إيناس سفان
في اللحظة التي فقد فيها السمع أيقنت أني لن أكون أمه فقط بل الحاسة التي فقدها فخصصت له كل وقتي ورافقته في كل مكان بهذه الكلمات تختصر جهينة الخاطر قصتها مع ابنها الذي تنتظر تخرجه من كلية التربية بفارغ الصبر.
الخاطر التي تعلمت لغة الإشارة لتضمن أفضل تواصل مع ابنها تقول لمندوبة سانا: “محمد يبلغ اليوم 21 عاماً ويتابع دراسته في السنة الأخيرة بكلية التربية بجامعة دمشق ليكمل حلمه وحلمي”.
وعن بداية القصة تذكر الخاطر أن ابنها أصيب بالصمم وهو في الثانية من عمره وكانت لحظة فارقة بحياتها كما تصفها فقد أيقنت أنها يجب أن تكون الحاسة التي فقدها وخصصت له كل وقتها ورافقته إلى الروضة والمدرسة والآن في الجامعة مؤكدة أنها لم تهمل دورها كأم لثلاثة أبناء غيره وزوجة ومدرسة لمادة اللغة الإنكليزية.
وعن أجمل لحظة اختبرتها تبين الخاطر أنها نتيجة أول امتحان قدمه بالجامعة وهي حالياً تنتظر حلم تخرجه معتبرة أن ما يساعدها تعاون أفراد الأسرة وإدارة الجامعة التي سمحت لها حضور المحاضرات معه.
وتقول الخاطر: إنها ستقدم كل ما بوسعها ليصل ابنها إلى المستقبل الذي يتمناه وألا يشعر بأي اختلاف عن غيره معتبرة أن كل إنجاز يحققه هو هدية لها كأم ولا يتعلق الأمر بيوم أو عيد.
وبتفاصيل مشابهة رهنت كيندة مقداد حياتها لطفلها يعرب ذي العشر سنوات منذ تشخيص إصابته بطيف التوحد وتقول لـ سانا: “بعد اكتشاف حالته نذرت نفسي لأجل تعليمه وتربيته ومرافقته في المراكز المختصة بهذا النوع من الإعاقة وهو الآن في الصف الثاني في إحدى مدارس الدمج وتجاوز الكثير من صعوبات التعلم إلى جانب إتقانه مهارة العزف”.
مقداد التي لا يزعجها عدم إدراك ابنها لكلمة أم ومعنى عيد الأم ترى أن لحظات الفرح التي تعيشها في كل تقدم له هي هديتها.
ومن تجربتها تدعو مقداد أمهات الأطفال ذوي الإعاقة إلى عدم الالتفات لتنمر البعض ومواقفهم السلبية تجاه الأطفال فهم يفعلون ذلك لجهلهم بل يجب عليهن تركيز اهتمامهن على الطفل فهو من يستحقه.
تجربة مقداد والخاطر تعيشها شاديا عاقل بشكل مضاعف لكونها أماً لولدين كفيفين منذ الولادة وتقول عاقل عن هذه التجربة: بذلت كل جهدي أنا وزوجي وابنتي ليصل جعفر 18 عاماً إلى صف الثالث الثانوي وحمزة 14 عاماً إلى صف التاسع وهما يدرسان حالياً بمعهد التربية الخاصة للمكفوفين بدمشق.
وتبدو علامات الفخر والسعادة على وجه عاقل وهي تتحدث عن ولديها واجتهادهما في الدراسة وتذكر كيف تعلمت طريقة الكتابة بلغة “برايل” لتتابع دروسهما ونقلت عملها إلى المعهد الذي يدرسان به منذ الصف الأول لتكون أقرب إليهما وكل أملها اليوم أن تتحقق رغبة جعفر بدراسة الأدب الإنكليزي وحلم حمزة بدراسة الأدب العربي المادة التي يحب.
ولم تخل تجربة عاقل من الصعوبات كأي أم لطفل ذوي إعاقة خاصة في المرحلة العمرية الأولى على حد قولها لتعليمهما الاعتماد على نفسيهما والتغلب على عاطفة الأم التي تدفعها لعدم تركهما بمفردهما.
وتلازم رقية طالب ابنها علي محمود منذ 30 عاماً كظله فهما لا يفترقان أبداً حيث تعمل معه الآن في مجال الإعلام بعد تخرجه من الجامعة وتذكر أن علي الذي يعاني من إعاقة حركية شديدة حملها مسؤولية كبيرة أدتها بكل معاني الأمومة وتابعت نجاحه بكل مرحلة دراسية ولا تزال تشاركه كل خطوة ونجاح مشيرة إلى أن عيد الأم يتمثل لديها بفرحة علي وما حققه من إنجازات رغم إعاقته.
سيرياهوم نيوز 6 – سانا