تعيش العاصمة السورية دمشق واحدة من أكثر الفترات ازدحامًا مروريًا في تاريخها الحديث، حيث باتت الشوارع تعاني من اختناقات خانقة تمتدّ لساعات طويلة يوميًا.
ورغم الجهود المبذولة من الجهات المختصة، إلا أن أزمة المرور في دمشق لا تزال تتفاقم نتيجة تداخل عدة عوامل بشرية وتقنية وتنظيمية.

أولًا: أسباب الازدحام المروري في دمشق
1. الدراجات النارية: الفوضى المتحركة
أحد أبرز مظاهر الفوضى في شوارع العاصمة هو انتشار الدراجات النارية بشكل عشوائي، حيث لا يلتزم معظم سائقيها بإشارات المرور، ويتجاوزون المركبات من جميع الجهات، بل ويسيرون عكس الاتجاه في كثير من الأحيان، ما يشكّل خطرًا على السائقين والمارة على حد سواء.
هذا السلوك، إلى جانب غياب الرقابة الصارمة، يجعل الدراجات النارية سببًا مباشرًا في إرباك حركة السير، وارتفاع نسب الحوادث اليومية.
2. الإشارات المرورية
كثير من إشارات المرور في دمشق لا تعمل بالشكل المطلوب، إما بسبب عدم وجود التيار الكهربائي أو الأعطال الفنية، ما يؤدي إلى فوضى في التقاطعات الرئيسية.
الحل المقترح هنا هو تغذية الإشارات بوسائل الطاقة البديلة (كالطاقة الشمسية)، لضمان عملها المستمر وتنظيم تدفق السيارات والمشاة دون انقطاع.
3. سلوك المشاة وعدم الالتزام
من أبرز أسباب الازدحام أيضًا عدم التزام المارة باستخدام الممرات المخصصة لعبور الشوارع. فكثيرون يقطعون الطرق عشوائيًا وأحيانًا بين السيارات المتحركة، ما يؤدي إلى تباطؤ حركة السير وتوقفها في بعض الأحيان.
رفع الوعي المجتمعي وتطبيق الغرامات بصرامة على المخالفين سيكون خطوة مهمة لتقليل هذه الظاهرة.
4. زيادة عدد السيارات بعد التحرير
بعد التحرير وعودة الاستقرار لسوريا، شهدت دمشق تدفقًا كبيرًا للسيارات الخاصة القادمة من المحافظات الأخرى و المستوردة حديثاً، هذا الارتفاع غير المنضبط في عدد المركبات زاد من الضغط على شبكة الطرق، التي لم تشهد توسعًا يتناسب مع هذا النمو الكبير.
ثانيًا: الحلول المقترحة لأزمة المرور في دمشق
1. اعتماد الطاقة البديلة في الإشارات الضوئية
من أولى الخطوات العملية لحل مشكلة المرور هي تشغيل الإشارات الضوئية بالطاقة الشمسية، لضمان عملها على مدار الساعة دون تأثر بانقطاع الكهرباء.
2. تنظيم حركة الدراجات النارية
ينبغي فرض ترخيص إلزامي لكل دراجة نارية، مع تحديد مسارات خاصة لها في بعض الشوارع الرئيسية، وفرض عقوبات صارمة على المخالفين، خصوصًا من يسير عكس الاتجاه أو يتجاوز إشارات المرور.
3. توعية المشاة وتعزيز ثقافة المرور
إطلاق حملات توعية إعلامية وتربوية عبر المدارس ووسائل الإعلام لشرح مخاطر العبور العشوائي وأهمية الالتزام بالإشارات وممرات المشاة، مع تشديد العقوبات على المخالفين.
4. تطوير النقل العام
توسيع شبكة الباصات العامة وتشغيل خطوط نقل صغيرة (فانات منظمة) ضمن مسارات ثابتة، سيقللان من الاعتماد على السيارات الخاصة، وبالتالي من حجم الازدحام.
5. الرقابة المرورية الذكية
اعتماد كاميرات مراقبة ذكية في التقاطعات، لرصد المخالفات تلقائيًا وتنظيم الحركة، بما يخفف من العبء على عناصر المرور.
دمشق تستحق
إن حل مشكلة المرور في دمشق يتطلب مزيجًا من الإجراءات التقنية والإدارية والثقافية، تبدأ من إصلاح البنية التحتية المرورية وتطوير النقل العام، ولا تنتهي إلا بترسيخ ثقافة احترام القانون لدى السائقين والمشاة على حد سواء.
دمشق، التي استعادها أهلها من الحرب، تستحق أن تستعيد أيضًا انسيابية شوارعها وهدوء طرقها.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
