آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » ..الإنسان (2)

..الإنسان (2)

 

مالك صقور

متابعة لما بدأته في الزاوية السابقة ، تعال عزيزي القارئ ، لننظر في أحوال هذا الإنسان عبر الزمان والمكان :
افتح العهد القديم واقرأ :
(وقال الله لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا و ليتسلط على سمك البحر وطير السماء والهائم وجميع الأرض وكل الدّبابّات الدّابة على الأرض * فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم ) – 1 –
ياإلهي ! ياإلهي ! ثمّ ياإلهي !ّ أهذا هو الإنسان الذي جعلته كمثالك وعلى صورتك ، أهذا هو الإنسان الذي جعلته سلطانًاً على البر والبحر وطير السماء ؟ و الذين
” يؤمنون ” بالعهد القديم – هم الهدامون الذين يديرون كل شيء من خلف ستار ، وقد احتلوا ألعقول بالمال والجواسيس والنساء كما احتلوا بلادا وشردوا شعبا ، ومازالوا يستخدمون التطهير العرقي والإبادة الجماعية ..
— افتح الإنجيل واقرأ :
( ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه )
لايهمني عدد الرابحين ولا عدد الخاسرين ، ما يهمني هو كم إنساناً استفاد من موعظة السيد المسيح عليه السلام وعمل بها ؟!
— افتح القرآن واقرأ :
( وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لاتعلمون )
هذا الخليفة الذي فعلاً عاث فساداً وسفك الدماء ومازال . هذا الخليفة الذي هو الإنسان قد ذُكر في القرآن أكثر من ستين مرة ، وأكتفي بذكر التالي :
1 – (( إن الإنسان لكفور )) -سورة الحج 66.
2 (( خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين )) النمل -4.
3 – (( إن الإنسان خلق هلوعاً )) المعارج 19.
4 – (( إن الإنسان لربه لكنود )) العاديات 6.
5 – (( إن الإنسان لفي خسر )) العصر 2
6 –(( وكان الإنسان قتوراً)) الإسراء 100 .
7 – (( وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً)) الكهف 54 .
8 – (( إنا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا)) الأحزاب 72.
9 – (( لا يسئم الإنسان من دعاء الخير وإن مسّه الشر فيئوس قنوط )) فصلت 49.
10- (( كلا إن الإنسان ليطغى )) العلق 6.
والآن تعالى عزيزي القارئ لنر صورة هذا الإنسان الذي خلقه الله سبحانه في أحسن تقويم :
خصيم ، جاحد ، كافر ، كفور ، هلوع ، كنود ، قتور ، يائس ، بائس ، يؤوس ، ظلوم ، ظالم ، جهول ، جاهل ، قانط ، طاغي ..
ولنوسع دائرة الفرجار ، واسرح بخيالك أيها القارئ ، ولنعد إلى ماقبل الميلاد ، وافتح دائرة الفلسفة ، يتجلى ثلاثة عظماء من عظماء الإنسانية :
– سقراط .
– أفلاطون .
– أرسطو .
أرسطو تلميذ أفلاطون ؛ وأفلاطون تلميذ سقراط ؛ وسقراط شيخ فلاسفة اليونان ، وأعظم حكمائهم ، وأكبرهم شأناً ، لم يعرف التاريخ قبله في بلاد الإغريق أغزر منه علماً ولا أعمق بحثاً ، ولا أدق تفكيراً ، ولا أسلم منطقاً، ولا أجل نفساً ، ولا أعظم حكمة ، ولا أكثر تواضعاً ، ذلك هو إمام المفكرين ونبراس الباحثين أبو الفلسفة الأول ، ونصيرها الأجل ..
ومع ذلك ، حُكم عليه بالإعدام .
سقراط الفيلسوف العظيم – إنسان .. والذي حكم عليه بالموت ظلماً – إنسان . والذي ناوله السم – إنسان ؟؟!!!
كذلك تلميذه الأمين العظيم الفيلسوف إفلاطون الإنسان .. وقد تساءل كثيرون ، وتعجب كثيرون عندما عرفوا أن أفلاطون كان ضد ” الديمقراطية ” . لكنهم لا يعرفون أن هذه الديمقراطية هي التي حكمت على أستاذه سقراط بالإعدام بتهمة إفساد الشباب . وبعد تنفيذ حكم الإعدام بالعظيم سقراط ، غضب أفلاطون وامتلأ غيظاً ، فعاف الديمقراطية وهجر أثينا ، وتعرض لمصاعب ومتاعب وإهانات عديدة منها النفي ، ومنها السجن ومنها إما الإعدام أو أن يباع كعبد .. وفعلاً باعوا أفلاطون العظيم كعبد بثلاثمئة درهم . واشتراه اينقورس القورنيائي ,أعاده إلى أثينا ,وأطق سراحه .
أفلاطون – إنسان ، والذي نفاه أنسان ، والذي باعه إنسان ، والذي اشتراه إنسان !!
أما أرسطو تلميذ أفلاطون وأستاذ الأسكندر الأكبر ، فقد استفاد من تجربة سقراط وأفلاطون في الفلسفة والحياة ، ولا يتسع الحيز لعرض مآثره هنا .. إلا أنه نجا بجلده هو الآخر عندما هرب من أثينا بعد موت الاسكندر ، وسادت الفوضى وسيطرت الدهماء على المدينة ، فقال عبارته الشهيرة : ” إنني لن أسمح لأثينا أن ترتكب الجريمة نفسها مرتين في حق الفلسفة ” .. مشيراً بقوله هذا إلى إعدام سقراط من قبل الديمقراطية الأثنيه .. وهي ديمقراطية يعتبرها أرسطو كما اعتبرها أستاذه من قبل – ضرباً من طغيان الدهماء واستبداد العامة ..
يتبع وللحديث صلة .
(موقع اخبار سورية الوطن-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حكاية الطغيان..!!

    م.حسان نديم حسن   تخيَّل قصرًا شامخًا شُيّد على قمم الألم وحقول الدموع، يحكمه ملكٌ استبد بجميع من تحته، يحتمي بجدران من الخوف ...