آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » البرابرة اليهود… البرابرة العرب

البرابرة اليهود… البرابرة العرب

 

نبيه البرجي

قالها تيار دو شاردان، الراهب والفيلسوف “لو وجد السيد المسيح في زمننا لما قتلناه فقط، كنا منعناه من العودة الى السماء”!…

متى لم يكن تاريخ الغرب تاريخ البربرية، وعلى ضفتي الأطلسي. آل باتشينو قال “دعوا الشيطان في عزلته، وهو ينظر الينا بذهول لبلوغنا ذلك المستوى من الحرفية في صناعة التاريخ”. قبله سأل برتراند راسل ما اذا “كنا نصنع التاريخ لندمره أم ليدمرنا”؟

عندنا، العرب برابرة العرب. في أيامنا شهدنا ذلك في لبنان وفي سوريا وفي العراق وفي اليمن، والآن في ليبيا والسودان. لماذا ترانا نتحول الى سلاحف بشرية حين يحوّل “الاسرائيليون” مدننا وقرانا وحتى مستشفيات الى مقبرة ؟ هذه مشكلتنا. تصوروا أن من يرفع راية العرب الآن هو أحمد أبو الغيط. قهرمانات الهيكل، سواء كان على جبل الهيكل أم كان على تلة الكابيتول…
ذات يوم، دخلت طوابير الميركافا الى بيروت. مدينتنا التي كانت بمثقفيها وبصحفها وحتى بمقاهيها (حيث يلتئم شمل ساسة العرب وشعراء العرب) لؤلؤة الشرق. لم نر نظاماً عربياً يقف الى جانبنا في الخندق. هؤلاء هم العرب ـ أهلنا ـ الذين نتسكع على أبوابهم من أجل انقاذنا. لو كنا ندرك ما هو هذا اللبنان (الذي، وكما قال السفير الفرنسي رينيه آلا، ينتج اللبنانيين)، وما يعنيه التنوع في منطقة تتأرجح بين ثقافة الغيتو وثقافة القبيلة. يكفي أن يقول الكاتب “الاسرائيلي” ديفيد غروسمان ـ عقب حرب عام 2006 ـ “هناك حيث ضاع أبناؤنا وضاعت وجوهنا”.
أمامنا غزة اليوم. بالصوت العالي لا تجمعنا بحماس وبخالد مشعل، الذي خرج للتو من مخدعه، أية علاقة ايديولوجية أو فكرية، لكنهم الفلسطينيون، وعلى الضفة الأخرى “الاسرائيليون”. من تراه من أنبياء التوراة لم يقل بمحق الآخرين (هذه صلاة “الحاخامات” التي ترى في العرب… الديدان)، وان علت على صفحات “هاآرتس” أصوات تؤكد أن ثمة من يصرخ في وجه ذلك الحائط الاسبارطي ؟
تأملوا جيداً في كلام الملك عبدالله الثاني، على الأقل كحفيد لعبدالله الأول، الذي كان يلتقي بغولدا مئير وقد تنكرت بثياب رجل. أذن في أورشليم وأذن في واشنطن ، الأذن الثالثة في لندن حيث كل خفايا الشرق الأوسط. قال: “المنطقة على شفا الهاوية اذا شاركت دول أخرى في الحرب”. هل اذا شاركت أنتَ، يا صاحب الجلالة، وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، يصبح الشرق الأوسط على شفا الهاوية أم أننا ـ كعرب ـ الهاوية؟!
حاملات الطائرات والبوارج الهائلة لم تأت الى المتوسط خوفاً من أي نظام عربي. انه الخوف من المقاومة في لبنان. معلوماتنا الموثوقة تقول، ودون الاستهانة بالترسانة “الاسرائيلية”، ان الدولة العبرية ستكون أمام أيام أبوكاليبتية.
السؤال الذي يطرح الآن، هل اذا شاركت المقاومة سيشارك الايرانيون أيضاً؟ أم أنهم سيحافظون على معادلة توازن الرعب مع أميركا ؟ قبل أشهر قال أحد قادة الحرس الثوري “اذا اعتدت علينا “اسرائيل” ستفتح أمامها أبواب جهنم”. لدى حزب الله 100000 صاروخ. ما حال صواريخكَ يا رجل، وأنتَ في دولة عظمى بموارد عظمى، ونحن في دولة هي عبارة عن ركام من الشظايا السياسية والطائفية. بالكاد تسير دولتنا على عكاز خشبي ؟
اذا خاض حزب الله الحرب لن يواجه “اسرائيل” وحدها، ومعها أميركا وأوروبا وحتى الهند (أين يقف الله؟). ثمة أنظمة عربية ستقف حتماً الى جانب بنيامين نتنياهو، حتى وان كان في أيامه الأخيرة. الأنظمة اياها التي تراهن على اللحظة التي يحاصر فيها العالم المقاومة لازالتها من الخريطة. هكذا يمضي “ميثاق ابراهيم” في طريقه، ويُبنى الهيكل الثالث ليس فقط بأرز لبنان وبحجارة لبنان، وانما بجماجم اللبنانيين..
قيادة حزب الله تعلم أنها ستكون وحدها في الصراع، حتى لو قال فلاديمير بوتين لشي جين بينغ “ان ادارة جو بايدن تخطط لطردنا معاً من الشرق الأوسط”. ولكن متى كان للزعيم الصيني أن يتعامل مع المنطقة الا بلغة الأسواق وبلعبة الأسواق؟
ذاك الدم (دمنا) الذي يغلي من أجل غزة. تلك الدموع (دموعنا) التي تنهمر من أجل غزة. وهؤلاء ابطالنا الذين يسقطون الآن من أجل الأطفال في غزة، ومن أجل اثكالى في غزة. أين العرب الآخرون ؟

القيادة ـ قيادة المقاومة ـ تدرك أنهم ينتظرون لحظة الانقضاض عليها، للدخول في الشرق الأوسط الآخر. لهذا نقول “مثلما نحمي ترابنا وحدنا، ترابنا وحده يحمينا. انه تراب لبنان”…

(سيرياهوم نيوز2-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...