آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » الإصلاح الإداري: هل نشهد رؤية سورية متجددة؟

الإصلاح الإداري: هل نشهد رؤية سورية متجددة؟

د. ذوالفقار علي عبود:


للقيادة السياسية الدور الأكبر في الإصلاح الإداري، نظراً لكون كثير من مشكلات الإدارة العامة، تعود إلى عوامل سياسية وليست إدارية في الأصل.أنصار هذا المدخل يعتقدون أن مشاكل الجهاز الإداري هي في حقيقتها مشاكل سياسية، نظراً لاتساع وظائف الدولة، وبالتالي ظهور الحاجة إلى الإصلاح الإداري، ومن هذا المنطلق فقد سعى السيد الرئيس بشار الأسد إلى إنجاز نقلة نوعية في إصلاح التشريعات الوظيفية، والنهوض بالجهاز الإداري للدولة الذي أصبح مترهلاً ويعوق تقدم الدولة.تنطلق رؤية السيد الرئيس من أن إصلاح الجهاز الإداري للدولة ليكون في صدارة إعادة بناء الدولة السورية، يكون من خلال تطويره وتحديثه بشكل مستدام، ليكون قادراً على تطبيق الخطط التنموية وخدمة المواطنين وتعزيز ثقتهم فيه، وذلك على أسس الشفافية والنزاهة والكفاءة وحكم القانون والمساءلة.وملف الإصلاح الإداري ليس مسؤولية وزارة التنمية الإدارية فقط، ولكنه مسؤولية جهات عديدة، فالوزارة تدير المشروع، وهناك محددات أساسية تستند عليها خطة الإصلاح الإداري، منها إعمال وتنفيذ الدستور في هذا الصدد، وكذلك وضع رؤية للتنمية المستدامة، واستراتيجية مكافحة الفساد، والعمل مع الرقابة الإدارية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.والحاجة إلى الإصلاح لا تنتهي أبداً، وإنما هي عملية ديناميكية مستمرة، ولا تعني الحاجة إلى الإصلاح أن هناك مشاكل في الدوائر أو المؤسسات الحكومية تستوجب حلولاً فقط، وإنما هي عملية تطوير باقية ما دامت هذه المنظمات والأجهزة الإدارية موجودة.


تهدف عمليات الإصلاح الإداري إلى إدخال تغييرات أساسية في أنظمة الإدارة العامة بما يكفل تحسين مستويات الأداء، ورفع كفاءة النظم الإدارية القائمة من خلال تغيير المعتقدات والاتجاهات والقيم والبيئة التنظيمية، وجعلها أكثر ملاءمة مع التطور التكنولوجي الحديث وتحديات السوق، وتخفيض نسبة قلق المواطنين، وإحداث نقلة نوعية في تقديم الخدمات، مع تقليص التكاليف وتحويل إدارة الخدمات من أسلوب البيروقراطية إلى الأسلوب التجاري أو الاقتصادي سواء عن طريق التخصيص أو عن طريق التشغيل الذاتي لخدماتها بإيجاد أساليب أكثر مرونة.ويمكن تلخيص أهداف الإصلاح الإداري في الإدارة العامة بالنقاط الآتية:1- بناء توجهات الإدارة الاستراتيجية في مختلف مجالات العمل، من خلال تنمية قدرات مؤسسات الإدارة العامة على التعامل مع البيئة الداخلية والخارجية.2- بناء الأنماط والمداخل الحديثة في الهيكل التنظيمي، وإعادة تصميم الهياكل التنظيمية لمنظمات الجهاز الإداري، لتحقيق المرونة والاستجابة لمتطلبات التغيير والتطور والتكيف مع عوامل ومتغيرات البيئة الداخلية والمحيطة.3- إشاعة مفاهيم اللامركزية الإدارية، والابتعاد عن مركزية اتخاذ القرار، وتنمية مهارات التفويض لدى القيادات الإدارية، وتمكين الإدارات الوسطى والتنفيذية لتحمل المسؤولية والاطلاع على تنفيذ العمليات والأعمال الإدارية.4- تقييم أداء المؤسسات من خلال الأهداف المحددة لها، مع التركيز على المسؤولية الاجتماعية لتلك المنظمات، إضافة إلى تقييم الجوانب الأدائية للعمليات والأعمال المنجزة والتكاليف المالية وحجم الاستثمار وأداء العاملين وربطها بمتطلبات تطوير المجتمع.5- استيعاب المتغيرات الحاصلة والمتوقعة في حجم الموارد البشرية من حيث الكم والنوع على مستوى منظمات الجهاز الإداري، وتنمية قدراتها وتبني قيم العمل الجماعي وتعزيز الإبداع والتطور.6- دعم الجهود نحو الارتفاء بمستوى الإنتاج والإنتاجية والنوعية وتطبيق الإجراءات المتعلقة بالجودة واعتبارها من مسؤولية الجميع، وأن خدمة المواطن مسؤولية دائمة للمؤسسات والعمل على الوصول للمواصفات القياسية.7- اعتماد الأساليب التي تحقق الكفاءة الاقتصادية وفي مقدمتها رفع مستويات الإنتاج وتقليص التكاليف واتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار وخطط وأساليب الإنتاج.8- تطوير صيغ وأساليب وإجراءات العمل الإداري والقوانين والتشريعات، بما يسهم في تحقيق السرعة والدقة في اتخاذ القرارات.9-التوسع في الاعتماد على التقنيات الحديثة وصولاً إلى المنظومات الالكترونية، تمهيداً لبناء مشاريع الحكومة الالكترونية وتعزيز نشاط البحث والتطور في هذه المجالات بما يوسع من آفاق المساهمة في تطوير التكنولوجيا المتقدمة.10- تنمية قدرات المؤسسات المعنية بإدارة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودعمها وتعزيز دورها في توجيه الموارد نحو الاستثمارات ذات المردودات الأوسع.11- تطوير القدرات الذاتية لمنظمات الأجهزة الإدارية في سعيها لمسايرة التغيير وتشخيص وحل المشكلات والمعوقات، ووضع الخطط للتطورات المستقبلية من خلال التركيز على أهمية وضع وتحديد الأهداف العامة بأبعادها الكمية والنوعية والزمنية، واستخدام أساليب وتقنيات التخطيط لتحقيق تلك الأهداف .


إن ترهل الجهاز الإداري للدولة يقود إلى ضعف منظومة الأداء الاقتصادي وذلك لوجود اختلالات في الهياكل الإدارية للدولة، إلى جانب تضارب القرارات ما يؤدي إلى حالة عدم استقرار وارتباك على المستوى العام وخاصة لواضعي السياسات والخطط الاقتصادية. ومن هذا المنطلق يرتبط الإصلاح الإداري بعملية التنمية، فعلى أساس أن الجهاز الإداري هو العقل المنفذ للخطط الاقتصادية، كانت هناك ضرورة مهمة لعمل إصلاح هيكلي للجهاز الإداري لدفع عجلة التنمية، ويرجع ذلك إلى وجود تحديات تواجهه الجهاز الإداري للدولة، منها تعقد الهيكل التنظيمي للدولة، تضخم العمالة وارتفاع تكلفتها وانخفاض إنتاجيتها، غياب الشفافية والمساءلة وانتشار الفساد وكثرة التشريعات وتعديلاتها وتضاربها إلى جانب المركزية الشديدة وسوء حالة الخدمات العامة وضعف إدارة الأصول المملوكة للدولة.

إن الإصلاح الإداري هو المنطلق للتنمية الشاملة، حيث يستهدف إحداث تغييرات جزئية تمس الجوهر الداخلي للمنظمة وصولاً إليها، فالإدارة الجيدة تسبق التنمية، ولذلك يجب البدء بإصلاح وتحسين الجانب الإداري لأن الإدارة هي المحرك الأساسي، ولابد من بناء المقدرة الإدارية في الجهاز الإداري للدولة والذي يشكل أصعب التحديات التي تواجهها الحكومات في تقديم خدماتها وهي تعيش عصراً يشهد فيه هذا العالم تغيرات سريعة ومتلاحقة في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لأن هذه العملية وبما فيها الإصلاح الاقتصادي مرهونة بإحداث تطوير جذري في كفاءة وفاعلية الإدارة، لذلك زاد الاهتمام بمراجعة وتطوير نهج وممارسات الإصلاح الإداري للمنظمات الحكومية للاستفادة من تقنيات وأدوات المتغيرات الدولية لمواكبة المستجدات الجديدة بأداء فعال لهذه المنظمات، ليعمل على تحقيق التنمية الإدارية المسؤولة لكونها أحد الأذرع المهمة للتنمية الشاملة وهذا ما أكدته جمبع الدراسات.
وفي هذا الإطار، قد نشهد وضع استراتيجية للتنمية المستدامة يمكن تسميتها (رؤية سورية المتجددة)، تسعى إلى الوصول لجهاز إداري كفؤ وفعال يعمل على إشراك المواطن، ويلتزم بمعايير الحوكمة، ويسهم في تحقيق الأهداف التنموية للدولة لذلك فإن رؤية الإصلاح الإداري يجب أن تكون منبثقة من رؤية سورية المتجددة، وتهدف إلى وجود جهاز إداري كفؤ وفعال يتسم بالحوكمة، يعظم موارد الدولة، ويحسن إدارة موارد الدولة، ويتسم النزاهة والشفافية، والخضوع للرقابة والتقييم والمساءلة، وتقديم خدمة مميزة وسهلة وبسيطة، وأن يكون لدينا موظف يحسن إدارة موارد الدولة.

(سيرياهوم نيوز-الثورة28-6-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مركز دراسات أميركي: روسيا تشهد التوسع العسكري الأكبر منذ الحقبة السوفياتية

مركز دراسات أميركي يقول إنّ روسيا تشهد التوسع الأكثر طموحاً في التصنيع العسكري منذ الحقبة السوفياتية، ويشير إلى أنه يمكن رؤية نشاط تطوير كبير في ...