آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » البربارة طقس الخصب والفرح والقمح في ريف الساحل السوري

البربارة طقس الخصب والفرح والقمح في ريف الساحل السوري

 

 

فادية مجد:

 

تحيي قرى الساحل السوري طقس البربارة كل عام، فتنبعث من البيوت رائحة القمح المسلوق وأصوات الأهازيج، وتشتعل النيران أمام الأبواب في مشهد فولكلوري يختزل ذاكرة جماعية عريقة، حيث يجتمع الناس كباراً وصغاراً لإحياء هذا الطقس الذي يجمع بين الإيمان الشعبي والفرح الريفي، محتفين بذكرى القديسة بربارة التي تحوّلت قصتها إلى رمز للخصب والشجاعة والتجدد.

وفي هذا السياق يقول الباحث الدكتور غسان القيم: يعد طقس البربارة من أهم الطقوس الشعبية التراثية العريقة في ريف الساحل السوري، ويمثل مزيجاً جميلاً من الموروث الديني والعادات الريفية القديمة، حيث يحتفل الناس بهذا الطقس سنوياً في الرابع من كانون الأول إحياءً لذكرى القديسة بربارة التي تعد رمزاً للشجاعة والإيمان في التراث المسيحي الشرقي.”

وأضاف: يتميز هذا الطقس بطابعه الفولكلوري والإنساني، حيث يجمع الناس من مختلف الأعمار يطلقون الأهازيج والمأكولات التقليدية.

وتعود جذور عيد البربارة إلى قصة القديسة بربارة التي عاشت في القرن الثالث الميلادي، وكانت شابة من عائلة وثنية آمنت بالمسيح رغم الاضطهاد، فتعرضت للسجن والتعذيب. وعندما حاولت الهرب من سجانيها ساعدتها الطبيعة – وفق المعتقد الشعبي– بأن انشقّ الجبل أمامها لتختبئ فيه، ومن هنا جاءت عادة تحضير القمح المسلوق في هذا اليوم رمزاً للحياة والنمو بعد العناء.

وأشار القيم إلى أنه في قرى الساحل السوري يُحتفل بالبربارة بطقوس مميزة تتوارثها الأجيال، منها أكلة “البربارة” من القمح المسلوق الممزوج باليانسون والقرفة والسكر، والمزيّن بالمكسّرات والزبيب، حيث يرمز القمح إلى خصوبة الأرض ووفرة الخير.

وذكر القيم عدداً من الأمثال الشعبية المتداولة في هذا العيد منها: (بالبربارة رجع الحب ع كوارة)، وهي كناية عن انتهاء موسم الزراعة، حيث تعاد الحبوب غير المزروعة إلى مخازنها، لافتاً إلى أنه من الطقوس المميزة أيضاً إشعال كومة من الحطب والبلان أمام كل بيت، وخاصة في الريف، حيث يطوف الأطفال حولها مرتدين أزياء تنكرية أو أقنعة، مرددين أهازيج مثل: “بربارة قدسة رموكٍ بالديسة وكبوا عليك صحن هريسة”، “هاشلة بربارة مع بنات الحارة” ، ويُكافؤون بالحلويات والمكسرات في جو من البهجة والتآلف.

كما تُزيَّن البيوت بحبوب القمح والشعير المنقوعة التي تُزرع قبل أيام من العيد لتنمو خضرتها رمزاً للتجدد، وتروى الحكايات التراثية في السهرات العائلية، ما يجعل من هذا الطقس نموذجاً للتنوع الثقافي في سوريا، ودعامة للحفاظ على الذاكرة الشعبية.

وختم الدكتور القيم حديثه بالتأكيد على أن أبناء الريف الساحلي لا يزالون يحافظون على جوهر هذا الطقس رغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، فالحلويات الحديثة والزينة الجاهزة دخلت المشهد، لكن روح البربارة – أي الفرح والتآلف – بقيت حاضرة في كل بيت، شاهدة على حب الحياة والتجذر بالأرض والإيمان.

(اخبار سوريا الوطن ١-الحرية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السعودية أعدمت 340 شخصا خلال 2025 في رقم قياسي جديد

أعدمت السعودية 340 شخصا منذ بداية 2025، في عدد قياسي لعام واحد، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى إعلانات رسمية، بعدما نُفّذ الإثنين الحكم ...