زهير أندراوس:
رأت دراسة جديدة صادرة عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أنّه لا يبدو أنّ نظرية فرض العقوبات على الدولة السوريّة ككلٍّ ستؤثر بشكل مناسب على اقتصاد البلاد المعزول أساسًا، فسوريّة دولة لا يمكن معاقبتها كسائر الدول، فهي لم تكن قط مرتبطة بالاقتصاد العالميّ، مُشدّدّةً على أنّه ما من دليل قويّ يشير إلى أنّ العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس المهزوم دونالد ترامب ضمن قانون (قيصر) تتسبب بشرخ بين النظام وأهم حلفائه في موسكو وطهران، على حدّ تعبيرها.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّ عقوبات قانون قيصر وما يماثلها من الأوامر التنفيذية، التي لم تعد مؤذية كما كانت، ليست بحاجة إلى استبدال، حيث أنّها تعمل على نبذ الشركاء الشرعيين الذين قد يكونون مهتمين بالانخراط مع نظام الأسد الذي يحاول إعادة تأهيل نفسه حتى يصبح حكومة معترف بها دوليًا.
واستدركت أنّ “ما يستوجب إعادة تصوّر هو التعاون الأمريكي مع شركاء في المنطقة، والتراجع خطوة إلى الوراء فيما يخص التركيز المباشر على النظام، نظرًا إلى أنّ خيار إقناع الأسد أصبح من الماضي. فلا فرض عقوبات ولا الوعد برفعها وحده سيُحدث تغييرًا إيجابيًا. من جهة أخرى، من شأن تمكين وتقوية الشراكات الإقليمية الضغط على النظام بشكل أسرع وتشجيع عامة الشعب الذي بدأ بجدية عام 2011 بإحداث التغيير الذي ترغب الولايات المتحدة والأمم المتحدة برؤيته الآن”، على حدّ زعم الدراسة الأمريكيّة.
ومن ثم، أكّدت الدراسة فإنّ مراجعة الأدوات المختلفة التي تظل تحت تصرف الإدارة القادمة يمكن أنْ يضع الولايات المتحدة في موقف أفضل يخوّلها منع أي استثمارات إضافية في سوريّة من خلال تنويع الضغوط الممارسة وتقديم المساعدة إلى الدول المجاورة لسوريّة، طبقًا لما ورد في الدراسة التي أعدّها كينيث أر. روزين.
وأردفت: “سيكون أمام إدارة بايدن أيضًا فرصة لبناء المزيد من العلاقات التي يمكنها الاستفادة منها من أجل الضغط على الأسد وفق مقاربة “عبر ومع ومن خلال” لحل النزاع، ما سيساعد على فهم نقاط الضعف الحالية في عقوبات قانون قيصر وعلى إبراز أهمية هذه الشراكات الإقليمية، وما يمكن توقعه باعتباره السيناريو الأفضل والمقبول لسوريّة اليوم”، على حدّ قولها.
ومع ذلك، شدّدّت الدراسة الأمريكيّة على أنّه “يمكن لإدارة بايدن-هاريس إعادة النظر في سلامة أولئك الذي يواجهون أعباء العقوبات الأمريكية على المدى القصير بينما يتمّ السعي إلى إيجاد حل أطول أمدًا، ورغم ثقة الإدارة الحالية الواضحة بأنّ الأزمة الاقتصادية ستؤدي إلى إذعان مماثل للقوى الغربية، يُعتبر تغيير سلوك النظام قضية خاسرة، كما أكّدت.
وأشارت الدراسة إلى أنّه “بالنظر إلى الدول المجاورة لسوريّة، أيْ المناطق التي واجهت صعوبات حتى قبل اندلاع حرب أهلية في الدولة المجاورة لها وتقديم الدعم إلى تركيا ولبنان والعراق وشمال العراق، قد لا يؤدي ذلك إلى الانفصال عن نظام الأسد فحسب، بل قد يتماشى أيضًا بشكل وثيق مع الأهداف الأمريكية المعنوية والدبلوماسية في المنطقة، على حدّ تعبيرها.
وأخيرًا، خلُصت الدراسة إلى القول: “يتطلب مستقبل أكثر يقينًا للمنطقة رؤية إستراتيجية تعكس النزاع المتعدد الجنسيات المعقّد، وإلى ذلك الحين، ستستمر معاناة الشعب السوريّ”، موضحةً أنّه “في ظلّ عدم تأثّر نظام الأسد بالعقوبات، على الرئيس الأمريكيّ المُنتخَب جو بايدن النظر في ممارسة ضغوطٍ إقليميّةٍ على سوريّة، وبشكلٍ خاصٍّ على النظام الحاكم، تكون أوسع نطاقًا”، كما قالت.
سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 1/12/2020