أحمد العبد
رام الله | حتى أكثر المتفائلين لا يعتقد بأن التحركات السياسية المستجدّة في الإقليم، يمكن أن تفضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزام إسرائيل بالموافقة على بنود صفقة تجبرها على الانسحاب من قطاع غزة وتنفيذ تبادل للأسرى. على أن تلك القناعة السائدة أيضاً لدى الوسطاء، لا تمنع الأخيرة من محاولة بعث الحياة في المفاوضات المتوقفة أصلاً، وإن كانوا لم يطرحوا، إلى الآن، أدوات ضغط مختلفة على رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لدفعه إلى قبول الاتفاق، وهو الذي قال، في تصريح إلى مجلة «تايم» الأميركية، إن «الحرب لن تتوقف قريباً». والواقع أن نتنياهو يجد نفسه، حالياً، أقوى ممّا كان عليه في أي وقت مضى للاستمرار في تعنّته؛ إذ بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل، حظي حزب «الليكود»، لأول مرة منذ بداية الحرب، بتفوق على باقي الأحزاب، في حال جرت انتخابات نيابية الآن. وأظهر استطلاع نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «الليكود سوف يكتسح الانتخابات»، وأن نتنياهو سيتقدّم (42%) على منافسه، بني غانتس (40%)، الذي ظلّ حتى وقت قريب يحتلّ المركز الأول.كما أن رئيس حكومة العدو يراهن على ما سمّاه مسؤول دفاعي إسرائيلي، في حديث إلى «أي بي سي» أمس، «حشداً أميركياً غير مسبوق في المنطقة حجماً ونطاقاً»، من أجل الامتناع عن تقديم تنازلات جادّة. ورغم أن المسؤول المذكور قال إنه «لا مصلحة لنا في الحرب أو التصعيد»، إلا أنه أكد «أننا لن نتسامح مع الهجمات على مواطنينا»، وأن «جيشنا ينسق مع البنتاغون للتحضير لسيناريوات الرد على إيران وحزب الله»، في ما يشي بأن إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو، لا تتعامل مع الجانب الآخر من الجهد «الاحتوائي» الأميركي، والمتمثل في الدفع نحو استئناف المفاوضات، بجدّية. ومع ذلك، وكي لا يقع نتنياهو في مرمى الاتهام بتعطيل
الصفقة، أعلن مكتبه، مساء الخميس، نيّته إرسال فريق التفاوض في 15 آب إلى المكان الذي يُتفق عليه «لتحديد بنود وإطار الاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى»، الأمر الذي ينبئ، مجدّداً، برغبته في التخفّف من ضغوط عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.
كما أن هذه المناورة من شأنها أن تُكسبه مزيداً من الوقت، من دون أيّ ضمانة بموافقته على الصفقة المطروحة على الطاولة. وهو يستند، في ذلك، إلى سلاحين اثنين: أولهما قدرته على تفجير أي جهود ديبلوماسية عبر عمل عسكري ما في جبهة ما، وثانيهما، توافقه الخفي مع أركان ائتلافه على تصعيد مواقفهم، وهو ما ظهر صباح أمس بإعلان وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، رفضه التوصل إلى صفقة تبادل في الوقت الراهن. وقال سموتريتش، في تصريحات صحافية: «يجب ألا نقع في مصيدة الدول الوسيطة التي تحاول فرض اتفاق استسلام علينا. لم يحن الوقت بتاتاً لصفقة خضوع توقف الحرب قبل القضاء على حماس». كما أن المؤشرات بخصوص مزاج الشارع الإسرائيلي، لا تُظهر وجود معارضة قوية لسياسة نتنياهو؛ إذ بيّن استطلاع للرأي نشرته صحيفة «معاريف»، أمس، أن 48% من المستطلعين يفضّلون خطوات لدفع صفقة التبادل قُدماً، فيما قال 42% إنهم يفضلون هجوماً استباقياً ضد إيران و«حزب الله».
وكانت قد كشفت قناة «كان» الإسرائيلية، قبل أيام، أن عائلات الأسرى المحتجزين في غزة، أُبلغت، لدى لقائها مسؤولين مطلعين على المفاوضات الأسبوع الماضي، بعدم وجود تقدم حالي في المحادثات، وأن المسؤولين في فريق التفاوض متشائمون بشأن احتمالية تحقيق «اختراق قريب». وأوضحت القناة، نقلاً عن مصادرها، أن «المحادثات متعثرة ليس فقط بسبب التوتر في الشمال والمخاوف من رد إيراني، ولكن أيضاً لعدم وجود توافق بشأن محور فيلادلفيا وممر نتساريم»، في إشارة إلى المطالب التي أضافها نتنياهو بشأن إيجاد آلية لمنع انتقال السكان من جنوب القطاع إلى شماله، خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق المقترح، والإبقاء على قوات الاحتلال عند محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
وتعقيباً على البيان الثلاثي الذي صدر في وقت متأخر من مساء الخميس عن كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر، دعت عائلات الأسرى الإسرائيليين، أمس، نتنياهو، إلى «إظهار القيادة في مفاوضات تبادل الأسرى المرتقبة الأسبوع المقبل». وقالت في منشور على منصة «إكس»، إن «على حكومة إسرائيل ورئيسها التحلي بالقيادة وتعزيز واستكمال آخر التفاصيل المفقودة لتنفيذ الصفقة الخاصة بعودة كل المختطفين، الأحياء لإعادة التأهيل، والقتلى من أجل دفنهم بشكل لائق في بلادهم».
سيرياهوم نيوز١_الأخبار