خطأ في الحسابات الاستراتيجية على الأرجح يؤسس لأخطاء أخرى على المستوى التنفيذي والإجرائي جرّاء سعي الأردن لعدم التطفّل على ترتيبات عباس بسبب إصراره على إخفاء التصوّرات والمعلومات.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم