آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الاستبداد الرقمي

الاستبداد الرقمي

احمد ضوا 17 كانون2/يناير 2021

تواصل السلطات الأميركية اتخاذ المزيد من الإجراءات القضائية والتعسفية بحق المواطنين الأميركيين الذين اقتحموا الكونغرس ضاربة بعرض الحائط مزاعمها في الدفاع عن الحرية التي صدعت عقول العالم فيها على مدى القرن المنصرم.
من المعلوم أن العديد من دول العالم شهدت أحداثاً مشابهة لاقتحام الكابيتول في روسيا الاتحادية والصين وجورجيا وأوكرانيا وفنزويلا والبرازيل.. الخ، ولكن الموقف الأميركي كان داعماً بالمطلق للمتظاهرين الذين عمدوا في بعض الدول إلى محاولة قتل رئيس الدولة والبرلمان والاعتداء على الأعضاء وإهانتهم وغيرها من الأحداث الجنائية، ولم تكتف واشنطن بدعم هؤلاء المتظاهرين بل اتخذت سلسلة من العقوبات بحق الحكومات والدول التي اتخذت ذات الإجراءات التي تتخذها السلطات الأميركية الآن.
إن الحديث الأميركي عن احترام سلطة القانون محصور فقط في الأراضي الأميركية ولكن إذا كان هذا الأمر خارجها ويخدم المصالح القومية للولايات المتحدة فيصبح تطبيق القانون ضد المتظاهرين انتهاكاً للحريات والأسس الديمقراطية ويستدعي اجتماع مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والمنظمات الملحقة به تحت ستار حماية الحريات وحق التعبير عن الرأي.
ولا يتوقف العمل الأميركي عند هذا الحد بل تبادر واشنطن إلى تأمين الدعم الكامل للمتظاهرين وتأمين الغطاء السياسي الدولي لهم ومدهم بكل وسائل الاستمرار وصولاً إلى تقديم السلاح والمال وإثارة الفوضى التي تحقق مصالحها وتستبعد أي حديث عن سلطة القانون التي من واجب الحكومات الشرعية تطبيقها في مثل هذه الحالات.
ولم يمنع اقتحام الكابيتول السلطات الأميركية من تشجيع ودعم المناوئين للسلطة في فنزويلا والذين خسروا الانتخابات على اقتحام البرلمان ونشر الفوضى بحجة تزوير الانتخابات وكان الذي حصل في الولايات المتحدة ليس على خلفية إعلان الرئيس الأميركي وإدارته تزوير الانتخابات الرئاسية.
من المعيب على العالم أن يقف موقف المتفرج مما تقوم به السلطات الأميركية ضد المتظاهرين الذين اقتحموا الكونغرس وكل رأي سياسي مخالف لرأي الأغلبية الديمقراطية وكأن الولايات المتحدة في كوكب آخر، ولا تتدخل في شؤون كل الدول، فهذه الفرصة مناسبة لكشف حقيقة تسلط واستبداد الدولة العميقة في الولايات المتحدة ورفض الشعب الأميركي لهذا الاستبداد الذي تتحكم فيه سلطة الشركات الكبرى ونزعة الهيمنة والتسلط على العالم تحت شعارات براقة سقطت بالجملة بعد اقتحام الكابيتول.
لقد كشف حجب حسابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأنصاره، على مواقع التواصل الاجتماعي حجم ((الرقابة والاستبداد الرقمي)) في هذه الدولة وعدم احترام مشاعر ورأي أكثر من 75 مليون أميركي صوتوا للرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة الأمر الذي يعكس الاختلاف بين الأميركيين حول النظام الانتخابي القديم وتعرية دور هذه الشبكات ووسائل الإعلام الجديدة وشركات تكنولوجيا المعلومات الخاصة التي تمتلكها في واقع النظام الأميركي وسلطة الدولة العميقة المباشرة وغير المباشرة عليه .
الإجراءات التي تتخذها السلطات الأميركية على خلفية الانتخابات واقتحام الكابيتول تشكل فرصة للعالم لتوسيع المشاركة في تحديد مستقبله بعيداً عن الهيمنة والتسلط الأميركي ولكن ردة الفعل الدولية باهتة إلى حد كبير والأصوات المنتقدة لهذه الاجراءات تبقى ضمن الحيز الشخصي فقط.

(سيرياهوم نيوز-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...