| علي عبود
رأى ملايين السوريين أن الأمر خطير جدا جدا كي يدعو مجلس الشعب إلى جلسة استثنائية لمناقشة الوضع الاقتصادي وتدهور الأحوال المعيشية لملايين السوريين، ونجزم ان رئيس الحكومة تفاجأ بردات الفعل على الدعوة لهذه الدورة الإستثنائية ليس من المواطنين الذين لم يعد دخلهم يكفي لشراء الفلافل فقط ، وإنما بردات فعل عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب ومن أساتذة وخبراء في الاقتصاد أيضا!!
الملفت أن يحتكر رئيس الحكومة الإطلاع على المعلومات لوحده دون الآخرين، وإذا كان لديه معلومات سرية فإن السؤال: لماذا إحفاء مايضرّ السوريين عن الإعلام؟
نعم، كما قال رئيس الحكومة (أن الأمر خطير جداً، لكن الواقع يقول إن الخطورة هي الحالة الدائمة والسائدة منذ أن شن أعداؤنا حربهم على سورية لا بل إن التحليلات والحسابات الاقتصادية التي تحدث عنها أعداؤنا منذ انطلاق الحرب قبل 12 عاماً تشير إلى أنه كان يفترض أن تفلس الدولة السورية وأن تنهار اقتصادياً منذ عام 2012)!
السؤال: هل هذه المعلومة سرية فعلا؟
لقد أكد النائب الاقتصادي السابق في حكومة المهندس محمد ناجي عطري بتصريح كناطق رسمي باسم الأمم المتحدة في عام 2011 : اشك بأن الحكومة السورية قادرة في عام 2012 على صرف رواتب العاملين في الدولة!!
و لكن الدولة استمرت حسب ماجاء في بيان رئيس الحكومة الموجه للسوريين عبر ممثليهم في مجلس الشعب( بمسؤولياتها الاقتصادية بمختلف القطاعات، على مستوى سياسات التوظيف والرواتب والأجور والتعليم والتربية والصحة والكهرباء والقمح والطاقة، إضافة إلى الاستمرار في تأمين الميزانيات للمؤسسة العسكرية بعتادها وقواتها، وقد لا يكون تأمين هذه المسؤوليات بالحدود القصوى لكنها بقيت مؤمنة بالإمكانات المتاحة).
السؤال: هل توقع السوريون من دولتهم ان تفلس فعلا ولا تتمكن من ممارسة مسؤولياتها تجاه البلاد والعباد؟
لانتصور أن السوريين يشكون بقدرة الدولة التي تستند على قطاع عام واسع ، وعلى تحالفات استراتيجية عمرها عدة عقود وليس سنوات ان تخفق بمواجهة حرب إرهابية عالمية، وهي التي سبق لها أن انتصرت على حرب مشابهة لها في ثمانينات القرن الماضي، وحينها لم يكن في مستودعاتها طن واحد من الطحين لنصنيع الرغيف!
المسألة لم تكن خلال السنوات العشر الماضية بقدرة الحكومات المتعاقبة على منع الإنهيار الاقتصادي بفضل السياسات الاقتصادية السابقة المنحازة للإقتصاد الإنتاجي، وإنما في عجزها عن تمكين ملايين السوريين، وآلاف المنتجين في القطاعين الزراعي والصناعي من التصدي بفعالية قصوى لما خطط له الغرب الإستعماري لتدمير سورية إقتصاديا واجتماعيا!
ماحدث يؤكد أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 لاتستمع للآخرين، فهم بالنسبة لها جاهلون لايدرون مايجري على أرض الواقع، ولا هي شفافة لتصارح السوريين بإخفاقاتها في مواجهة التحديات المصيرية!
السؤال الذي يتطلب إجابة من قبل الغيورين على الوطن: هل السوريون (حسب قول رئيس الحكومة) غير قادرين على رؤية الظروف الخطيرة وتحدياتها والتعامل معها، أم تكمن في رؤيتها ثم إنكارها وتجاهلها ، وبالتالي الإستمرار بنفس السياسات دون أي تغيير وكأنّ شيئا لم يكن؟
لانتصور ان من فقد ابنا وأبا وقريبا وصديقا في الحرب الإرهابية على سورية أقل قدرة من الحكومة على رؤية الظروف الخطيرة التي مرت ولا تزال تمر على سورية، ولا نتصور إن آلاف السوريين الذين انتقلوا من الوفرة بتأمين مايفيض عن احتياجاتهم اليومية من السلع والخدمات إلى وضع لايتيح لهم شراء الفلاقل أقل قدرة من الحكومة على رؤية الظروف الخطيرة التي تمر ولا تزال تمر بها سورية..!
السؤال سيبقى بلا إجابة في الأمد المنظور: ماذا فعلت الحكومات المتعاقبة لاستثمار إمكانيات الدولة الهائلة لتمكين السوريين من مواجهة مخططات الأعداء إقتصاديا واجتماعيا؟
(سيرياهوم نيوز3-خاص)