آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » الإنسان..!

الإنسان..!

 

مالك صقور

يقول الكاتب اليوناني الشهير كازانتزاكي :” ربما كانت الكتابة لعباً في عصور أخرى ، أيام التوازن والانسجام . لكنها اليوم مهمة جسيمة ، لم يعدالغرض منها تسلية العقول بالقصص الخرافية ، أو مساعدة هذه العقول على النسيان ، بل الغرض منها تحريض الإنسان على بذل قصارى جهوده لتجاوزالوحش الكامن في أعماقه”.
وما جرى ويجري على هذا الكوكب الحائر الذي يسمى ( الكرة الأرضية )، بعد ملايين الملايين على تسيّد الإنسان على هذه الكرة الأرضية ، وبعد مرور كل العصور التي تشمل التشكيلات الاجتماعية : المشاعية البدائية ، والعبودية ، و الإقطاعية ، والرأسمالية ، و الاشتراكية ، وبعد انتصار الثورات وإخفاقها ، وما يجري اليوم في هذا العالم الذي تحول إلى (قرية ) بواسطة العلم – يثبت ويبرهن ما قصده كازنتزاكي ، أن الإنسان لم يتخلص بعد من ( الوحش) القابع في أعماقه . والدليل هو ما يجري على سطح الكرة الأرضية في أنحاء متفرقة من هذا العالم وفي غياهب السجون والمعتقلات ، وما يجري من استبداد وبطش وظلم ، هنا وهناك من الإنسان بحق أخيه الإنسان .
في يقيني ، لا يختلف اثنان في قول كازنتازاكي ، ولا يختلف اثنان بأن غاية الأدب هي الإنسان ، والكتابة التي قصدها الروائي الكبير أنها كانت لعباً في يوم ما ، وتحمل اليوم مهام كبيرة هي تخليص الإنسان من وحشيته ، فقد أصاب كبد الحقيقة . وأعتقد أن كازنتزاكي رحل عن هذه الدنيا الفانية ، ولم يكحّل عينيه بالمشهد الإنساني الذي حلم به وناضل من أجله ، والبرهان على ذلك هو روايته ( المسيح يصلب من جديد ) وكذلك روايته ( الأخوة الأعداء ) ..
نعم .. فغاية الكتابة ، والأدب عموماً هي الإنسان .. ولكن ، لماذا غاب الإنسان ويغيّب هذا الإنسان ، ومن الذي يغيّب هذا الإنسان ؟! فغيابه أو نفيه يتحول إلى العدم ، كما يقول فرنسيس بيكون : ” إذا ما أقصي الإنسان بعيداً عن العالم ، فإن ما يتبقى منه سيبدو ضالاً ، ودون هدف ، أو غرض ، سيفضي إلى اللاشيء”.
والسؤال : من الذي ينفي الإنسان ، وهنا لا أقصد فقط السجون الكبيرة والصغيرة ، وبوسعي أن أسمي السجون في الخارج والداخل ، وحتى في العالم المتمدن ، بل أقصد من الذي ينفي الإنسان داخل وطنه ويضطهده إذا خالفه الرأي ؟!
أين الإنسان الذي يقول عنه غسان كنفاني :” الإنسان في نهاية المطاف قضية ،ولكن أي قضية ؟!
وأين هو الإنسان الذي يقول عنه محمود أمين العالم : ” الإنسان موقف ” . أم أعود إلى كلام زرادشت الذي يقول : ” والحق ، ما الإنسان إلاّ غدير دنس ” .
و الآن أسأل ونحن في نهاية الربع الأول من القرن الواحد والعشرين :
ما جدوى الفلسفة كل الفلسفة ، ما جدوى الديانات كل الديانات ، ماجدوى الطوائف كل الطوائف والمذاهب كل المذاهب ، وما جدوى الأحزاب كل الأحزاب ، ما جدوى الأنظمة كل الأنظمة الراقية منها ونصف الراقية والمتخلفة ، وما جدوى كل هذا التقدم الهائل في كل المجالات ، وكل هذه التقانات العلمية والتكنولوجية و الإلكترونية ، وثورة المعلوماتية والإتصالات والفضائيات إذا جعلت هذا ( الإنسان ) سلعة ، وأجبرته على التشيؤ .. أو إذا صار الإنسان (برغي ) في آلة ، في أي مجتمع كان ، أكان مجتمعا ً رأسمالياً أم إشتراكياً أم متخلفا ، أم ليبرالياً أم مسلما أم
بوذيا ً؟!!!
يتبع وللحديث صلة …
(موقع اخبار سورية الوطن-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا لتدوير المنافقين

    عاصم احمد   في الحقيقة الذي حدث هو مفاجىء بسرعته وتطوراته الدراماتيكية للشعب السوري بكل أطيافه فمنهم من فرح عصبياً ومنهم من قلق ...