| أحمد العبد
شهدت الضفة الغربية المحتلّة، في اليومَين الماضيَين، تصاعُداً في عمليات إطلاق النار تجاه جنود العدو ومُستوطِنيه، والتصدّي لاقتحاماته الهادفة إلى تنفيذ اعتقالات في المدن والبلدات، وسط انضمام مناطق جديدة، للمرّة الأولى، إلى دائرة النار. وتشي تلك التطوّرات، التي لا تفتأ تتوالد، بأن الضفة قد تكون مُقبلة، في الثلث الأخير من العام الجاري، على تصعيد أكبر، لا يُستبعد تحوُّله إلى انتفاضة شاملة، وفق ما تَذهب إليه توقّعات الأوساط الإسرائيلية، التي تُشير إلى أن هذا السيناريو بات الأكثر إقلاقاً لدولة الاحتلال
رام الله | تُدلّل عمليات المقاومة في الضفة الغربية المحتلّة، خلال الـ 48 ساعة الأخيرة، على اتّساع رقعة النار والمواجهة ضدّ العدو الإسرائيلي، الأمر الذي بات مقلقاً بالنسبة إلى الأجهزة الاستخبارية والعسكرية التابعة للاحتلال. وقد سَجّلت الضفة، في المدّة المذكورة، 12 عملية إطلاق نار، و11 نقطة مواجهة، خلّفت إصابات عديدة في صفوف المستوطنين. وإذا كانت مدينتا جنين ونابلس قد تصدّرتا في الشهور الفائتة مشهد المقاومة في الضفة، فإنّ مناطق عدّة دخلت إلى دائرة الاشتباك المفتوح أخيراً، كسلواد وطوباس وروجيب، في ما يبدو أن إسرائيل باتت تتخوّف من تحوُّله إلى انتفاضة شاملة، في ظلّ وجود بيئة قد تدفع باتّجاهها.
وشهدت بلدة سلواد، صباح أمس، اشتباكاً مسلّحاً ومواجهات عقب اقتحامها من قِبل قوات الاحتلال، ومحاصَرة الأخيرة لمنزلَين، واعتقالها 3 شبّان، هم: المصاب عبد الرحمن عبد الله حامد، وعز الدين محمد عيسى صبح، وعبد القادر باسم حماد، في مشهد باتت تعيشه سلواد بشكل يومي، على إثر عمليات المقاومة التي تقع قربها، والتي تستهدف حافلات المستوطنين. وقبل تلك المواجهة بساعات، نجا مستوطنون من فكَّي الموت، في عمليتَين وقعتا قرب نابلس أوّل من أمس، أولاهما أصيب فيها مستوطنان بجروح بين متوسّطة وخطيرة، بعد استهدافهما ومَن كان معهما خلال اقتحامهم بمركبتهم الخاصة قبر يوسف في مدينة نابلس، حيث أمطرهم المقاومون بالرصاص وأضرموا النار في مركبتهم، إثر إجلائهم من قِبَل جيش الاحتلال. ومساء اليوم ذاته، تعرّضت حافلة تقلّ عشرات المستوطنين لإطلاق نار قرب مدينة نابلس، حال الحظّ فقط من دون وقوع إصابات في صفوفهم.
تُسابق إسرائيل الزمن من أجل منْع تحوُّل خلايا المقاومة الوليدة إلى مجموعات قوية
وباتت حوادث استهداف الحواجز العسكرية في الضفة شبه يومية، إلى جانب التصدّي لكلّ اقتحام وتَحويله إلى اشتباك مسلّح، وهذا الأمر بدأ يثير قلق المستويات الأمنية والاستخبارية في دولة الاحتلال، وخاصة أن الاعتقالات والاقتحامات التي كانت تنفّذها قواتها بسهولة في مدن الضفة وبلداتها، تحوّلت إلى معارك شرسة يخوضها الشبّان الفلسطينيون لساعات. وفي هذا الإطار، كتب المحلّل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن غالبية عمليات إطلاق النار وإلقاء الزجاجات الحارقة في الفترة الأخيرة تتمّ ضدّ أهداف عسكرية إسرائيلية، مِن مِثل نقاط المراقبة ومعسكرات الجيش والحواجز العسكرية، مضيفاً إن عدم وقوع إصابات في تلك العمليات، مردّه، بحسب تقديرات الجهات الاستخبارية، هو أنها تتمّ من قِبل شبّان غير مدرّبين، وغير تابعين لجماعات فلسطينية منظّمة. وأشار بن يشاي إلى أن من معالم حالة الغليان في الضفة، «المقاومة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك خلال تنفيذ عمليات الاعتقال في القرى والمدن، هذه الحالة لم تكن موجودة قبل عامَين، حيث كانت العمليات تتمّ من دون استخدام النار من جانب الفلسطينيين ولا من جانب الجيش الإسرائيلي». وتابع بن يشاي أنه «يوجد موضوع واحد الآن يشغل الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك أكثر من الاتفاق النووي الإيراني، وحتى أكثر من تحذيرات حسن نصر الله»، ناقلاً عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله: «نُلاحظ حالة من الغليان تتزايد في الضفة وخاصة في شمالها، قد تتطوّر وتتحوّل إلى انتفاضة شعبية عنيفة، وعلى المؤسّسة الأمنية أن تستعدّ لمِثل هذه التطوّرات، ومحاولة منعها». من جهته، علّق الصحافي الإسرائيلي، يهود بن حمو، على اشتباك روجيب بأن «مقاومة عمليات الاعتقال بالرصاص والسلاح باتت مسألة مقلقة لجيش الاحتلال ومخابراته»، لافتاً إلى أن «العمليات التي كانت تنتهي بدقائق، تحوّلت إلى اعتقالات إشكالية ومعقّدة، تشمل استخدام إجراء طنجرة الضغط، إطلاق نار، وحتى استخدام الصواريخ». وأكدت صحيفة «هآرتس» العبرية، بدورها، أن كبار المسؤولين في الجيش و«الشاباك» ووحدة تنسيق عمليات حكومة الاحتلال في الضفة، يتّفقون على رأي واحد، وهو أن الأوضاع في الضفة آخذة في التدهور، وقد تتحوّل إلى واقع عنيف شبه يومي، ويعود ذلك بالأساس إلى ضعف حُكم السلطة الفلسطينية. كما يعتقد المسؤولون أن الحلّ لمواجهة هذا الوضع هو باتّخاذ مبادرات اقتصادية أو سياسية يمكن أن تُخفّف من حدّة التوتر.