آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » الانفعال والنظرة الفوقية- بقلم: أحمد ضوا

الانفعال والنظرة الفوقية- بقلم: أحمد ضوا

تكشف الأزمة المتفاعلة بين لبنان والسعودية إثر بث لقاء سابق لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي يتناول الحرب على اليمن قبل تسلمه منصبه في الحكومة اللبنانية الجديدة غياب الآليات الفعالة لحل المشكلات البينية العربية وغلبة الانفعال والنظرة الفوقية على المصالح المشتركة.

يندرج ما قاله القرداحي حول الحرب على اليمن في قائمة الآراء الشخصية غير المعبرة عن موقف الحكومة اللبنانية مجتمعة ومن غير المقبول تحت أي ظرف كان تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية ذلك بغض النظر عن صحة هذا الرأي من عدمها. كذلك الأمر من غير المنطقي أن تلجأ دولة عربية تعد أساسية في إدارة الشؤون العربية وحريصة على الشعب اللبناني أن تقوم بكل هذه الإجراءات التصعيدية ضد لبنان إثر رأي شخصي سبق وعبرت دول حليفة للسعودية في وصفها الحرب على اليمن بالعبثية ودعت إلى إيقافها لأنها تخدم الأجندات الإسرائيلية وتضر بالبلدين الشقيقين والمصالح العربية عموماً، ولم تتخذ الرياض مثل هذا الموقف المتشدد معها. إن الموقف اللبناني من الحرب على اليمن معروف، يتم التذكير به من قبل المسؤولين اللبنانيين بشكل دائم.. وهو ما فعله رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بعد بث لقاء القرداحي استباقاً لمنع حصول مشكلة في العلاقات السعودية – اللبنانية، ولكن على ما يبدو فإن الرياض كان لديها نية للتصعيد في لبنان وتعمدت تضخيم قصة رأي القرداحي للمضي في ممارسة الضغوط على لبنان لتحقيق أهداف سياسية أخرى لا صلة لها بموقف القرداحي. تظهر استطالات الأزمة بين الرياض وبيروت وامتدادها إلى المقاومة الوطنية اللبنانية وربط هذا الأمر بما يتعلق بالحرب على اليمن وتطوراتها الأخيرة في مأرب بعض خفايا الموقف السعودي الذي توخى إغلاق الباب أمام الحكومة اللبنانية لإيجاد مخرج سياسي لرأي القرداحي يحافظ على صيرورة العلاقات بين البلدين.

لم تخف الرياض أهدافها من الإجراءات السابقة واللاحقة التي اتخذتها وستتخذها بحق لبنان دون أن تعلن عنها، وهذا بحد ذاته يضع لبنان أمام ابتزازات لا نهاية لها من شأنها المساس بالوضع اللبناني العام ويوضح هجوم حلفائها اللبنانيين الشرس على حزب الله وحلفائه تجاه الحملة والضغوط ومساراتها في الأيام المقبلة والذي لن تنتهي حتى لو قدم قرداحي استقالته من الحكومة وتأكيد الخارجية السعودية حرصها على اللبنانيين المقيمين في المملكة. ما اتخذته الرياض من قرارات وإجراءات ضد لبنان ولحاق مملكة البحرين بها يهدف ظاهرياً إلى تحقيق أحد الأمرين الأول: دفع القرداحي إلى الاستقالة تحت يافطة “تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية”، وبالتالي لي عنق المسؤولين اللبنانيين وإملاء إرادتها عليهم ومنعهم من التعبير عن مواقفهم فيما يخص قضايا المنطقة. والثاني دفع رئيس الحكومة اللبنانية إلى الاستقالة وبالتالي عودة أزمة تشكيل الحكومة إلى الواجهة وما يحمله ذلك من مخاطر على الوضع اللبناني، وما يتردد في الأوساط اللبنانية والخليجية عن توجس الرياض من حكومة ميقاتي وعدم ثقتها بإمكانية الإيتاء بحلفائها في الانتخابات النيابية القادمة يمكن تلمسه في مواقف رئيس ميليشيا القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحلفائهم والتي تمحورت في تحميل حزب الله مسؤولية الإساءة إلى العلاقات مع السعودية ودول الخليج.

إن الحكومة اللبنانية أمام امتحان صعب وكل الخيارات المتاحة أمامها تبدو متساوية العواقب ولو افترضنا جدلاً أن القرداحي قدم استقالته من الحكومة فسيعتبر ذلك سابقة خطيرة تضع رقاب المسؤولين اللبنانيين على مقصلة رضا الرياض عن مواقفهم فيما يتعلق بالقضايا الداخلية والخارجية، والأمر ذاته ينطبق على حكومة الميقاتي إذا اختار رئيسها الاستقالة.

إن البحث عن خيارات لحل هذه الأزمة عبر الأسرة العربية المنهكة هو المسار الناجع للبنان والسعودية والأهم من ذلك تطويره لإيقاف الحرب العبثية على اليمن وشعبها حفاظاً على ما تبقى من عرى التواصل بين الرياض وصنعاء وإنهاء الاستثمار الإقليمي والدولي في هذا الملف.

سيرياهوم نيوز 6 – سانا

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إعلام إسرائيلي يحذر من تحول مذكرتا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى شكاوى أخرى بحق مسؤولين إسرائيليين وحظر واسع على الأسلحة المورّدة إلى “إسرائيل

ذكرت تقارير أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة،أنّ “إسرائيل” تخشى من أن يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بحق نتنياهو وغالانت، إلى فرض حظر ...