تعكس مشاهد الأسواق خلال هذه الأيام، التي باتت تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، حالة الجمود أو ما يشبه المراوحة في المكان التي لا تزال هي السائدة، في وقت يأمل فيه التجار أن تتغير الحال إلى الأفضل وتتحسن الحركة مع اقتراب العيد أكثر، وبما يتناسب مع استعداداتهم وتحضيراتهم لموسم يعدّ بالنسبة لهم واحداً من أبرز مواسم التسوّق خلال العام.
في أسواق المدن كما في القرى والبلدات، لا تزال حركة التسوق اعتيادية، وكأن لا شيء يوحي بأن العيد على الأبواب، وحتى وإن ارتفعت وتيرة المتسوقين في ساعات المساء، فهي كما يبين أحد تجار الألبسة حركة لا تزال ضعيفة ولا ترتقي إلى مناسبة كمناسبة العيد، فأغلب المتسوقين يأتون للفرجة أحياناً أو السؤال عن الأسعار أحياناً أخرى ، لافتاً إلى أن انشغال نسبة كبيرة من الأهالي بامتحانات أبنائهم التي تزامنت هذا الموسم مع قدوم العيد، حدّ كثيراً من الإقبال على التسوق والشراء، فضلاً عن الانشغال أيضاً بموسم الحصاد الذي بدأ للتو، على حدّ تعبيره.
وفيما أعرب التاجر عن أمله بتحسن الحركة في الأيام القادمة، فإنه في الوقت نفسه يخشى من أن تستمر حالة الجمود في الأسواق بفعل ضعف القدرة الشرائية لدى شريحة كبيرة، حيث لم تعد قادرة على مجاراة أسعار الألبسة، والتي يراها طبيعية قياساً بالتكاليف المرتفعة، ولكنها تعد مرتفعة إذا ما قورنت بمستوى الدخول المنخفض.
حال أسواق الألبسة ينطبق على أسواق الحلويات والمكسرات أيضاً، حيث يواصل أصحابها استعداداتهم للعيد وتحضير الضيافة والتفنن في عرضها على الواجهات لجذب الزبائن.
وحسب ما يرى صاحب محل للحلويات، فإن الحديث عن ركود الأسواق ما زال مبكراً بعض الشيء، إذ لا يزال هناك متسع من الوقت كي تستعيد الحركة عافيتها مع اقتراب العيد أكثر.
وحول تحضيرات، أشار التاجر إلى أنه يحاول التنويع بين معروضاته من الحلويات بما يتناسب مع القدرة الشرائية، فكما يوضح، ثمة أصناف بأسعار مقبولة تبدأ من ٥٠ ألف ليرة للكيلو الواحد كبعض أنواع البرازق والغريبة والمعمول والبيتي فور، وهذه يجري تجهيزها باكراً لتكون حاضرة في حال اشتد الطلب عليها، فيما تحجز الحلويات المرتفعة الثمن مكانها هي الأخرى بأصناف قد تصل إلى ٤٠٠ ألف ليرة وأكثر، ولكن هذه الأصناف يتم إعداد أغلبها حسب التواصي.
وتعد الأسعار التي سجلتها مستلزمات العيد من ألبسة وحلويات هذا الموسم أحد أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف الحركة الشرائية وتأخرها رغم دخول فترة التحضير للعيد، وحسب المحلل الاقتصادي عبد اللطيف أحمد، فإن التضخم الحاصل في أسعار الألبسة سجل مستوى قياسياً آخر، وصل إلى ما يقارب الـ١٠٠٪ مقارنة مع العام الماضي، فيما تراوحت النسبة فيما يتعلق بأسعار الحلويات ما بين ٥٠ إلى ٧٠٪، وهذه الارتفاعات تعد قياسية، في الوقت الذي لا تزال القدرة الشرائية ضعيفة لدى الكثيرين ممن لا يستطيعون مجاراة هذه الارتفاعات الحاصلة، لافتاً إلى أن أغلبية الأسر باتت تتعامل مع الأمر بمبدأ الأولويات والبحث عن بدائل للتسوق، تتناسب مع قدراتها المادية التي بالكاد تكفي لتغطية النفقات اليومية ولم تعد تعير اهتماماً كبيراً للأعياد والمناسبات.
وأضاف الأحمد: إن تحريك الأسواق سيكون في قسم كبير منه رهناً بتحويلات المغتربين، التي تسهم إلى كبير في تحسين القدرة الشرائية وضخ السيولة في الأسواق. وفيما توقع المحلل أن تزداد هذه التحويلات في الأيام القادمة، فإنه بالمقابل يرى أن حجم التحويلات لن يصل إلى ما كانت عليه خلال موسم رمضان وعيد الفطر، مشيراً إلى غياب مهرجانات التسوق هذا العام، والتي شكلت في مواسم سابقة ملاذاً لذوي الدخل المحدود للاستفادة من التنزيلات والعروض التي عادة ما كانت تقدمها.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين