“مُعادلة السّلام مُقابل السّلام”، التي وضعها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل وخلال وبعد التوقيع على اتفاقيات التطبيع المسّماة بـ (اتفاقيات أبراهام)، يبدو أنّها لا تنسحِب على السعوديّة، لأنّ مطالب الرياض تحشر واشنطن وتل أبيب في الزاوية، ودون الحصول عليها لا يُمكِن التقدّم في التطبيع، علمًا أنّ رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ، تساحي هنغبي، صرح هذا الأسبوع أنّ الاتفاق مع المملكة ما زال بعيدًا جدًا، على حدّ تعبيره.
وفي هذا السياق قال مئير بن شابات، الرئيس السابق لمجلس الأمن القوميّ، إنّ الرئيس الأمريكيّ جو بايدن اختار وصف الحوارات التي تُديرها بلاده بهذا الشأن بالقول: “يمكن أنْ يكون هناك تقدّم في الطريق إلى اتفاق بين السعودية وإسرائيل”، وجاءت أقوال بايدن خلال اجتماع متبرعين، تحضيرًا للحملة الانتخابية الرئاسية في العام 2024.
وشدّدّ على أنّ “ما يقف وراء هذا التفاؤل الحذر للرئيس الأمريكيّ هي الحوارات التي قام بها مؤخرًا مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيك ساليفان مع جهاتٍ سعوديّةٍ في جدة.”
بن شابات أوضح أنّه “منذ وصول إدارة بايدن إلى الحكم، لم يتّم تسجيل أيّ إنجازاتٍ مهمة في مجال التطبيع”، مُضيفًا: “صحيح أنّهم في واشنطن عبّروا عن رغبة علنية وصادقة في الاستمرار في تحريك الاتفاقيات، إلاّ أنّ النتائج كانت قليلة جدًا، ودائرة الدول المشاركة في الاتفاقيات لم تتوسّع، والتقدم في القنوات التي فُتحت خلال الإدارة السابقة، باستثناء (قمة النقب) التي تكمن أهميتها في مجرد حدوثها، لم يتم تسجيل أيّ مشاريع مدنية كبيرة بمشاركة واسعة من دول الاتفاقيات.”
ولفت المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ إلى أنّه “لم يتم استكمال اتفاق العلاقات مع السودان، وتخيّم على مستقبله اليوم غيمة الحرب الأهلية التي اندلعت هناك. حتى مع المغرب، حيث وصلت علاقاتنا معه إلى أبعاد كانت مجرد حلم فقط، لم يتم رفع مكانة الممثلية هناك. التحسن في العلاقات معه جاء بسبب الخطوة التي قامت بها إسرائيل الأسبوع الماضي، الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية”.
“إذاً”، قال في مقاله الذي نقلته (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة) إلى العربيّة، “إدارة بايدن لا تستطيع طرح أيّ إنجازات حقيقية في قضايا اتفاقيات السلام. وعلى الرغم من ذلك، فإنّه لا يجب التشكيك في صدق تصريحاتها وطموحها بالوصول إلى تطبيع بين السعودية وإسرائيل. إنجاز كهذا سيُعَد إنجازًا لمصلحة الرئيس بصورة خاصة، ويساعده عشية الانتخابات، سياسيًا، كما يقلل الانتقادات الموجهة إليه بشأن التخلي عن الشرق الأوسط، ويعطي بعدًا حقيقيًا لالتزامه بالاستمرار في الاتجاه الذي أدت إليه (اتفاقيات أبراهام)، ويمنحه أدوات لتحقيق أهداف مهمة أُخرى، كالقضية الفلسطينية.”
وتابع قائلاً: “يستطيعون في البيت الأبيض تقديم خطوة كهذه على أنّها من أجل إبعاد السعودية عن الصين (أو على الأقل، وقف مسار التقارب ما بينهما)، وخطوة لصوغ جبهة مشتركة لدول الشرق الأوسط ضد إيران. ولكن، لا يمكن تخطّي العقبات الكثيرة التي تقف في الطريق للوصول إلى هدف كهذا. الوقت أيضًا لا يعمل لمصلحة بايدن كي يقوم بذلك ويستفيد من الخطوة عشية الانتخابات غير البعيدة”.
وأشار بن شابات إلى أنّ “المطالب التي يطرحها السعوديون في مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ستضع نتنياهو أمام 3 تحديات مركزية: الأول، منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، في ظل رغبة العائلة المالكة في الرياض في الحصول على قدرات نووية مدنية برقابة محدودة؛ الثاني، الحفاظ على تفوّق إسرائيل النوعي، في ظل رغبة السعودية في التزود بأسلحة متطورة (ورغبة الولايات المتحدة من الجانب الآخر في توقيع صفقات سلاح كبيرة).أما التحدي الثالث، فهو الحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية (ومن جانب نتنياهو، الحفاظ على سلامة الائتلاف)، في ظل مطالب العائلة المالكة في الرياض لإحراز تقدّم مهم فيها. يمكن الافتراض أن الأمريكيين سيرون أنّ ذلك أداة ضغط للحصول على تنازلات من إسرائيل أمام الفلسطينيين.”
واختتم: “بالنسبة لإسرائيل، فإنّ التطبيع مع السعودية هو هدف مهم يجب الوصول إليه، ولكن ليس بأيّ ثمنٍ، ويجب التذكير بأنّ التطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية هو مصلحة واضحة لواشنطن والرياض، وليس فقط للكيان ولا يجب الانجرار والموافقة على تنازلات في موضوع إيران، وابداء ليونة بشأن الانتشار النووي في الشرق الأوسط، أوْ تقديم تنازلات ذات أهمية أمنية في الساحة الفلسطينية، وفي المجالات الثلاثة، هذه الأثمان باهظة جدًا، حتى ولو كان هدفها الوصول إلى إنجاز مهم كهذا”، طبقًا لأقواله.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم