ريم هاني
كما كان متوقعاً، أصبح السباق الرئاسي قبل أقل من أسبوع على موعد الانتخابات الأميركية، محتدماً إلى حدّ كبير. ورغم «الزخم» الذي ضخّه تنحي المرشح الديموقراطي، جو بايدن، في تموز، عن الانتخابات الرئاسية، وترشيحه لنائبته كامالا هاريس مكانه، في أوساط القاعدة الديموقراطية، إلا أن تقدم هاريس على منافسها الجمهوري، دونالد ترامب، تضاءل في المرحلة الأخيرة من المنافسة الرئاسية الأميركية، مقارنة بأيلول الماضي، بعدما أصبحت تتقدم بنقطة مئوية واحدة فقط عليه (44% – 43%)، بحسب استطلاع أجرته وكالة «رويترز» بالتعاون مع «إبسوس»، الثلاثاء. وفي المقابل، لا يزال ترامب يتصدر استطلاعات الرأي في مسألة الاقتصاد، وهي قضية جوهرية بالنسبة إلى عدد من الناخبين، مقابل تراجع الدعم لهاريس في قضية مكافحة التطرف السياسي، طبقاً للاستطلاع نفسه، الذي يبلغ هامش الخطأ فيه ثلاث نقاط مئوية في كلا الاتجاهين.
وسلّط احتدام السباق الضوء على التموضع المتوقع للناخبين العرب – الأميركيين، ولا سيما في ولاية ميشيغان المتأرجحة، بعد فشل هاريس في التغطية على دعم إدارتها للعدوان الإسرائيلي على كل من غزة ولبنان، والذي شكّل، طبقاً لاستطلاعات رأي عدة، أولوية بالنسبة إلى الفئة المشار إليها، متجاوزاً حتى قضايا الاقتصاد والهجرة وعنف الأسلحة. ورغم أنّ عدداً من استطلاعات الرأي لا تزال تشير إلى أنّ هاريس تتقدم على منافسها في أوساط الناخبين العرب، ومن بينها استطلاع أجرته شبكة «سي أن أن» الأميركية أخيراً، وأظهر تقدمها على ترامب بنسبة 48% مقارنة بـ43% في ميشيغان مثلاً، إلا أنّ توسيع إسرائيل لعدوانها على غزة ولبنان يلقي، قبل أيام من الانتخابات، بظلاله على فريق حملة هاريس، بعدما أعلن عدد من الناخبين العرب أنّهم لن ينتخبوا أياً من المرشحين، فيما أعلن آخرون نيتهم دعم طرف ثالث، أو عدم رغبتهم في التصويت أصلاً، ما يهدد حظوظ المرشحة الديموقراطية، التي أصبحت، بالفعل، بعيدة كل البعد عن حصد الأرقام نفسها التي حصدها بايدن عام 2020، في أوساط تلك الفئة من المواطنين.
وفي ميشيغان تحديداً، معقل عدد من الناخبين العرب وأكثر من 82 ألف لبناني – أميركي، 23 ألفاً منهم في مدينة ديربورن، تبدو آثار «النقمة» أوضح من أي مكان آخر؛ فبحسب مجلة «فورين بوليسي»، ينحدر عدد من هؤلاء السكان من مناطق في جنوب لبنان، وهم ليسوا «غرباء عن الصراع»، ولا سيما أنّ بعضهم أبناء آباء هاجروا إلى ميشيغان بعد الغزو والاحتلال الإسرائيلي للبنان في عام 1982، بينما غادر آخرون عام 2006، في أعقاب الحرب الإسرائيلية. وطبقاً للمجلة، ستكون لهؤلاء، على الغالب، «بصمتهم»» في الانتخابات الأميركية، بعدما ابتعد الأميركيون العرب في ميشيغان على نطاق واسع عن الحزب الديمقراطي هذا العام، مدفوعين بما يرون أنه تواطؤ أميركي في معاناة المدنيين الفلسطينيين، وحالياً اللبنانيين. وخلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي في ميشيغان، صوّت أكثر من 100 ألف شخص لحركة «غير ملتزم»، احتجاجاً على التزام إدارة بايدن الثابت تجاه دعم إسرائيل.
يرى الكثير من العرب – الأميركيين أنّه يجب «معاقبة» الحزب الديموقراطي، حتى لو أدى ذلك إلى فوز ترامب
على أنّه رغم ذلك، رفضت هاريس، خلال «المؤتمر الوطني العام» في آب، إعطاء دور لمتحدث أميركي فلسطيني، كما أنّ حملتها لم تستجب لطلب الحركة عقد اجتماع مع قادتها قبل الـ15 من أيلول، ما دفع بالأخيرة إلى إعلان رفض تأييد هاريس أو ترامب أو أي طرف ثالث. في المقابل، اتخذت حركة أخرى، وهي «التخلي عن هاريس»، نهجاً مختلفاً، إذ أيدت علناً مرشحة «حزب الخضر» للرئاسة، جيل ستاين. ووفقاً لمسح أجراه «مجلس العلاقات الإسلامية – الأميركية» أواخر آب، نالت ستاين دعم 40 في المئة من العرب الأميركيين في ميشيغان، وتلاها ترامب بنسبة 18 في المئة ثمّ هاريس بنسبة 12 في المئة. وهذا الشهر، خرجت تظاهرات مؤيدة للبنان وغزة في الولاية، رُفعت خلالها شعارات منددة بكل من ترامب وهاريس، وقال خلالها مسؤولون عن الجالية العربية إنهم لا يرون فرقاً بين هاريس وترامب في قضية فلسطين ولبنان، ولا سيما أنّ واشنطن قادرة على إنهاء الحرب بـ«اتصال هاتفي»، في حال أرادت ذلك.
بالأرقام
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، ورغم محاولة هاريس الإيحاء بأنّها ستتبع سياسة مختلفة إذا تم انتخابها، فإن غالبية قادة الجالية المسلمة والعربية لا يصدقونها، ولا سيما أنّهم غير قادرين على «دعم أربع سنوات إضافية من التواطؤ في القتل الجماعي للمدنيين في غزة». عليه، يرى الكثيرون منهم أنّه يجب «معاقبة» الحزب الديموقراطي، حتى لو كان دعم مرشح ثالث قد يؤدي إلى فوز ترامب. ورغم أنّ البيانات التي تغطي تلك الفئة من الناخبين هي «نادرة»، إلا أنّ أحد الاستطلاعات أظهر تقدم ترامب بنسبة ضئيلة على هاريس في أوساطها، علماً أنّه في أواخر الشهر الماضي، أصدرت مجموعة كبيرة من الزعماء الدينيين «رسالة مفتوحة» تدعو الناخبين المسلمين إلى دعم مرشح ثالث. من جهته، وجد استطلاع أجراه «المعهد العربي الأميركي»، بداية شهر تشرين الأول، أنّ هاريس لا تزال متخلّفة بـ18 نقطة عن بايدن، في ما يتعلق بالدعم في أوساط الناخبين العرب والأميركيين، الذين وضعوا الحرب في غزة على سلّم أولوياتهم مقارنة بسائر القضايا. واللافت، أنّ الاستطلاع وجد أن ترامب وهاريس متعادلان تقريباً (42% لهاريس مقابل 41% لترامب)، فيما يؤيد 12% من الناخبين العرب مرشحاً ثالثاً. وقد أشار هؤلاء إلى أنّ دعمهم سيتحول تلقائياً إلى أي من المرشحَين، فور إعلانه التوصل إلى وقف لإطلاق النار ودخول المساعدات إلى قطاع غزة؛ إذ سيرتفع التأييد لهاريس بنسبة 60%، لتستحوذ على ثلث داعمي ترامب، وجميع داعمي أي مرشح ثالث، فيما سترتفع نسبة تأييد ترامب إلى55%، بعد أن يستحوذ على ربع ناخبي هاريس، على أن تذهب نصف الأصوات إلى مرشح ثالث. وبطبيعة الحال، تراجع «الزخم» في أوساط العرب – الأميركيين للإقبال على الانتخابات هذا العام، إذ 63% منهم متحمّسون للتصويت بشكل عام، فيما 55% من الشباب الذين تُرواح أعمارهم بين 18 و29 عاماً غير متحمّسين، علماً أنّ إقبال الناخبين العرب على الانتخابات، كان يبلغ، تقليدياً، 80%.
سيرياهوم نيوز١_الاخبار