آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » «الاغتيال له أهداف سياسية لكنه مطلوب لعرقلة استعادة القدرات» | العدو منتشياً: عقيدتنا الأمنية تغيرت إلى الأبد!

«الاغتيال له أهداف سياسية لكنه مطلوب لعرقلة استعادة القدرات» | العدو منتشياً: عقيدتنا الأمنية تغيرت إلى الأبد!

 

 

مرة جديدة، يعيش قادة العدو نشوة الانتصار. لقد نجحوا في توجيه ضربة شديدة القسوة إلى حزب الله. وهم يتصرفون بأن في مقدورهم فعل المزيد، ما لم توافق الحكومة في لبنان على نزع سلاح حزب الله، ولو بالقوة، وإقفال هذا الملف. وفي الكيان، نُشر الكثير من التقارير والتحليلات حول خلفية وأبعاد عملية اغتيال «أبو علي الطبطبائي»، والأهم في ما ورد، الإشارة إلى أن إسرائيل مستعدة لجولة جديدة كما فعلت العام الماضي. والحرب النفسية ترافق العمليات العسكرية. كل المراسلين والصحافيين ومراكز المعلومات مجندة في المعركة. العنوان واحد: لقد حان وقت جز العشب من جديد!

 

مركز «علما»، الذي ينشر معلومات ذات بعد أمني بين الوقت والآخر، عمد بعد اغتيال الأحد إلى نشر قائمة بأسماء الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية التي يقول إنها تمثل قيادة حزب الله الآن، وإن جميع من فيها بات هدفاً للتصفية، مع إشارة إلى الشهيد الطبطبائي وصورته. وفي مكان آخر، ترد معطيات إضافية عما يسميه العدو «مرحلة استعادة حزب الله لقدرات قتالية كبيرة خسرها في الحرب الماضية».

 

وهو عنوان السردية الجديدة التي انطلقت قبل نحو شهر، حيث تراجع الحديث عن إنجازات الحرب الماضية، ثم خرجت فجأة التقارير عن قدرات الحزب. وفوق ذلك، عادت صحافة إسرائيل لتهتم بمواقف قادة المستوطنات الشمالية. وبعدما اعتمدت سياسة التحفظ على واقع السكان في تلك المنطقة، بثت تقارير جديدة، تشير إلى بطء عملية إعادة الإعمار. لكنها تقارير تركز على أن المستوطنين يريدون من إسرائيل الإسراع في إنجاز مهمة تدمير حزب الله بصورة كاملة، حتى يكون هناك هدوء مستدام.

 

في الميدان، يواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية في لبنان، يضرب من يعتبرهم عناصر في «ورشة الترميم»، ثمن يرفع السقف باتجاه ضرب «عناصر غير عسكرية لكنها تقوم بأعمال تخدم الجهات العسكرية في حزب الله»، في بداية لمسلسل ضرب عناصر وكوادر مدنية تعمل في البلديات والإعمار، مع مواصلة الضغط لمنع عودة أبناء القرى الحدودية إلى منازلهم، وتعطيل عمليات الترميم الجزئي هناك، ووضع شروط هائلة على كل عمل يقوم به جهاز تابع لوزارة رسمية في لبنان، مع طلب تفاصيل دقيقة مملة لكل عملية رفع أنقاض، أو إصلاح للكهرباء والمياه، والإصرار على أن العمل في الحقول يحتاج إلى إذن مسبق يتم طلبه عبر لجنة «الميكانيزم» التي تشرف الولايات المتحدة الأميركية على إدارتها.

 

وبعيداً عن الغطرسة التي يتسم بها السلوك الشخصي لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، فإن الرجل يخوض معركته نفسها، ويضيف إلى جدول أعماله مهمة إبقاء جمهور الكيان في حالة تفهم لما يقوم به.

 

يواصل إعلام العدو والخبراء الحديث عن قدرات المقاومة، وتعزيز سردية تبرر العدوان

وفق مبدأ جديد يقوم

على «الأمن بالمنع»

 

مع جرعة إضافية من النجاحات، سواء في معركته المستمرة في لبنان، أو تلك التي تأخذ شكلاً مشابهاً في غزة، إضافة إلى برنامجه الخاص في سوريا، والذي يقوم على فكرة أنه «سيد الأرض»، بما في ذلك رفضه لكل التنسيق المفترض مع الأميركيين. علماً أنه يأخذ على واشنطن أنها «تهتم أكثر من اللازم» بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع. وعندما قام نتنياهو بجولته قبل أيام في الأراضي السورية المحتلة، كان يتحدث بلغة تهكمية عن الشرع، قائلاً «الرجل عاد منفوخاً من واشنطن»، ومعتبراً أن عليه هو أن يعيده إلى حجمه الطبيعي.

 

وبالعودة إلى لبنان، فإن إسرائيل تحاول أن تشرح من خلال وسائل الإعلام موقفها الحالي. وتستخدم لهذه الغاية أسماء كبيرة من عالم الاستخبارات والجيش والصحافة، في إيصال ما ترى أنه رسائل ضرورية إلى «المعنيين في الجهة المقابلة».

 

وبهذا المعنى، يجب قراءة ما ينشر في إعلام العدو. وكان اللافت ما قاله عاموس يدلين، الذي شغل سابقاً منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، عن عملية الاغتيال بأنها «رسالة إلى حزب الله أن انتبهوا، فقد وصلنا إلى الرجل المسؤول عن التعاظم وعن بناء القوة والأقرب إلى القيادة الإيرانية»، ثم هي «رسالة إلى اللبنانيين وحكومتهم، التي تعهدت منذ وقف إطلاق النار بالعمل على نشر الجيش، وأنها ستبعد حزب الله عن جنوب نهر الليطاني قبل نهاية هذه السنة، ثم التزمت بدء العمل على معالجة سلاح حزب الله في البقاع وفي بيروت، ولكنّ أياً من هذه الأمور لم يتحقق». لكن يدلين يعود ليشرح أصل الفكرة، وهي أن العملية «فيها رسالة إلى كل أعداء إسرائيل بأن العقيدة الأمنية لدينا قد تغيرت، وأننا لن نسمح ببناء قوة لجيش إرهابي على حدودنا».

 

أما زميله، تامير هايمان، والذي شغل بعده منصب رئيس الاستخبارات العسكرية، فقال إن الاغتيال «إحباط لتهديد استراتيجي ناشئ، ولكنه قبل كل شيء إشارة حادّة إلى الحكومة اللبنانية: إذا لم تفكّكوا حزب الله من سلاحه، ستواصل إسرائيل التصعيد». وأضاف أن «العملية لا تعني حل المشكلة القائمة في الشمال، ولذلك فإن إسرائيل تدير تصعيداً محسوباً مقابل لبنان وحزب الله، يقوم على أساس أن إسرائيل ما بعد 7 أكتوبر لم تعد تتصرف بسياسة الاحتواء». ويجزم بأن «الولايات المتحدة تفهم خلفية ما نفكر به، ولذلك فهي باركت العملية بعد وقوعها، لأن في واشنطن من يدرك أنه من دون ضغط عسكري متزايد، فإن الحكومة اللبنانية لن تنفذ اتفاق وقف إطلاق النار».

 

لكن هايمان، الخبير في الجسم العسكري لحزب الله، يقول إن احتمالية الحرب قائمة، وإنه رغم أن «إسرائيل دمّرت الكثير من منظومات الحزب الاستراتيجية وأحبطت تقريباً بالكامل قدرته على اقتحام الجليل، فإن الأمر لم يحسم، إذ لكل قائد يُقتل هناك بديل، وما يزال لدى حزب الله صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة قادرة على إصابة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حتى لو بكميات أقل».

 

ليضيف أنه «مجرد أننا ما نزال نناقش السؤال عما إذا كان حزب الله سيردّ أصلاً، وبأي حجم؟ فهذه حقيقة تُجسّد الوضع الجديد الذي نشأ في الشمال بعد الحرب. ولذلك إن رد إسرائيل على أي رد من حزب الله سيكون بمستويات أكبر بكثير وغير متناسبة».

 

من جانبه، كتب الصحافي المقرب من المؤسسة العسكرية رون بن يشاري، أن الاغتيال سببه «أن الاستخبارات الإسرائيلية ترصد تزايد وتيرة جهود الحزب لإعادة بناء القدرات، وهي عملية تثير قلقاً في إسرائيل، وتصطدم أيضاً بمبدأ «المنع» وهو مفهوم جديد في الأمن القومي، ومعناه أن إسرائيل لن تسمح لأعداء يشكلون تهديداً عملياً وملموساً على دولة إسرائيل، بأن يتعاظموا ويستعدّوا لاختراق أراضينا».

 

وقال بن يشاي إن «استهداف الطبطبائي لم يكن مجرد إشارة إلى نفاد صبر إسرائيل، بل أيضاً وربما أساساً كان جزءاً من الجهد لاقتطاع قوته العسكرية بشكل منهجي، وكذلك ضرب سلسلة القيادة لديه. لأن الخبرة المتراكمة تشير إلى أن غياب كل قائد كبير ومتمرّس يُقتل، حتى لو تم تعيين بديل له، يؤثر — ولو مؤقتاً — على الأداء العسكري الفعّال للتنظيم».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١- الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قلق أوروبي من الجنون الأميركي: المؤسسة العسكرية هي الضمانة الأخيرة

  فراس الشوفي       لم تكن السياسة الأميركية تجاه لبنان خلال العقدين الأخيرين أكثر تشتّتاً ممّا هي عليه اليوم في عهد إدارة الرئيس ...