سلمان عيسى
منذ حوالي أربعة أعوام كتبت تحقيقاً عن محاولة تهريب لبعض القطع الأثرية.. وبعدها بفترة وجيزة كتبت أيضاً عن ضبط كميات كبيرة من الحديد والبذار دخلت إلى المحافظات السورية بطريقة غير شرعية .. حينها أخبرتني إحدى الزميلات أنها احتاجت معلومات من إدارة الجمارك عن قضية كانت تتابعها وعندما قدمت نفسها رفضوا التعاون معها بالمطلق وأشاروا لي بشيء من السوء.. والتهكم على تلك التحقيقات التي كتبتها ..
اليوم يتكرر الموقف وبصورة أبشع وأكثر تنمراً وتمرداً حتى على البلاغات والقرارات لناحية تسهيل عمل الصحفيين وتزويدهم بالمعلومات.. لكن الواضح فعلاً أن توجيه الإدارات هو أهم بكثير.
هذه المرة أتت من إدارة فرعية وصلت إلى هذا الموقع في «ظروف غامضة»..
منذ أيام كنت أبحث عن معلومات حول قضية غاية في الأهمية والخطورة.. أحد أطرافها جمارك طرطوس.. هي قضية مهملة منذ العام 2014.. اتصلت بإدارة جمارك طرطوس وسألت عن هذه القضية.. وعلى الفور أجابت الإدارة (بدك تسأل الأمم المتحدة).. قلت: وما علاقة الأمم المتحدة بقضية جمركية مهملة منذ أعوام؟.. قالت: (إن الموضوع قديم وقبل هذه الإدارة.. وهو يحتاج جلسات ووقتاً طويلاً حتى ننكشه)..
قلت لا مشكلة أي وقت يناسبكم..؟
فكان الجواب: (أنت تعلم أنه ممنوع علينا إعطاء أي معلومة لأي جهة كانت من دون الحصول على موافقة الإدارة المركزية.. وأن هذا الموضوع هو في يد إدارة المرفأ.. وقد قرأنا منذ أيام تصريحاً لوزير النقل على الشريط الإخباري يدحض المعلومة.. وهناك جهة خاصة في المرفأ هي التي تتابع مثل هذه القضايا..).
قلنا: ما نسأل عنه هو في مستودع المتروكات الذي هو تحت إشراف الجمارك بل إن هذه المستودعات هي حرم جمركي وليست من حرم المرفأ.. وتصريح وزير النقل صحيح.. فلا شيء من هذا القبيل في المرفأ وتحت إشراف الوزارة أو إدارة المرفأ..؟
التهرب من المسؤولية أصبح سمة الكثير من المديرين العامين أو الفرعيين.. ويبدو أن توجيهات بعض الجهات بعدم إعطاء معلومات للإعلام رغم أنها مخالفة للقرارات الحكومية إلا أنها أصبحت شماعة للمستهترين وطلاب الكراسي لكيلا يعملوا.. أن يقبضوا فقط.. وللعلم ليست إدارة الجمارك وحدها هي التي تقيد موظفيها بل معظم الإدارات وبعض الوزارات أيضاً.. وهنا حالة التناقض الكبيرة بين ما يقر في الحكومة «بالجملة».. ويخالفه الوزراء«بالمفرق».. لكن للأمانة لم يحيلنا أي منهم إلى الأمم المتحدة ولا إلى مجلس الأمن.. لكن بعد هذا التهكم.. والتهرب واللامبالاة واللامسؤولية من قبل إدارة جمارك طرطوس يحق لنا أن نضع أمرها تحت أمام الجهات المعنية ووزارة المالية والإدارة العامة للجمارك.. إذ من الواضح أنها تحتاج دورة تدريبية طويلة الأمد ومكثفة لتتعرف على أصول وكيفية التعامل مع الإعلام الرسمي الباحث دائماً عن الحقيقة، وهو ليس كبعض صفحات التواصل الاجتماعي التي تدار بكل العملات..
(سيرياهوم نيوز-تشرين27-8-2020)