*ايهاب اسمندر
يعتبر الاستثمار من أهم المفاهيم المستخدمة في الاقتصاد الكلي، لما له من دور في التأثير على النشاط الاقتصادي، كما أن النمو الاقتصادي في فترة هو نتيجة للاستثمار في فترات سابقة.
إذاً؛ فالاستثمار هو السبيل لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المنشودة مستقبلا”؛حيث أن الاستثمار في الأنشطة المادية والبشرية في الاقتصاد يحدد حجم التكوين الرأسمالي الذي يحدد سرعة وطبيعة النمو الاقتصادي.
مفهوم الاستثمار: هو توظيف الأموال المدخرة في مجالات تؤدي إلى خلق إنتاج جديد أو توسيع الإنتاج الحالي وزيادة تكوين رأس المال.
عليه؛ يعتمد الاستثمار على جزء الدخل غير المستهلك (الادخار)، ليعاد استخدامه بطريقة مثمرة (الإنتاج)، لذلك يعتمد حجم الاستثمار بصورة رئيسية على حجم الادخار.
أهمية الاستثمار: تكمن أهمية الاستثمار في العديد من النقاط، منها:
– مواجهة الزيادة في الطلب الكلي نتيجة الزيادة في عدد السكان.
– تحسين دخل السكان وتلبية رغباتهم.
– زيادة طاقة البلد الإنتاجية من خلال إنتاج السلع الرأسمالية وتطويرها بحيث تكون أكثر كفاءة إنتاجية بمرور الزمن.
– المحافظة على حالة التوازن بين الطلب الكلي والعرض الكلي.
– ضمان استمرار القدرة الإنتاجية في الاقتصاد الوطني.
– تعظيم الثروة وتحقيق المزيد من الأرباح وتحقيق الرفاهية الاجتماعية.
– خلق فرص العمل للوافدين الجدد إلى سوق العمل وبالتالي مكافحة آفة البطالة والمشاكل الاجتماعية المرتبطة بها.
– تطوير البعد الثقافي للبلاد من خلال الأنماط الجديدة التي يفرضها الاستثمار.
متطلبات الاستثمار: للاستثمار العديد من المتطلبات، منها:
– توفر فائض الدخل النقدي لدى الأشخاص الطبيعيين أو الإعتباريين.
– توفر البيئة الاستثمارية المناسبة للاستثمار.
– توفر درجة مواتية من الوعي الاستثماري كافي لكي يتولد لدى المدخرين حس استثماري يجعلهم يقدرون المزايا المترتبة على توظيف مدخراتهم في شراء أصول منتجة وليس تجميدها.
– توفر المناخ العام المناسب للاستثمار.
– وجود سوق مالي كفء وفعّال يوفر المكان والزمان المناسبين للجمع بين رغبة المدخرين في استثمار اموالهم، ورغبة المقترضين في الحصول على هذه الاموال.
البيئة الاستثمارية: هناك مجموعة من العوامل التي تشكل البيئة الاستثمارية، التي تشجع أو تنفر الاستثمار، وهي:
– الاستقرار الأمني. – الاستقرار الاقتصادي. – معدلات أسعار الفائدة.
– مستوى الدخل القومي. – معدلات التضخم النقدي. – مستوى الأتمتة.
– الانفتاح الاقتصادي.
الاستثمار في سورية:
– تطور الاستثمار الإجمالي الحقيقي في سورية بين عامي 2017 و2021 بشكل ملحوظ، حيث بلغ في عام 2021 أكثر من ضعف ما كان عليه في عام 2017.
– بلغ الاستثمار الإجمالي حوالي 236 مليار ليرة سورية في عام 2016ليرتفع إلى 394 مليار ليرة في عام 2017، وإلى 464 مليار ليرة في عام 2018، لكنه انخفض إلى حوالي 404 مليار ليرة في عام 2019، ليعاود الارتفاع إلى 448 مليار ليرة في عام 2020، وليحقق أعلى رقم له في عام 2021 بحوالي 555 مليار ليرة سورية؛ ليتراجع إلى 548 مليار ليرة سورية في عام 2022
المصدر: بيانات المكتب المركزي للإحصاء، القيمة مليون ليرة سورية، سنة الأساس 2000
– إن نمو الاستثمار الإجمالي خلال الفترة المدروسة لم يتصف بالاستقرار، فكان – 12% في عام 2016 ليرتفع إلى 67% في عام 2017، ثم يتراجع بشكل كبير إلى 18% في عام 2018 وليسجل نمو سلبي -13% في عام 2019 ليعود ويحقق نمواً إيجابياً في عامي 2020 و2021 بمعدل 11% و24% على التوالي، ليعود إلى نمو سلبي – %7 في عام 2022
– لكن معدل النمو لكامل السلسلة كان جيداً (17% تقريباً)
– تذبذب معدل نمو الاستثمار الإجمالي، يعكس طبيعة البيئة الاستثمارية التي مرت بها سورية خلال الفترة المدروسة.
– تتباين مساهمة القطاعين الخاص والعام في الاستثمار الإجمالي بين عام وآخر.
– كانت مساهمة القطاع الخاص 73% في عام 2016 مقابل 27% فقط للقطاع العام، ولتنخفض مساهمة القطاع الخاص إلى 39% مع ارتفاع مساهمة القطاع العام إلى 61% في عام 2017، ولتنخفض من جديد مساهمة القطاع الخاص إلى 31% في عام 2018 مع ارتفاع مساهمة القطاع العام إلى 67%، وفي عام 2019 تقاربت مساهمة كلا القطاعين في الاستثمار الإجمالي (45% للقطاع الخاص و55% للقطاع العام)، وليحصل تساوي تقريباً في مساهمة كلا القطاعين في الاستثمار الإجمالي (49% للقطاع الخاص و51% للقطاع العام)، أما في عام 2021 فعادت مساهمة القطاع الخاص للانخفاض إلى 46% مع ارتفاع مساهمة القطاع العام إلى 54% الذي ارتفعت مساهمته إلى%56 في عام 2022 مقابل %44 للقطاع الخاص.
– بمقارنة مساهمة كلا القطاعين الخاص والعام؛ فإننا نجد أن تأثيرهما في الإستثمار الإجمالي يتقارب مع أفضلية للقطاع العام خلال الفترة المدروسة؛ ناجمة عن حذر القطاع الخاص من الاستثمار في الاقتصاد السوري نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد.
– يعكس مؤشر إنتاجية الاستثمار على المستوى الكلي (ICOR) حالة من عدم جدوى الاستثمار في تطوير الناتج المحلي الإجمالي لسورية خلا الفترة المدروسة.
– يظهر المؤشر حالة من التذبذب ما بين إنتاجية سلبية من ناحية وإنتاجية منخفضة جداً من ناحية أخرى.
– المؤشر كان سلبياً في عامي 2017 و2020 (-81 و-359) على التوالي، كما عكس حالة إيجابية غير مشجعة في أعوام 2018- 2019- 2021 – 2022/61-63-49-50/ على الترتيب
ICOR= I/ (GDPt-GDPt-1)
– هناك ضعف شديد بالادخار المحلي في سورية خلال الفترة المدروسة، ولعب دور في ذلك تراجع الدخول مع ارتفاع التضخم والميل الحدي للاستهلاك.
– إن معدلات نمو الادخار والاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي، تظهر علاقة سلبية (-0.1) بين كلا المتغيرين، وهذا يعكس طبيعة الحالة الاقتصادية الراهنة.
– هناك حاجة كبيرة لتحفيز الادخار في سورية عبر القنوات الادخارية بهدف تطوير الاستثمار على المدى المتوسط.
– ما يزال ترتيب سورية في مؤشر سهولة أداء الأعمال Ease of doing business متأخراً وهذا المؤشر يعتبر معيار رئيسي لاتخاذ القرار الاستثماري.
– تراجعت سورية من المستوى 134 في عام 2010 إلى 176 في عام 2020(مع أن ترتيبها في العام 2018 كان 179)،
– ضمن المؤشرات الفرعية، كان سبب تراجع سورية يتركز بصعوبة الوصول إلى الكهرباء، صعوبة الحصول على الإئتمان.
– إن مؤشر سهولة أداء الأعمال يعكس العديد من المؤشرات الفرعية المهمة والتي تحتاج إلى عمل دؤوب لتحسينها وهي تتناول جوانب بيئة الأعمال في الاقتصاد الوطني (البدء بالأعمال، الوصول إلى الكهرباء، الحصول على تراخيص البناء، تسجيل الملكية، الحصول على الإئتمان، حماية حقوق أقلية المستثمرين، توظيف العمال، تسوية حالات الإعسار، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود، المقاولات مع الحكومة /جديد/).
النتائج:
– الاستثمار في سوريا يعتمد بشكل كبير على الجانب المادي (تقليدي ويخلو من البعد الابتكاري)، ولم يتصف بالاستقرار خلال السنوات الماضية.
– المؤثر السلبي الأكبر على الاستثمار الإجمالي كان تراجع استثمار القطاع الخاص، ولعب في ذلك طبيعة الحالة الاقتصادية لسورية وتريث القرار الاستثماري لدى القطاع الخاص.
– هناك تراجع كبير في الادخار في سورية مما يعني تأثير سلبي على الاستثمار ليس فقط خلال الفترة الماضية بل حتى خلال السنوات المقبلة ما لم يتم اتخاذ إجراءات في هذا المجال.
– تعاني سورية في السنوات الأخيرة من صعوبات في الاستثمار تتعلق بالبنية التحتية ومعظم مكونات بيئة الأعمال.
– ICOR الاستثمار في سورية كان سلبياً في السنوات الأخيرة وهذا أثر سلباً على دور الاستثمار في النمو الاقتصادي
– لن يكون هناك تطور في الواقع الاستثماري لسورية بدون خطة علمية تصمم وتقر لهذه الغاية.
– يبدو أن برامج تشجيع الاستثمار الحالية لم تتمكن من تحقيق زيادته مما يقتضي تحليل أثرها وإعادة النظر بها.
التوصيات:
– ضرورة تطوير بعض التشريعات ذات العلاقة بجذب الاستثمار بما يتوافق مع المصلحة العامة وتطلعات المستثمرين.
– استهداف توسيع المشاركة في الاستثمار لتشمل مختلف حجومه (كبير – متوسط –صغير – متناهي الصغر) وخلق تناغم فيما بينها.
– توفير مراكز مؤهلة لتعويض النقص في البنية التحتية خلال الوضع الراهن.
– دعم الاستثمارات ذات الطبيعة الابتكارية وذات المحتوى التكنولوجي العالي بسبب قيمتها المضافة العالية وتأثيرها الإيجابي السريع على البنية الاقتصادية
– تشجيع الاستثمار في مجال التحول بالاقتصاد السوري إلى اقتصاد معرفي.
– إعداد منهجية وطنية متكاملة لزيادة الاستثمار وتراعي التدرج المرحلي (قصير، متوسط، بعيد المدى)
(موقع سيرياهوم نيوز-2)