د.رانيا محسن حسن
يسألني الكثير من الأصدقاء يوميا” نفس السؤال :
الاقتصاد السوري إلى أين ؟ لماذا لا تكتبين في الاقتصاد؟!
في الحقيقة أنا أؤمن بأنه يوجد في بلدي الكثير من الاقتصاديين لكن لا يوجد اقتصاد .
لم أود الكتابة عن الاقتصاد السوري في الشهرين الماضيين لكون الرؤية لدي ما زالت ضبابية وهذا النص ليس إلا محاولة لاستكشاف الممكن وربما يكون محض أمنيات؛ ولكن بالتأكيد هو ليس رصد وتحليل اقتصادي حقيقي لأن سوريا لا تزال تمر بظروف استثنائية والمعلومات ما زالت غير متوافرة ؛وكاقتصادية اكتوارية لا أبني رؤية دونما بيانات، وبالأخص أن الحكومة المؤقتة الحالية جاءت على خلفية اقتصادية مهشمة وبنية تحتية ضعيفة ونقص في كل شي بما في ذلك المعلومات حتى عن السكان .
كنت قد قلت في سنوات سابقة أن الواقع الاقتصادي الذي وصلت إليه البلاد ليس ناتجا” عن الحرب والعقوبات فقط و إنما أيضا” عن تراكم سياسات اقتصادية سابقة فيها الكثير من الأخطاء و الفساد بل الإفساد أيضا” ..
اليوم تستمر السكتة الاقتصادية في البلاد .. وهذا طبيعي حيث أن عدة الإنعاش لم تزل ضائعة و لا هوية لاقتصادنا السوري .. وتعافي الاقتصاد عملية استراتيجية ضخمة تشمل إعادة بناء الدولة وهذه العملية لا تتم بالأحلام والأمنيات بل تتم وفق إعداد خطط علمية مدروسة تتضمن بيانات حقيقية و تحليل وتنفيذ بخطوات دقيقة لا يمنع فيها محاكاة تجارب الدول التي نجحت في إعادة الإعمار بعد الحروب وهذا يحتاج الوقت و يحتاج بعض الممكنات :
سأقترح 5 ممكنات عامة وأفترض تحققها :
الممكن الأول :
استقرار الداخل.. الاستقرار الأمني و الاجتماع
(الأمان والسلام ) والسيطرة على الحدود عبر ضبط اقتصاد الظل، والهدوء مع الجيران و مع الدول الفاعلة في المنطقة.
الممكن الثاني:
الاعتراف الدولي والعلاقات الدبلوماسية الجيدة بالتالي الرفع التدريجي للحظر خاصة في الجانب المصرفي لأن الاقتصاد دون حراك مالي مشروع وسلس يصعب أن تدور عجلته.
أقترح هنا :
( الاهتمام بالمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2025 كنت قد شاركت به سابقا” .. يشارك فيه عادة ما يقارب 3000 شخصية اقتصادية ورجال أعمال و مستثمرين، وكنت قد قرأت أن هذا المنتدى ولأول مرة يخص سوريا بجلسة كاملة لمناقشة الأوضاع الاقتصادية، أتمنى أن نستفيد من هذه الفرصة)
الممكن الثالث:
أن توجه موارد الحكومة وما تحصل عليه من دعم لإعادة تأهيل البنية التحتية خاصة في الكهرباء وإلا لن يكون الإنتاج اولا” والإنتاج يجب أن يبقى أولا” .
الممكن الرابع:
المساعدات لا تبني دولة؛ يجب العمل على الاستفادة من الموارد البشرية الهائلة المتوافرة في السوق السورية نحن مجتمع فتي منتج و نستطيع و أيضاً يجب السماح بالحركة البشرية دون قيود لأن جزء مؤثر من السوريين خارج سورية ولدى هذه الشريحة معرفة بالأعمال والمهن والتعليم وجزء منهم يمتلك مقدرات مالية جيدة.
الممكن الخامس :
على الفريق الاقتصادي الذي سيقود المرحلة المقبلة أن يتفادى الأخطاء القاتلة مثل البيروقراطية والفساد والابتزاز والمبالغة في التنظيم قبل أن تبيض الوزة وعليه أن يصلح النظام الضريبي قبل كل شيء .
هناك ثمة مسكنات أذكر منها دعم بعض الحكومات الشقيقة في الوقود ريثما نجد حلا” مع نفطنا.. تسهيل حركة التجارة مع دول الجوار وتعزيز الصادرات..
حيث لدينا شح في السيولة وهو احد اسباب عدم استقرار سعر الصرف وبالتالي تجميد اخر في الاقتصاد وتمديد عمر السكتة .. يجب على مصرف سورية المركزي التحرك على مستوى سعر الفائدة لأننا أمام مشكلة على مستوى الورقة النقدية الواحدة حيث أكبر فئة نقدية في سورية غير كافية لشراء أصغر سلعة في السوق .
التحديات الاقتصادية اليوم كبيرة واقتصادنا يتأرجح بين المطالب الشعبية الملحة و بين متطلبات بناء الدولة
ونحتاج خارطة الطريق الأقرب لإسعاف الاقتصاد السوري و إدخاله غرفة الانعاش.
(موقع أخبار سوريا الوطن ١-الكاتبة)