المهندس نضال رشيد بكور
حين نتأمل سلوك الإنسان في علاقته بوالديه ، لا نجد مجرد عاطفة عابرة أو عادة مجتمعية
بل نكتشف فلسفة حياة متجذّرة في صميم الوجود الإنساني ، قائمة على العرفان ، والوفاء ، والتسليم بأن هناك أيادي صنعتنا قبل أن نُدرك أنفسنا …
البرّ ليس فقط فعلاً أخلاقياً نمارسه امتثالاً لوصايا دينية أو قيم مجتمعية
بل هو مرآة لإنسانيتنا .. فالبَرُّ الحقيقي لا يأتي من تَكلّف أو تصنُّع
بل من شعور عميق بالامتنان …
من تَذكُّرـ تلك الليالِي التي سهرت فيها أمٌّ على مرض ولدها ، أو ذلك الأب الذي أخفى آلامه ليُظهر القوة في عيون أطفاله …
ونحن لا نبرّ والدينا لأنهم بلا أخطاء ….
بل لأنهم كانوا أول من أحبّنا ، وربّونا بما استطاعوا ، حتى لو وقعوا في بعض الأخطاء أو قصّروا أحياناً …
البرّ لا يعني أنهم كانوا مثاليين
بل يعني أننا نُدرك حجم ما بذلوه ، ونعترف بفضلهم رغم كل شيء …
فالبرّ ليس مكافأة للكمال بل وفاء للحبّ والعطاء
تأملوا موقف الطفل الذي رفض أن يأكل إلا مع أمه. هذا ليس مجرد دلال أو ارتباط طفولي
بل هو نقاء الفطرة ، فطرة وفاء لا يُفسدها إلا التلوّث الحضاري الذي يُعلّمنا الفردية على حساب الجماعة ، والمصلحة على حساب الوفاء …
وحين تميل أمّ الزوج إلى ابنها ، وتتشبث بقربه ، فذلك ليس تَطفُّلاً كما قد تراه بعض الزوجات
بل هو حنين عمر كامل لرجل كان يوماً صغيراً بين يديها ، وكان كل عالمها … الحكيمة من الزوجات لا تغار من حب الأم …
بل تتشارك فيه ، لأنها تُدرك أن من يعرف كيف يكون باراً بأمّه ، سيكون أوفى لزوجته ، وأكثر حناناً لأبنائه …
البرّ لا يُخيف … من يخيفنا حقًا هم الذين نسوا أصولهم؟؟؟؟؟
وأخيراً فلنجعل من يوم الجمعة موعداً لتذكير أنفسنا بأن البرّ ليس موسمياً
بل هو دَرب طويل نسير فيه كل يوم ، حتى إذا غاب من نَبرُّهم ، بقينا أوفياء لما تركوه فينا من أثر …
لأننا يومًا ما؟؟؟!! سنكون في ذات المقام …
فكونوا *بني الأصل* قبل أن تنتظروا براً من غيركم.
جمعتكم مباركة
تقبل الله طاعتكم
وبالوالدين إحسانا …
27/6/2025
(اخبار سوريا الوطن-٢)