الأطفال أسرى الصدمة: هل نجوْنا حقاً؟

صفاء صلال

يشرئبّ الأطفال الذي عايشوا الزلزال في المناطق السورية المنكوبة، بأبصارهم إلى وجوه الكبار، باحثين عن أجوبة حول ما حدث لهم. أَكل القلق والخوف عينَي علي (8 سنوات)، اللتَين لم تعرفا النوم منذ ضرب الزلزال مدينته جبلة، إذ تظلّ الكوابيس رفيقة لهما، فيما كلّما حاولتا الإقلاع نحو أرض الأحلام، تستقبلهما اللحظة التي فرّ فيها والداه به إلى الدرج. «كنت رح موت»، يكتفي بهذه الكلمات قبل أن يختبئ خلْف ظهْر والدته، التي لا يكفّ عن الطلب إليها: «يا إمّي ما بدي موت»، ممسكاً يديها بدأب وثبات. تُحدّث والدة علي، لمى الحسن (34 عاماً)، «الأخبار»، عن هذه الحالة، لافتةً إلى أنها دائماً ما تنام إلى جانب ابنها وتَهمس في أذنه بأن كلّ شيء سيكون على ما يرام، قائلةً: «هذا كلّ ما أستطيع فعله». وتشير الحسن إلى أن عينَي طفلها شاردتان على الدوام، ووجهه مصفرّ، فيما يردّد باستمرار مفردات غير مفهومة، مضيفةً أن التقيّؤ والبكاء المفرط لا يزالان يرافقانه حتى اليوم.

النجاة ليست فقط النجاة من الموت جسدياً، بل أن تنجو نفسياً أيضاً

أمّا محمّد (10 سنوات) فيظلّ طيلة الليل ممسكاً بيد أخته التوأم رند، التي لا تفتأ تُردّد له: «يا ضوء عيني يا خيي لا تتركني»، فيما تتلافى أمّهما ترْكهما وأخويهما وحيدَين منذ الكارثة، ولو لبرهة. تقول السيدة، لـ«الأخبار»، إن «أصغر حركة في المنزل باتت مصدر ذعر، حتى لو كانت حركة إغلاق الباب»، مضيفةً أن «أطفالها يرزحون تحت ضغط نفسي هائل»، وأنهم «عند حدوث أيّ هزّة ارتدادية يهرعون إلى الدرج مباشرة». ومن هنا، تعتقد أن «النجاة ليست فقط النجاة من الموت جسدياً، بل أن تنجو نفسياً أيضاً». بدورها، تجلس أم محمد على قارعة الرصيف في حيّ الصالحين في حلب، ملتحِفةً ابنَيها: محمد ذا الثلاثة أعوام، وهنا ذات العام الواحد، قائلةً لـ«الأخبار» إن «ابنها لا ينام، وإن إسهالاً مفرطاً» أصابه منذ الواقعة.

ad

إزاء ذلك، يوضح الاختصاصي النفسي، سام صقور، أن «اضطراب كرب ما بعد الصدمة الذي يصيب الأطفال، يختلف من طفل إلى آخر تبعاً للعمر»، مبيّناً أن «غالبية الحالات تكون على شكل نوبات ذعر أو كوابيس وأحلام وبكاء وتقيّؤ، فيما أخرى تكون في صورة تبلّد، وثالثة لا تَظهر عليها الأعراض على الفور، بل فيما بعد، ربّما بعد سنة أو أكثر». ويشدّد صقور على أن «الأطفال بحاجة ماسّة إلى دعم المحيط، ومنْحهم الشعور بالأمان والراحة»، مضيفاً أن «على الأهل مساعدة أولادهم في التعبير عن دواخلهم سواءً بالحديث أو الرسم».

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية