القاهرة | لم تكَد الحكومة المصرية تتنفّس الصعداء، بعد أن أنقذتها التحويلات الخارجية من مأزق كبير مرتبط بالعجز عن توفير العملة الصعبة، حتى وجدَت نفسها تتخبّط في مواجهة موجة الحرّ التي أنتجت غضباً شعبياً متزايداً جراء انقطاعات الكهرباء لساعات طويلة، بشكل يومي وبصورة لم تحدث منذ نحو 10 سنوات.
وأدّى ارتفاع درجات الحرارة ـــ بصورة قياسية ـــ إلى ازدياد الاستهلاك الكهربائي الذي سجّل أقصاه خلال ساعة الذروة بأكثر من 34 ألف ميغاوات، ما أدّى إلى نفاد كميات الغاز اللازمة لتشغيل المحطات فترة أطول زمنياً. وإثر ذلك، طبّقت وزارة الكهرباء خطة «تناوب» كهربائي في مختلف أنحاء البلاد، لتتخطّى فترة الانقطاع الأربع ساعات في غالبية المدن، ما أثار احتقاناً شعبياً، دفع بوزير الكهرباء، محمد شاكر، إلى محاولة تبرير العجز الكهربائي، عبر إرجاعه إلى نقص الغاز والمازوت وباقي المحروقات التي تعمل بها المحطات الكهربائية، والتأكيد، في الوقت نفسه، على إمكانية إنتاج أكثر من 10 آلاف ميغاوات كفائض عن الكميات المطلوبة.
وكشفت أزمة الكهرباء عن خلل هيكلي في الكميات المخزّنة للاستخدام المحلي، وعدم تحقيق الاستفادة القصوى من محطات الكهرباء العملاقة التي يُفترض أن تنتج تقريباً ضعف الاحتياجات الحالية، لكنها باتت بغالبيتها عاطلة عن العمل في ظلّ تأخر اتفاقيات الربط الكهربائي مع دول الجوار. ويأتي ذلك بينما منحت الحكومة المصرية أفضلية لتصدير الغاز المسال، بدلاً من استخدامه في توليد الكهرباء، على رغم تسجيل تراجع في صادراته نتيجة الاحتياج المحلّي، والذي جرت تلبيته بصورة عشوائية وبما لا يلبّي المتطلبات كافة، مع تجنّب شراء أي كميات من الخارج. وبحسب التقديرات الرسمية، فإن تلك السياسة أدّت إلى خسارة ملايين الدولارات التي كان يفترض جنيها من خلال زيادة الكميات الموجّهة للاستهلاك المحلي، فضلاً عما سُجّل من تراجع في عائدات الغاز المُصدّر نتيجة انخفاض الأسعار عالمياً مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
وبالتوازي مع ما تروّجه الحكومة المصرية من «اقتراب» الحلّ في غضون أيام مع إطلاقها حملات ودعوات عبر إعلام الدولة لـ«ترشيد الاستهلاك»، تعوّل الحكومة، وفق مصادر «الأخبار»، على «انتهاء الموجة الحارة للانتهاء من عبء تخفيف الأحمال»، وهو ما يصطدم بواقع غير مؤاتٍ مع تنبّؤ خبراء الطقس باستمرار موجة الحرّ حتى نهاية الشهر المقبل على الأقل، بينما لم تتّخذ الحكومة إجراءات فعلية لزيادة عمل المحطات خلال الفترة المقبلة. وفي هذا السياق، يرى أحد المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن استمرار ارتفاع استخدام الطاقة الكهربائية بهذه المعدلات «ستكون له انعكاسات سلبية على الموازنة العامة للدولة بسبب زيادة فاتورة الدعم الخاصة بقطاع الكهرباء»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من تحريك الأسعار بشكل جزئي في بداية الشهر الجاري لرفع الدعم، فإن توفير الكهرباء يتمّ مقابل أسعار أقل ممّا يتوجب دفعه، وحتى للشرائح العليا». وفي ضوء الغضب الشعبي المتزايد جراء أزمة انقطاع التيار، أكّد المصدر نفسه وجود «توجيهات سيادية بسرعة حلحلتها»، ولا سيّما كوْن الأزمة نفسها «مثّلت أحد عوامل الاحتقان إبّان حكم الإخوان»، مشيراً إلى أن «خطة الحكومة التي يجري العمل عليها قد تتضمن تأجيلاً جزئياً لعملية التناوب حتّى فصل الشتاء، من أجل ضبط الكميات المستهلَكة من الطاقة الكهربائية المدعومة في الموازنة».
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار