في الأسطورة اليونانية أن أخيل البطل الإغريقي الذي لا يقهر، يمكن قهره إذا أصيب في عقبه أي كاحله أو كعب قدمه. وفي الأسطورة حكاية حصان طروادة وهو حصان خشبي عملاق يتّسع لإخفاء جيش بداخله استخدمه الإغريق لغزو طروادة بعد طول حصارها لعشر سنوات دون جدوى، حتى تمّ تقديم هذا الحصان هدية لطروادة عربون سلام. ولما تم قبوله وإدخاله الى داخل الأسوار خرج منه الجند وسيطروا على طروادة.
منذ بدء حرب طوفان الأقصى ظهر تحدّي البحر الأحمر بصفته التحدّي الأبرز الذي يواجه قوة الردع الأميركية بصورة مباشرة، حيث القضية ليست في منع هزيمة كيان الاحتلال باعتبارها هزيمة أميركية، بل إن التحدي هو أمام مفهوم استراتيجية البحار الأميركية التي يمثل البحر الأحمر ركيزة رئيسية لها، حيث المشكلة الكبرى هي في مجرد امتلاك اليمن لحق النقض (الفيتو) على الملاحة في البحر الأحمر، وهو مارسها بداية ضد السفن الإسرائيلية وتالياً السفن التي تقصد موانئ كيان الاحتلال. وختاماً ضد السفن الأميركية والبريطانية عقاباً على الغارات التي تشنّها على اليمن. وفي القراءة الاستراتيجية جاء الفيتو اليمني في البحر الأحمر بموازاة وربما أهم من الفيتو الأميركيّ في مجلس الأمن الدولي ضد مشاريع وقف إطلاق النار.
منذ بدء حرب الطوفان يتضح يوماً بعد يوم أن الرهان على إسقاط قوى المقاومة وحركة حماس على رأسها عبر المواجهة العسكريّة فوق طاقة جيش الاحتلال، مهما كرّس من قوى لهذه المهمة، ومهما توفر له من دعم أميركي مادي ومعنوي وقانوني. ويبدو أيضاً أن أي اتفاق سياسيّ يؤمن تبادل الأسرى ويُنهي الحرب سوف يمهّد الطريق لاستعادة حركة حماس لمكانتها في إدارة غزة، ويبدو أن أي رهان على صيغ بديلة يطرحها بنيامين نتنياهو هو إضاعة للوقت في سراب، حيث سوف تنهار كل التشكيلات التي تعتمد على الاحتلال بمجرد خروجه من غزة، ولن تقف الحرب دون هذا الخروج. وظهر أن خيار تقوية السلطة الفلسطينية والرهان على تشكيلها عنواناً لحكم مشترك للضفة الغربية وقطاع غزة، هو المخرج المناسب الوحيد لإضعاف المقاومة من جهة، وضمان عدم تسلّم حماس إدارة غزة.
يبدو البحر الأحمر بصفته عقب أخيل أميركا، وتبدو السلطة الفلسطينية حصان طروادتها.
سيرياهوم نيوز1-البناء