تُعدّ الشعاب المرجانية موطناً لنحو ربع الكائنات البحرية، ويعتمد عليها ملايين الأشخاص في الغذاء والدخل، لكن التغير المناخي يهددها بالانقراض، وقد يختفي ما يصل إلى 90% منها إذا وصل الاحترار العالمي إلى 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وبينما يشهد الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا حلقة سابعة من «الابيضاض الجماعي»، ومع تعرض مساحات واسعة من الشعاب المرجانية في نصف الكرة الشمالي لخسائر فادحة العام الماضي في فلوريدا ومنطقة البحر الكاريبي بسبب درجات حرارة مرتفعة قياسية في المحيط سجلت في الأشهر الأخيرة، يسعى العلماء بشتّى الوسائل إلى وقف هذه المجزرة البيئية.
ووجد الباحثون أن بعض الأصوات تشجع يرقات المرجان على الاستقرار في قاع البحر بالحواجز المرجانية المتضررة، ما يمنحها فرصة للتجدد.
وفي دراسة حديثة أجراها باحثون في معهد «وودز هول» لعلوم المحيطات نشرت نتائجها مجلة “رويال سوسايتي أوبن ساينس” أظهرت نتائجها أن تسجيلات صوتية لمرجان سليم يمكن أن تساهم في الجهود المبذولة لاستعادة النظم البيئية المرجانية التي تضررت بسبب تغير المناخ والنشاط البشري، مؤكدة أن إحدى الطرق للمساعدة في إعادة تعمير الشعاب المرجانية قد تكون من خلال الصوت.
وبعد بث تسجيلات صوتية للشعاب المرجانية السليمة، وهي أشبه بسيمفونيات تحت الماء تتألف من «غناء أسماك» و«طقطقة مخالب روبيان»، وجد الباحثون أن هذه الأصوات تشجع يرقات المرجان على الاستقرار في قاع البحر في الحواجز المرجانية المتضررة، ما يمنحها فرصة للتجدد.
من جانبها، تقول المُعدة الرئيسة للدراسة ناديغ أوكي: إن البيئة الصوتية المحلية مهمة للغاية بالنسبة لهذه الشعاب المرجانية خلال المرحلة الأولى من حياتها، عندما تبحث عن موطن دائم للنمو، وترى في بث هذه الأصوات «أداة حيوية» في جهود الترميم.
وبعد الاستماع إلى الشعاب المرجانية في جزر فيرجن الأميركية لأكثر من عقد، خلص الباحثون إلى أن أصواتاً محددة تميز الموائل الحية والصحية عن تلك التي تضررت بسبب الابيضاض أو الأمراض أو الأضرار الناجمة عن الأنشطة البشرية.
وتوضح أوكي أن «الشعاب المرجانية السليمة تحتوي عموماً على الكثير من الأصوات المنخفضة التردد، مثل النقيق والخرخرة والهمهمات التي تصدرها الأسماك، على خلفية شبه ثابتة من أصوات الطحن والفرقعة التي يصدرها الروبيان». في المقابل تضم الشعاب المرجانية المتدهورة أعداداً أقل من الأنواع، وتكون أكثر هدوءاً.
ولإجراء دراستهم، جمع فريق العلماء عينات من نوع شديد التحمل من المرجان، يُعرف باسم «تل الخردل» اسمه العلمي «بوريتيس أستريويديس» بسبب شكله المتكتل ولونه الأصفر، ووزعوها على ثلاث شِعاب مرجانية في جزر فيرجن الأميركية، إحدى بوضع سليم والاثنتان الأخريان في حالة أكثر تدهوراً.
ثم نصب الباحثون مكبرات صوت تحت الماء لبث مجموعتهم من أصوات الشعاب المرجانية الصحية في إحدى الشعاب المتدهورة، ووجدوا أن يرقات المرجان هناك استقرت بمعدلات متوسطها 1,7 مرة أكثر من الشعاب المرجانية الأخرى في المواقع التي لم تشهد بث أي صوت.
وتقر أوكي بوجود معلومات كثيرة يتعين الحصول عليها حول كيفية استجابة الشعاب المرجانية للصوت، بما في ذلك ما إذا كانت الأنواع المختلفة تتصرف بالطريقة نفسها، وكيف تستطيع الشعاب “السمع”، ومع ذلك تشير هذه النتيجة إلى أنه يمكن دمج الصوت في جهود الترميم، رغم ضرورة خضوع ذلك للمراقبة والحماية.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين