يبدو أن العلاقات بين مصر وإسرائيل قد تجاوزت بكثير مرحلة “التحكم وضبط النفس”، وبدأت فعليًا تدخل في مرحلة التوتر المشحون والمتصاعد لم تدخلها منذ سنوات طويلة، ويصعب التكهن فيما ستؤول إليه.
ورغم أن التصريحات التي تخرج من مصر حتى هذه اللحظة، يُحيطها الكثير من التوازن والحفاظ على الخط الدبلوماسي المُعترف به، في ظل الدعوات المتكررة لمنع الانجرار لمرحلة تصعيد خطيرة، إلا أن ما يتم نقله على الإعلام العبري من خلال تصريحات المسؤولين يؤكد الدخول بأخطر مرحلة من التوتر مع مصر.
قبل أيام قليلة، كشفت “رأي اليوم”، ونقلاً عن مصادر موثوقة، أن مصر هددت فعليًا بسحب وساطتها من ملف “تهدئة غزة”، بسبب “المماطلة” الإسرائيلية المتكررة في التوصل لاتفاق واضح لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، ورفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كل المقترحات التي تقدم رغم موافقة حركة “حماس” عليها، وبدء خطوات اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
واليوم، أكدت الصحف العبرية انفراد “رأي اليوم”، فكشفت أن مسؤولون إسرائيليون حذروا رسميًا نتنياهو من أن مصر قد تنسحب من جهود الوساطة في اتفاق للتهدئة بقطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى، مع تفاقم “الأزمة” بين البلدين عقب سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
ووفق ما نشرته “هآرتس” العبرية، فقد عبروا أيضا عن قلقهم من احتمال خفض مستوى التعاون بين البلدين في مجالي الدفاع والمخابرات، ما لم يتم حل الأزمة.
كما أبدى المسؤولون الإسرائيليون مخاوفهم من أن تتفاقم تلك الأزمة بين القاهرة وتل أبيب مع استمرار القتال في غزة، وانهيار المحادثات الرامية إلى التوصل لاتفاق بين إسرائيل و”حماس”.
وأتت تلك التحذيرات، بعدما اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس مصر بإغلاق معبر رفح، وقال إن القاهرة “تملك المفتاح” لمنع حدوث أزمة إنسانية في غزة، زاعمًا أن “العالم يضع مسؤولية الوضع الإنساني (في غزة) على عاتق إسرائيل، لكن مفتاح منع حدوث أزمة إنسانية في غزة أصبح الآن في أيدي أصدقائنا المصريين”.
غير أن وزير الخارجية المصري سامح شكري سرعان ما رد، منتقدا تلك التصريحات، وأكد رفض بلاده القاطع “لسياسة ليّ الحقائق والتنصل من المسؤولية التي يتبعها الجانب الإسرائيلي”.
كما شدد على أن إسرائيل “هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حاليا”.
وكان مسؤولون مصريون ألمحوا سابقا إلى أن القاهرة تدرس خفض علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، عن طريق سحب سفير البلاد في تل أبيب، بعد التعنت الإسرائيلي في غزو رفح المكتظة بالسكان والنازحين.
كما احتجت القاهرة بقوة خلال الفترة الماضية على غزو رفح، قائلة إن العملية تعرض معاهدة السلام للخطر.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية يوم الأحد الماضي أيضا أنها ستنضم إلى قضية جنوب إفريقيا، التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، في علامة أخرى على تدهور العلاقات بين البلدين.
يذكر أن إسرائيل ومصر تعاونتا أمنياً في السابق على ضوء اتفاقية 1979، كما تبادلتا المعلومات الاستخباراتية لهزيمة تنظيم داعش في منطقة شمال سيناء، لكن عملية رفح زادت من الضغط على العلاقة المتوترة بشدة بين البلدين.
تزامناً مع بدء الجيش الإسرائيلي هجومه على مدينة رفح، ووسط تحذيرات القاهرة من مخاطر التهجير، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع وصور تظهر القوة العسكرية المصرية.
ومن بينها، انتشر فيديو قيل إنه لانتشار الجيش المصري على الحدود مع رفح حديثاً.
وأظهر المقطع مدرعات ودبابات عليها أعلام مصر وطائرة تحلق في الجو، فيما رجح مغردون أن يكون الفيديو قديم.
يذكر أن هذه التطورات أتت بينما أفاد مصدر مصري رفيع بأن القاهرة أبلغت إسرائيل بخطورة التصعيد بعد سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، مشددة على أنها جاهزة للتعامل مع السيناريوهات كافة.
من جهة أخرى، غادرت الوفود المفاوضة طاولة المفاوضات في القاهرة من دون اتفاق لتأمين هدنة ومنع هجوم إسرائيلي على رفح، فيما تكثف إسرائيل ضرباتها في قطاع غزة.
وأمام هذا التوتر.. يبقى التساؤل..
ماذا تملك القاهرة من أوراق قوة وضغط؟ وإلى أين ستصل مرحلة التوتر مع إسرائيل؟ أم أن ما يجري بالغرف المغلقة يُخالف الواقع؟
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم