آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الاقتصاد الإسرائيلي في اختبار غير مسبوق.. مزيج من الأرقام المبعثرة والتخبطات يضع البلاد على حافة الهاوية

الاقتصاد الإسرائيلي في اختبار غير مسبوق.. مزيج من الأرقام المبعثرة والتخبطات يضع البلاد على حافة الهاوية

منذ السابع من تشرين الأول، تحوّلت عيون العالم إلى واحدة، مُركّزة بشكل لا مثيل له نحو الصراع الذي يشتد بين غزة وإسرائيل. تتراوح سيناريوهات الصراع بين مختلف الاحتمالات، وتنبأت التحليلات بعواقب واعدة في الأفق. هناك اجتماعات دولية وتصاعد تنديدات عربية وعالمية، حيث يُمسك الجميع أنفاسهم في انتظار النتائج.

ومع ذلك، ما لم يكن في الاعتبار هو طابع هذه الحرب الاستثنائي، حيث فاقت خسائر العدو توقعات الجميع. تنذر هذه الحرب بكارثة اقتصادية غير مسبوقة، وهذا خاصة في حالة نشوب عملية اجتياح بري، مما يضع العالم أمام تحديات جديدة تشعل الجدل وتستدعي استجاباتًا سريعة وفعالة.”

الشيكل الإسرائيلي

شهد الشيكل الإسرائيلي عبورًا غير مسبوق حيث انخفضت قيمته بشكل حاد مقابل الدولار. وصلت قيمة الدولار الواحد إلى أدنى مستوى للشيكل منذ عام 2015، مما أثار أمواجًا من القلق بين المستثمرين والمتتبعين الاقتصاديين. تلك التقلبات النقدية جاءت في سياق التصاعد الحالي للصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

منذ بداية المعارك في السابع من أكتوبر، شهد الشيكل تدهورًا ملحوظًا مقابل الدولار، مما جعل الأوضاع الاقتصادية تشهد تحولات غير مسبوقة وتراجعات مثيرة للجدل، وفي ظل هذا السياق، يتزايد القلق بشكل متزايد حيال تداعيات الصراع على الاقتصاد المحلي والعالمي.

البورصة الإسرائيلية

على الساحة المالية، شهدت البورصة انخفاضًا حادًا حيث انخفض المؤشر الرئيسي T-35 إلى أدنى مستوى له في غضون عامين. تكبد المؤشر خسائر تجاوزت 11 بالمئة، مما أدى إلى فقدان قيمته السوقية بمقدار حوالي 33 مليار دولار.

تصنيف الديون السيادية لإسرائيل

وكالات التصنيف الائتماني الرائدة، بما في ذلك موديز وفيتش، قامت بوضع الاقتصاد الإسرائيلي تحت المراجعة السلبية.

تأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات، حيث خسر الاقتصاد ما يقرب من 1.5 مليار دولار خلال الأسبوع الأول من هذا التصعيد. ومن المتوقع أن تزيد هذه التكاليف وترتفع إلى حوالي 7 مليارات دولار خلال الفترة الزمنية التي تمتد من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

التصعيد في غزة يفجر إجراءات استثنائية من بنك إسرائيل غير مشهودة منذ 2020

في يوم حافل بالتوترات وأصداء الحرب ضد قطاع غزة وتوترات الشمال مع حزب الله اللبناني، استمرت لجنة السياسة النقدية في بنك إسرائيل في حفظ الهدوء في الساحة المالية. قررت اللجنة الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة عند 4.75 بالمئة.

وعلى الرغم من هذه التحديات الكبيرة، أكد البنك أن الاقتصاد الإسرائيلي ما زال قويًا ومستقرًا كما لم يحدث من قبل، وأشار إلى أنه مستمد من أسس قوية. ترتكز هذه الثقة على أداء الاقتصاد الإسرائيلي السابق وقدرته على التعافي من التحديات الصعبة.

وبالرغم من أن الحرب تلوح في الأفق، إلا أن إسرائيل ما زالت تتمتع بمؤشرات اقتصادية إيجابية، مثل فائض في الحساب الجاري ونسبة منخفضة لدين الحكومة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي واحتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي وتراجع معدل البطالة.

إسرائيل تمتلك قاعدة نقدية قوية، حيث بلغت الاحتياطات النقدية الأجنبية 198 مليار دولار في سبتمبر الماضي، ما يمثل نحو 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي ظل توقعات بأن الحرب ستتركز في الجبهة الجنوبية في الأشهر القادمة، يتوقع البنك أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 2.3 بالمئة في عام 2023 و 2.8 بالمئة في عام 2024.

وكان  البنك المركزي الإسرائيلي قد أعلن عن برنامج طموح لبيع مبلغ يصل إلى 30 مليار دولار في سوق النقد الأجنبي، بهدف تقليل تقلبات العملة المحلية، الشيكل. هذه الخطوة تأتي في إطار جهود البنك للتدخل في السوق وضبط سعر صرف الشيكل، وتوفير السيولة الضرورية لضمان استقرار الأسواق المالية. وفي حالة الضرورة، سيتاح للبنك توفير سيولة إضافية تصل إلى 15 مليار دولار باستخدام آليات مبادلة العملة.

الصراع يلحق بإسرائيل خسائر اقتصادية فادحة بلغت 6.8 مليار دولار

“فاجأت الأوضاع السياسية التوترة الإقليمية اقتصاد إسرائيل بصدمة، حيث شهد هجوماً مفاجئاً من غزة. تقديرات مدير استراتيجية الأسواق في بنك هبوعليم، مودي شافيرر، تشير إلى أن الخسائر بلغت حتى الآن نسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعادل 6.8 مليار دولار على الأقل. هذا ينذر بزيادة عجز الميزانية بنسبة لا تقل عن 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل. وبذلك تصبح هذه الخسارة الأعلى منذ حرب أكتوبر 1973.

ويجب أن نذكر أن هذه التقديرات تزيد على تلك المرتبطة بالحرب السابقة “الجرف الصامد” في غزة عام 2014، حيث كانت الخسائر في ذلك الوقت تقدر بحوالي 3.5 مليار شيكل أو ما يعادل 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي.

إلى جانب ذلك، يُتوقع أن ينعكس هذا الصراع على نشاط الاقتصاد الإسرائيلي بشكل سلبي خلال عام 2023، مع تقليل القوة الشرائية للأسر وتقليل استثمار الشركات. وفي هذا السياق، توجه صندوق النقد الدولي إلى تقديراته حيث يُتوقع أن ينخفض الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. إلا أن هذا الصراع من المرجح أن يؤدي إلى زيادة الدين العام بشكل مباشر، حيث قامت إسرائيل بإطلاق حملة لجمع الأموال من خلال سندات الشتات.

ومن الجدير بالذكر أن ديون الحكومة الإسرائيلية بلغت 294.7 مليار دولار في ديسمبر 2022، مقارنة بـ 335.7 مليار دولار في العام 2021. هذا يمثل انخفاضًا عن أعلى مستوى للدين العام على الإطلاق.

إن هذه الأحداث تجسد تأثيرات الصراع الجاري على الاقتصاد الإسرائيلي، والتحديات الاقتصادية المستقبلية التي تواجه البلاد.”

و قطاع السياحة والسفر يعاني من ضربات موجعة مع إلغاء مئات الرحلات وتعليق النشاط في معظم المطارات الإسرائيلية. تمّ إلغاء الحجوزات في الفنادق، مما أدى إلى فقدان عشرات الآلاف من السياح. هذا يعني أن هذا القطاع يتكبد خسائر فادحة في عائداته، حيث بلغت خسائر العام الماضي 3.5 مليارات دولار.

و شركات التكنولوجيا الإسرائيلية  شهدت تأثيرًا فوريًا جراء اندلاع الحرب، حيث تم استدعاء أكثر من 300 ألف جندي احتياط، معظمهم يعملون ويدرسون في البلاد. تقدر منظمة “ستارت آب نيشن سنترال”، التي تسعى إلى تعزيز صناعة التكنولوجيا الإسرائيلية عالميًا، أن حوالي 10٪ من موظفي شركات التكنولوجيا في إسرائيل تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية. وهذا الرقم يرتفع إلى 30٪ في بعض الشركات الأخرى.

قطاع الطاقة

في مجال الطاقة، أعلنت شركة “شيفرون” بعد مرور يومين من مرور “طوفان الأقصى” على إسرائيل، عن إغلاق حقل تمار للغاز الطبيعي، والذي يُعد واحدًا من أهم مصادر الغاز المستخدمة في إنتاج الكهرباء والصادرات في إسرائيل. وقد أدى استمرار إغلاق هذا الحقل، بسبب مخاوف من تعرضه لهجمات المقاومة، إلى تعطيل صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر والأردن، مما زاد الضغط على سوق الغاز الأوروبي.

على الرغم من وجود مخزونات غاز عالية في أوروبا هذا الشتاء، إلا أن أسعار الغاز ارتفعت هذا الأسبوع نتيجة ترك ناقلة غاز كانت معدة لملء الغاز الطبيعي المسال في مصر فارغة، وتحويلها إلى ميناء في الجزائر. هذا الأمر أثار مخاوف بشأن إمدادات الغاز في أوروبا.

في النهاية، يبدو أن اقتصاد إسرائيل يعيش في زمن تخبطات وتحديات كبيرة. حيث تجتاح التوترات السياسية والأمنية المنطقة، وتؤثر بشكل ملموس على الاقتصاد الإسرائيلي. تعيث شركات التصنيف الائتماني إسرائيل بالتقييمات السلبية، وتقوض ثقة المستثمرين، مما يجعل مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي محط تساؤلات وغموض.

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الصين وأميركا الأعداء الشركاء بين المنافسة والصراع

د. قحطان السيوفي   يشهد العالم خلافات وصراعات جيوسياسية، وتسعى الإدارة الأميركية لإعادة قنوات التواصل مع منافسها الأكبر الصين، وذلك بعد تأزم في العلاقات بين ...