| باسل كويفي
في هذه الفترة نشهد تفاقم الأزمة الكونية بشدة، والضغوطات الاقتصادية المتزايدة، والتعاملات المالية المتشابكة والتضخم والديون تنهش بالناتج الوطني في منطقتنا الملتهبة، في ظل تحالفات جديدة تعيد تشكيلاً جديداً للعالم الذي اختلت موازينه الأحادية القطب.
إنّ أي أزمة شديدة وصعبة تحتاج إلى فريق جديد من المساعدين المناسبين للتصدّي لها، وبالتأكيد في فريق المشكلات الاقتصادية قوى مخلصة ذات كفاءة عملت بتفانٍ لكنّ حجم الأزمة الحالية حدّ من قدرتها على الفكر والإبداع.
بعد نشوء الدولة الحديثة، وتشكّل المجتمع المدني، أصبح من واجب الدولة حماية أفراد المجتمع الذين أوكلوا لها شؤون حمايتهم من الفقر والجهل والمرض، ولاسيما في أوقات الحروب والكوارث الطبيعية، وبالتالي فإنّ غاية الدولة، حسب أرسطو، «تتعدّى الحفاظ على الحياة إلى توفير نوعية جيدة للحياة»، وهذا ما يلقي على عاتقها مسؤولية تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع، المتساوين في الحقوق والواجبات، على النحو الذي حققته الثورات الاجتماعية في أوروبا بعد معاناة طويلة من الفقر والجوع وعدم المساواة، بحيث «لا يصل أحد إلى درجة من الفقر تضطره إلى بيع نفسه، ولا يصل أحد إلى درجة من الثراء تسمح له أن يشتري طاعة المواطنين الآخرين عبر تبادل المنافع»، حسب تعبير «جان جاك روسو».
إذاً نحن أمام خطر حالي يُراد له أن يزداد، لذلك تحتاج هذه المرحلة إلى فريق مؤهّل للتعامل معها بقوّة وصدق وأمانة وكفاءة احترافية وتفكير إبداعي خارج الصندوق بجرأة وشجاعة.
يقول رائد التفكير الإبداعي البروفيسور دي بونو محذّراً: «إيّاك أن تفكّر بشكل تقليدي في حلّ مشاكل طارئة غير تقليدية».
أزمة اليوم أنّ الإرث التاريخي لإدارة الملف الاقتصادي منذ الاستقلال إلى يومنا هذا تسوده التموجات وعدم الاستقرار والتخطيط المستدام، أدّى إلى حالة من عدم التجانس الاقتصادي الذي يخلق حكماً وبالضرورة حالة من عدم الرضاء الطبقي بحالات متواترة ومتغيرة حسب الواقع.
في دراسة الطبقات الاجتماعية يقول علماء السياسة إنّ الطبقات الأساسية فقيرة ومتوسطة وغنية بشرائحها المختلفة المتعّددة يجب أن تحقّق حدودها الدنيا من الاحتياجات حتى تصل إلى حالة الرضاء على أوضاعها، لذا بعد الحل السياسي المنشود والاستقرار والسلام المستدام الذي بدأت تباشيره ناجزة، نحتاج إلى رجال دولة تتحقق لديهم شروط الصدق في الوعد والانتماء، النزاهة المطلقة في تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وأن يكونوا ذوي قدرات وكفاءات للتغلب على حجم تحدّيات الخطر الاقتصادي والتوازن الاجتماعي، وجل همهم الحفاظ على الدولة الوطنية من أجل سلامة الشعب وتحقيق مشروعه الإصلاحي بالتعافي المبكر وإعادة البناء، يحملون المسؤولية ولا يحمّلونها للغير، للنهوض بدولة المؤسسات ودوائرها الحكومية التي تعمل بكفاءة وحرفية عالية وتشكل نظام دعم كبير لمواطنيها وللمستثمرين والأعمال، وتتميز بوجود أنظمة وقوانين واضحة وشفافة تضاهي أفضل الأنظمة الاقتصادية في العالم، للوصول إلى التنمية المتوازنة والمستدامة والضبط الاجتماعي والمساواة وسيادة القانون.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن