| هناء غانم
طرح اللقاء الذي عقد بالأمس مع المستثمرين الراغبين بالاستثمار في القطاع الزراعي بحضور كل من وزراء الزراعة والاقتصاد والصناعة العديد من النقاط التي أظهرت الفجوة بين التصريحات والوعود الحكومية من جهة، وبين المشكلات والمعوقات التي يواجهها المستثمرون في القطاع الزراعي من جهة ثانية.
وكانت الوعود والتصريحات الحكومية من الوزراء خلال الاجتماع تؤكد المقدرة على إيجاد الحلــول من خـــلال تعــاون شفاف وصريح مع المستثمر، وأنهم على استعداد لتقديم كل الدعم والتسهيلات لاستثمار كل الإمكانات المتوافرة في القطاع الزراعي، في حين يرى المستثمرون أن الحكومة تريد تشجيع الاستثمار قولا ولكنها تعرقله في فقرات مشروطة ضمن القوانين الصادرة.
وطالب المستثمرون بأن تغير الحكومة نظرتها للمستثمر، لأنها تراه حسب أحد المستثمرين «يبيض ذهباً»، وأن تكون الأولوية لإعطاء الزراعة كامل الدعم.
وزير الزراعة محمد حسان قطنا أكد أنه لا يوجد حتى الآن أي مشاريع استثمارية حقيقية في القطاع الزراعي، سواء في سلسلة الإنتاج أم تأمين مستلزمات الإنتاج أو بالتسويق، لافتاً إلى أنه خلال العامين الماضيين قدمت الوزارة أكثر من 60 مشروعاً للاستثمار وحتى الآن لم يتقدم أحد لمشاريع استثمارية كبيرة، وقال إن الهدف من هذا اللقاء هو الإجابة عن تساؤل مهم وهو لماذا لا يتجه المستثمرون للاستثمار بالزراعة في السلاسل الثلاث التي تم الحديث عنها، وتحديد ما الصعوبات والمشاكل التي تعوق هذا النوع من الاستثمارات ودور القطاع الخاص داخلياً وخارجياً لتطوير الفكر الاستثماري الزراعي وتجاوز التحديات، والخروج بنتائج إيجابية تساهم في دفع المستثمرين للاستثمار في القطاع الزراعي، مشيراً إلى أهمية حضور الوزراء المعنيين بالاستثمار، والمنظمات الشريكة لوزارة الزراعة، والسفراء لنقل الرسالة عبر سفاراتهم إلى بلدانهم، والاتحادات والنقابات والمستثمرين المحليين ليكونوا شركاء حقيقيين في صناعة القرار الذي يخدم الاستثمار في القطاع الزراعي ويساهم في تطوير هذا القطاع.
وأضاف قطنا إن ما يحدث غير منطقي، فليتر المازوت تبيعه الدولة بـ500 ليرة ويتم شراؤه من السوق السوداء بـ7000 ليرة، أي «نحن نسرق بعضنا».
وأكد أن السياسة الحكومية اليوم تسعى لتحويل الريف إلى منطقة جاذبة للاستثمار لذلك، تم اقتراح موضوع القرى التصديرية الذي لم يلق الصدى المطلوب، علماً أنها مخصصة لإنتاج منتج تصديري مستثنى من الأنظمة الخاصة بمنع الاستيراد وغيرها لأن هذه القرى منهجها منظم ومراقب لا تخضع لهذه القرارات، وبالتالي حتى مجمعات الدواجن تنطبق عليها القوانين نفسها، أما إعطاء مستثمر أو تاجر صغير أو صاحب مسلخ رخصة للتصدير، فهذا غير ممكن.
وحول هواجس المستثمرين، أكد قطنا في تصريح لـ«الوطن» أن على المستثمرين أن يتقدموا بمقترحاتهم ومشاريعهم وفق المناطق المعلن عنها من وزارة الزراعة وليس وفق المناطق التي يرغبون بها، لأن لدينا محددات لا يمكن تجاوزها والأراضي الزراعية خط أحمر ولا يجوز تجاوز القوانين والأنظمة، مستدركاً بأن القوانين ليست مقدسة ويمكن النظر فيها، وكل المشاريع التي قدمت ولا يوجد فيها مشكلات تم قبولها.
وأضاف قطنا: نحن مستعدون لإعطاء أي مواطن سوري ما يحتاجه للاستثمار في منطقة البادية لزراعة النخيل وكل ما يحتاج من الأراضي من 200 إلى 5000 هكتار لزراعتها بالتشاركية وفق القوانين، موضحاً أن لدى الوزارة خريطة واضحة لربط الإنتاج النباتي والحيواني والتسويق والاستثمار والتفاعل مع اتحاد الفلاحين، لكن عندما تطرح المشكلة نحتاج إلى حلول حقيقية، ومشيراً إلى وجود مشكلة بالإعلام وعدم متابعة القرارات الحكومية، إذ إن القرار يصدر ويعلن، لكن لا يروج له بورشات عمل وكان قد تم التواصل مع وزير الإعلام للتنسيق عبر «محطة التربوية السورية» بحيث يتم تخصيص ندوات حوارية من خلالها لخمسة قطاعات لفترة ساعتين لا أكثر لكل قطاع بحيث تكون منبراً إعلامياً للجميع، مشيراً إلى أننا نحتاج إلى حوار مباشر لأن هذه الندوات لن توصلنا إلى حل.
ومن الجدير ذكره أن الوزير قطنا كان قد أكد بداية أن الهدف من اللقاء هو إطلاع المستثمرين والشركات المحلية والخارجية الراغبة بالاستثمار في سورية على جملة القوانين والأنظمة والتعديلات والقرارات الصادرة لتشجيعهم على الاستثمار في القطاع الزراعي وفق قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 ومنح هذا القطاع ضمن القانون مميزات تفضيلية لتغطية الاستثمارات الزراعية، مبيناً أن هذا اللقاء هو أحد مخرجات ملتقى تطوير القطاع الزراعي الذي أقيم عام 2021 وحلقة من الحلقات والبرامج المنبثقة عنه، والذي تم خلاله توزيع 17 دليلاً استرشادياً لمجمل النشاطات الزراعية التي تنفذ في وزارة الزراعة.
وزير الاقتصاد: الأولوية للزراعة
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل أكد أن الحكومة أولت القطاع الزراعي أهمية كبيرة من خلال قانون الاستثمار وهو القطاع الوحيد الذي يعفى من الضرائب بنسبة كاملة مدى حياة المشروع، إضافة إلى التسهيلات المتعلقة بمستلزمات الإنتاج وغيرها، والغاية هي تأمين مخرجات ما هو حاجة لقطاع الصناعة في مجال الصناعات الغذائية والزراعية، مشيراً إلى أن الحكومة اليوم تقدم من خلال جميع الوزارات تسهيلات وحوافز عديدة والدعم اللازم لإطلاق العملية الاستثمارية لترميم الفاقد من الاستثمارات وتوجيه الاستثمارات الجديدة باتجاه القطاعات بالأولوية، لافتاً إلى أن القطاع الزراعي من أهم القطاعات في سورية وهو قطاع رائد عبر تاريخ الواقع الاقتصادي السوري، وأنه القطاع الذي حقق الاكتفاء في أشد الأزمات والأوقات وفي فترة الحرب وحال دون اللجوء إلى الاستيراد في أغلبية المواد، وهو يشغل عدداً كبيراً من اليد العاملة ويساهم بنسب جيدة تتجاوز 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في سورية وهو محط أنظار واهتمام كل الجهات الحكومية.
وأضاف الخليل إن الباب مفتوح أمام المستثمرين الراغبين بالاستثمار في سورية مؤكداً أنه تم منح إجازات استثمار لـ32 مشروعاً استثمارياً برأس مال يتجاوز 1270 ملياراً إضافة إلى عدد من المشاريع قيد منح الإجازة وقيد الحصول على التراخيص، موضحاً أن المشاريع التي تمنح إجازات الاستثمار ستنفذ على أرض الواقع لأن هناك التزاماً بجدول زمني عند الحصول على هذه الإجازات، كما أن هناك العديد من المشاريع الجديدة التي دخل فيها السوريون، والعديد منهم يقومون بترميم منشآتهم المتوقفة للبدء بمشاريع جديدة ومنهم من يقوم بدراسة لمشاريع موجودة ضرورية اليوم وتقوم الوزارة بدراسة الطلبات المقدمة إلى هيئة الاستثمار السورية للاطلاع على كل المعوقات الموجودة في المجال الاستثماري، وشدد على أن الباب مفتوح لكل المستثمرين الراغبين من داخل وخارج سورية.
مخرجات الزراعة هي مداخل للقطاع الصناعي
وفي سياق متصل أكد وزير الصناعة زياد صباغ أن الغاية من هذه المناقشات والمحاور هي تعزيز القيم المضافة لكل المنتجات وخاصة الزراعية لأنها منتج محلي وتوفر مادة أولية تكون بديلاً عن مستلزمات يتم استيرادها وتستلزم قطعاً أجنبياً، إضافة إلى تشغيل يد عاملة محلية يجب تأطيرها وفق أساليب حديثة وعلمية، مؤكداً أهمية الملتقى باعتبار أن سورية تعتمد بالدرجة الأولى على الإنتاج الزراعي وبالتالي من المفيد جداً أن نطرح مشاريع للاستثمار في هذا القطاع لأنه مهم ويؤمن مخرجات تكون مداخل للقطاع الصناعي.
«كشتو» تغير ثقافة الدعم!
من جهته، طالب رئيس اتحاد الغرف الزراعية السورية محمد كشتو المستثمرين بتغيير ثقافة الدعم التي يطلبونها دائماً من الحكومة وأن يكون الخروج من الدعم كيفياً لافتاً إلى أنه كيف يستقيم أن نظن أن الحكومة تستطيع وحدها تأمين الأسمدة والمحروقات والبذار والأراضي وغيرها من المطالب؟ متسائلاً لماذا لا يقدم المستثمر مبادرات مع الاحتفاظ بحقه في الاستثمار والربح؟
وأشار كشتو إلى أهمية اللقاء من خلال الحوار المطروح لتطوير وتحسين الاستثمار في القطاع الزراعي لأن الزراعة هي الرافع للاقتصاد السوري وهي التي تحقق الأمن الغذائي والتنمية والنمو الاقتصادي وخاصة أن بلدنا بلد متنوع الإنتاج الزراعي سواء النباتي أم الحيواني، موضحاً أن الاستثمار في القطاع الزراعي يحتاج إلى تشريعات أكثر تفصيلية ورؤية أوضح ودعوة المستثمرين والعاملين في هذا المجال للتوجه للاستثمار في القطاع الزراعي الذي هو من أربح الاستثمارات.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن