آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الإجهاض والموت الرحيم والقضايا الاجتماعية في الواجهة: أخيراً… بيدرو ألمودوفار متوّجاً في «البندقية»

الإجهاض والموت الرحيم والقضايا الاجتماعية في الواجهة: أخيراً… بيدرو ألمودوفار متوّجاً في «البندقية»

شفيق طبارة

 

البندقية | انتهت النسخة الحادية والثمانون من «مهرجان البندقية السينمائي الدولي» أول من أمس، بشعور متناقض في ما يتعلق بالجوائز لأنّ الفيلم الذي كان يستحقّ قطعاً جائزة الأسد الذهبي» هو «الوحشيّ» لبرادي كوربيت، قطعاً، لكنه أخذ جائزة أفضل مخرج. في الوقت نفسه، لا يمكن ألا نفرح بنيل المعلّم الإسباني بيدرو ألمودوفار «جائزة الأسد الذهبي» للمرة الأولى عن فيلمه الرائع «الغرفة المجاورة» (الأخبار 5/8/ 2024) الذي يدافع عن مفهوم القتل الرحيم، فـ «توديع هذا العالم بشكل صحيح وبكرامة هو حق أساسي لكل إنسان» وفقاً لما قال ألمودوفار لدى تسلّم الجائزة. أما جائزة أفضل ممثل، فذهبت إلى الفرنسي فنسان ليندون في «الابن الهادئ» (الاسم الفرنسي هو «اللعب بالنار») لدلفين كولان وموريال كولان (فرنسا) اللتين تستكشفان ديناميكيات الأسرة وسط التطرف اليميني.

 

سارة فريدلاند: «بصفتي فنانة يهودية أميركية، أقبل هذه الجائزة في اليوم الـ336 على الإبادة الإسرائيلية في غزة والعام الـ76 على الاحتلال»

 

 

 

تيلدا سوينتن وجوليان مور في «الغرفة المجاورة» المتوّج بـ «الدب الذهبي»

 

أما جائزة لجنة التحكيم، فقد ذهبت للفيلم الإيطالي «فيرميلليو» للمخرجة مورا ديلبورو. فيلم هادئ وجميل تدور أحداثه في السنة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، وينطلق من قرية فيرميلليو الإيطالية، ليستكشف قصة عائلة كبيرة وصراعات النساء والذكور فيها وفي المجتمع ككل. وراحت جائزة أفضل ممثلة للممثلة الأسترالية نيكول كيدمان عن فيلم «بيبي غيرل» (الأخبار 2/8/ 2024 ــــ إخراج الهولندية هالينا ريين) الذي يمكن القول بأنّه شريط «إباحي» معقّم يلتزم بتعليمات حركة «مي تو»، فيما نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة فيلم «أبريل» (إخراج ديا كولومبيجاشفيلي) من جورجيا، الذي يحمل نكهة وثائقية، ويتكلم عن حق الإجهاض. ولا بد من التوقّف عند فيلم «لا أزال هنا» (جائزة أفضل سيناريو) للمخرج البرازيلي وولتر ساليس الذي يقدّم قصة مأخوذة من الأخبار، من أبطال حقيقيين. إنّه ملحمة تأخذنا من السبعينيات إلى عام 2014 عن الديكتاتورية العسكرية القاسية التي شهدتها البرازيل في السبعينيات، عن التعذيب والمختفين، ولكن قبل أي شيء هو عن الآثار المدمرة التي خلفها التاريخ المأساوي على العائلات التي دخلت فجأة في دوامة من الخوف والرعب. أما فيلم «الوحشي» الذي كان يستحق ـ برأينا ــ «الدبّ الذهبي»، فهو الثالث للمخرج المذهل برادي كوربيت. يتمتع العمل بعظمة متدفقة، خارج الزمن وخارج القاعدة، نحو أقصى العواقب الجمالية والسردية. يحلّق «الوحشيّ» عالياً في نواياه السامية، يحكي عن الهندسة المعمارية، والهولوكوست، والمنفى، وكواليس التاريخ والفن عبر حياة خاصة. يقوم كوربيت وزوجته مونا فاستفولد بكتابة و«بناء» السيرة الذاتية الخيالية للازلو توت (أدريان برودي)، المهندس المعماري اليهودي المجري، الذي فرّ إلى الولايات المتحدة من معسكرات الإبادة. يهتم كوربيت بـ«التجربة الأميركية». لذلك يبدأ فيلمه في نهاية الأربعينيات، مع وصول توت إلى نيويورك وإقامته المضطربة والفقيرة في فيلادلفيا. هناك يلتقي بالملياردير هاريسون لي فان بورن (غاي برس)، الذي يفتح له طريقاً محتملاً للنجاح، لكنه يفتح أيضاً أبواب الخضوع التي قد تلغي رؤيته الفنية. وبين كل هذا، هناك العلاقة العاطفية المضطربة مع زوجته إيرزيبيت توت (فيليستي دونز) وابنة أخته زوفيا (رافي كاسيدي). إن طول مدة الفيلم (ثلاث ساعات وثلاثون دقيقة)، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بطبيعته، وبفكرة كوربيت عن السينما، وببحثه عن العظمة في كل الاتجاهات الفنية الممكنة. كل شيء هائل في الفيلم، ولكنه لا يصبح زائداً عن الحاجة أبداً، منذ مشهد الافتتاح المهيب، مع تمثال الحرية الذي يُرى من منظر غير عادي، ملتوياً ومقلوباً، ومع ذلك أكثر واقعية، ومبهجاً، ورمزياً، إلى النهاية التي تحتوي صليباً مقلوباً، إذ يقوم كوربيت بقلب رموز الولايات المتحدة الأميركية رأساً على عقب. «الوحشيّ» عمل فني شامل يعرض بوقاحة كل عظمته، ويدعمه كل شيء، من التصوير السينمائي، إلى أداء أدريان برودي العظيم والموسيقى التصويرية المبجلة لدانيال بلومبرغ. «الوحشي» هو نقاء وجنون السينما، فيلم مستحيل، معجزة إتقان الوقت، يصوّر فيه كوربيت برشاقة وحشية التاريخ. أخيراً، لم تخل الدورة الحادية والثمانون من مواقف فردية تضامنية مع غزّة ومندّدة بالوحشية الصهيونية. إلى جانب حضور بعض الفنانين بحقائب وملصقات ودبابيس تضامنية مع القطاع المذبوح، اعتلت المخرجة الأميركية سارة فريدلاند المسرح في ختام المهرجان يوم السبت. وقالت أثناء تسلّمها جائزة عن فيلمها «فاميليار تاتش» في قسم «آفاق»: «بصفتي فنانة يهودية أميركية (…)، لا بد لي أن أشير إلى أنني أقبل هذه الجائزة في اليوم الـ336 على الإبادة الإسرائيلية في غزة والعام الـ76 على الاحتلال».

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الثقافة واقع ومآلات

    | إسماعيل مروة   كتب باحثون عن تقزّم دور الثقافة، وصدرت كتب عن الآليات التي سعت فيها القوى الفاعلة في العالم إلى ضرب ...