آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » (الأنا اللعينة)!

(الأنا اللعينة)!

غانم محمد
عندما تناقش أي مواطن.. أي مواطن دون استثناء، يحاول أن يقنعك أنّه بقمّة الالتزام (الوطني والاجتماعي والإنساني…)، وأنّ العلّة في الآخرين، الذين لو أنّهم حذوا حذوه لكانت أمورنا بألف خير…
تدرك لاحقاً أنّه حصل على مستحقاته من مازوت التدفئة، وأنّه لا يستخدم هذه المخصصات، بل أنّه يستخدم الحطب (ويمكن أن نعتبر ذلك حقاً له ولو على مضض).. قد تحتاج إلى بضعة ليترات من عنده (تمشاية حال)، فيقول لك: لا تزعل منّي، الناس يبيعون الليتر بألف ليرة، ولأنك غالٍ عليَّ، فقط أريد منك (900) ليرة، يعني (البيدون بـ 18000) ليرة!
وقد (نعضّ) على شفاهنا، ونقول: مخصصاته وهو حرّ بها (نظرياً)، وليست هذه هي قضيّة الساعة التي نناقشها هنا.. المشكلة أنّ لا أحد يرى أخطاءه، ولا أحد يعترف بأنّه شريك في (أزمة وطن)، وبمجرد اعترافه بذلك سيتحوّل إلى جزء من الحلّ!
في موضوع مازوت التدفئة، أجزم أن 90% من أهالي القرى المصنّفة (باردة) لا يستعملون المازوت من أجل التدفئة لأكثر من سبب، يمكن أن نشرحها ببساطة:
–  لو أنّهم يعتمدون على المازوت بالتدفئة، لكان حريّ أن تُؤمن لهم كمية لا تقلّ عن ألف ليتر سنوياً لأننا نعرف البرد وقد نخر عظامنا، والـ (100) ليتر أو حتى الـ (200) ليتر لا تكفيهم بضعة أيام.
– ولأنّهم قريبون من الحراج، ولديهم بقايا أشجارهم، ولأن (الدفا عفا)، فهم ومن الصيف يؤمنون حاجتهم من حطب التدفئة.
– المشكلة أنّ الطرفين (المواطن والدولة) يعلمان هذه الحقيقة، ومع هذا فالطرفان أيضاً يقفزان فوقها.
لا نطالب بحرمان أحد من مازوت التدفئة، ولا تستطيع أي جهة مجرد التلميح لهذا الأمر، ولكن، وعلى مبدأ القياس على قصة، يُحكى أنها حدثت مع مهندس سوريّ في طوكيو، وقد أوجزتها في مقال سابق، وتقول: إن بلدية طوكيو أعلنت قبل شهر عن موعد تقنين كهربائي لمدة ساعتين في كلّ أحياء العاصمة اليابانية، من منتصف الليل حتى الثانية فجراً، وأنّ مهندساً سورياً ينزل في شقة مفروشة هناك، فوجئ بأن الكهرباء مقطوعة عن كامل طوكيو باستثناء الشقة التي ينزل بها، وفي اليوم التالي سأل أحد اليابانيين عن السرّ، فقيل له: الحكومة تعلن عن التقنين، والمواطنون هم من يفصلون التيار عن منازلهم.
ما أريد قوله، متى نوفّر السلعة التي يمكننا الاستغناء عنها من أجل الذين لا يحصلون عليها، ومازوت التدفئة من هذه السلع؟
(سيرياهوم نيوز-الوحدة3-2-2021)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية: بين المشورة واتخاذ القرار

  حسان نديم حسن في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم وتنامي أهمية المؤسسات التشاركية، تبرز المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية كأدوات حيوية للإدارة وتقديم الخدمات ...