لم يجار الإعلام العبري مقاربة إسرائيل التهويلية التي مارسها صاحب القرار السياسي في تل أبيب، بعد أن أعلن رفضه للملاحظات اللبنانية على مسودة اتفاق الحدود البحرية. مقاربة المعلقين جاءت باتجاهين اثنين، أكدا اللايقين من جهة، واللاتماهي من جهة ثانية.
كاد أن يكون الرفض جامعاً للتصريحات الصادرة عن وزير الأمن، بني غانتس، بالإعلان عن الاستعدادات لمواجهة حزب الله، مع نشر معطيات عبر الناطق العسكري وزعت على الإعلاميين، تؤكد الاستعداد والجاهزية، والعمل على احتواء مبادرة قد يقدم عليها حزب الله. الأمر الذي أدى إلى بلبلة بين المستوطنين، وإلى صرخة لم يسمع مثيل لها في السنوات الأخيرة الماضية. وصف عدد من المراسلين كلام غانتس التهديدي بالمكرر، وأنه نوع من الدعاية والعلاقات العامة، بل وأكد عددٌ من المراسلين أن لا استعداد ولا جاهزية كما جرى الحديث عنها، بل كلام إعلاميٌ وتخويف، لا يتوافق مع مهنية غانتس وسمعته.
وكان لصحيفة «هآرتس» مطالعة مطولة عن سجالات الداخل الإسرائيلي المرتبطة بكلمة «رضوخ لابيد لحزب الله»، التي جعلها نتنياهو جزءاً رئيسياً من السجال، بعد أن نعت لابيد، مرات ومرات، بأنه يرضخ لإرادة أمين عام حزب الله.
وفقاً لـ«هآرتس»، الحديث عن الرضوخ، المرتبط بالذعر من حزب الله، يجب أن يوجه إلى الجيش الإسرائيلي، الذي ما زال يرتعد من هذا التنظيم، بل ومن يرفض ذلك عليه أن يقرأ توصية المؤسسة الأمنية للمجلس الوزاري المصغر، وهاكم مقطع من الوثيقة:
«هناك إلحاحية أمنية وسياسية للتوصل إلى اتفاق قريباً ومن دون تأخير، من أجل منع تصعيد أمني، هو المتوقع باحتمالية عالية».
وتابعت الصحيفة تحت عنوان «يواصل الجيش الإسرائيلي الارتعاد من نصر الله»، تسأل من يتحدث عن الرضوخ: منذ متى يحدد الجيش الإسرائيلي للحكومة ما هي «الإلحاحية السياسية»؟ وكذلك: إذا كان نصر الله «يتبجح» فقط، فمن أين تنبع إلحاحية «منع تصعيدٍ أمني متوقع باحتمالية عالية»؟ مع من يُتوقع «تصعيدٌ أمني باحتمالية عالية»، مع الجيش اللبناني؟
صعب ومؤلم، لكن نعم: الوثيقة توصي الحكومة بتبني إملاءات نصر الله «من أجل منع تصعيدٍ أمني باحتمالية عالية»، وهي توصية صيغت، وفقاً لرأي أفيف كوخافي، هيرتسي هاليفي، أهارون حاليفا، وزمرتهم في الأركان العامة. «فويل لنا أننا وصلنا إلى هذه النقطة».
صحيفة «إسرائيل اليوم» أشارت إلى أن المفاوضات مع لبنان باتت في مرحلة خطرة، حيث كل طرف يريد أن يكسب في المراحل الأخيرة من التفاوض، إلا أن عدم الاتفاق قد تؤدي إلى تصعيد خطير ولا طائل منه. ووفقاً للصحيفة، «من المنطقي الافتراض أن الأميركيين سيبذلون في الأيام المقبلة جهداً لإنقاذ الاتفاق، فالانفجار يؤدي إلى تداعيات سيئة لها انعكاسات أوسع من تلك التي على احتياطات الغاز في البحر المتوسط».