رشيد الحداد الثلاثاء 3 آب 2021
تتّجه قوات صنعاء نحو تأمين مناطق جنوب محافظة مأرب بشكل كامل، بما يتيح لها سدّ أيّ ثغرة يمكن خصومَها النفاذُ منها لفتح جبهات إلهاء عن الجبهة الرئيسة في تخوم مدينة مأرب، وقطع جميع خطوط إمداداتهم من المحافظات الجنوبية. وبذلك، يستطيع الجيش و»اللجان الشعبية» صبّ كلّ ثقلهما نحو المدينة، التي تتوقّع مصادر عسكرية بدء «عملية خاطفة لدخولها من أكثر من اتّجاه»صنعاء | أعلنت وزارة الدفاع التابعة لحكومة صنعاء، رسمياً، انتهاء المرحلة الثانية من عملية «النصر المبين»، التي تمكّنت من خلالها من تأمين مناطق واسعة من محافظة البيضاء، والسيطرة على مساحة تُقدَّر بـ510 كيلومترات في المحافظة نفسها. إعلانٌ يعني، عملياً، أن الشوط الأكبر من عملية تأمين جنوب محافظة مأرب قد قُطع، وأن الحسم ربّما بات أقرب من أيّ وقت مضى. ومن هنا، تزداد مخاوف القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي من بدء الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» «عملية عسكرية خاطفة للتقدّم نحو الأحياء السكنية لمدينة مأرب من أكثر من اتجاه»، وفق ما تُرجّحه مصادر مطّلعة في صنعاء، خصوصاً وأن المسافات الفاصلة بين مناطق سيطرة قوات صنعاء في محيط مركز المحافظة وبين المدينة نفسها، لم تَعُد تتجاوز 6 كيلومترات من تُبّة المصارية، و11 كلم من رغوان، و7 كلم من البلق الأوسط، و8 كلم من دشن الخشب ومنطقة الحفار المحروق. ومما عزّز تلك المخاوف زيارة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لصنعاء، اللواء أبو علي الحاكم، خلال الأيام الماضية، إلى عدد من مناطق البيضاء، والتي قرئت على أنها رسالة في اتّجاهات عدّة، أبرزها محور بيحان في شبوة حيث يسعى الجيش و»اللجان» إلى عقد اتفاقات مع القبائل بهدف تأمين المناطق الحدودية مع البيضاء أسوةً بما حصل في لحج، وأيضاً باتجاه جنوب مأرب حيث بات من العسير على قوات هادي فتج جبهات تستهدف تخفيف الضغط عن تخوم المدينة. والجدير ذكره، هنا، أن للحاكم صيتاً كبيراً في القدرة على حسم المعارك بعد التخطيط الجيّد لها، والذي يشمل محاولة التأثير على المجتمع المحلّي واستمالته.
هذا الواقع، الذي تعيش وزارة دفاع هادي في مدينة مأرب حالة إرباك بسببه، خشية سقوط آخر خطوط دفاعاتها عن المدينة، خصوصاً بعد سقوط مديريتَي نعمان وناطع في البيضاء بيد قوات صنعاء، التي سيطرت على 380 كم مربعاً في المديريتَين خلال عشرة أيام، يزيد طينَه بلّة تخوّفُ قوات الرئيس المنتهية ولايته ممّا ستؤول إليه «انتفاضة» قبائل عبيدة، إثر تطوّر الأزمة معها، فجر الإثنين، إلى مواجهات عسكرية. إذ اتّهمت مصادر قبلية، في حديث إلى «الأخبار»، قوات هادي بقصف قرى عبيدة في منطقة العرقين الواقعة بالقرب من منطقة صافر النفطية بالدبّابات، متحدّثة عن تدخّل الطيران السعودي باستهداف المقاتلين القبليين. وأشارت المصادر إلى أن محافظ مأرب المحسوب على حزب «الإصلاح»، سلطان العرادة، هدّد القبائل الرافضة لهيمنة «الإصلاح» على مأرب، واستنزافه ثروات المحافظة النفطية، باستخدام القوّة ضدّها، مضيفة أن «قوات هادي حرّكت عدداً من الألوية العسكرية المدعّمة بأحدث الأسلحة لقتال المسلّحين القبليين في منطقة العرقين»، متّهمة هؤلاء بالتنسيق مع حركة «أنصار الله». وتستهدف قوات هادي، بوضوح، إجهاض التمرّد القبلي بالأسلحة الثقيلة، حتى لا تتحوّل المواجهات بينها وبين قبائل عبيدة إلى ثغرة عسكرية يستفيد منها الجيش و»اللجان».
حملت زيارة أبو علي الحاكم إلى عدد من مناطق البيضاء دلالات عدّة
وفي موازاة عودة المعارك إلى تخوم مدينة مأرب خلال الساعات الماضية، وامتدادها من جبهات رغوان شمال غرب المدينة، حتى منطقة الجدافر شمالاً وجبهتَي رحبة وجبل مراد جنوباً، وكذلك اشتداد المواجهات بالقرب من تُبّة المصاربة في الجبهة الغربية، أعلنت قوات هادي، أوّل من أمس، مقتل أركان حرب «اللواء 143 – مشاة»، العميد عباد الحليسي، أحد أبرز القيادات التي قادت معارك ناطع، وذلك في ظروف غامضة في مأرب مع عدد من مرافقيه. كما أفيد عن إصابة قائد قائد «اللواء 26 – مشاة»، مفرح بحيبح، في المواجهات مع الجيش و»اللجان» في رحبة. ووفقاً لمصادر قبلية في شبوة، فإن عدداً من القيادات العسكرية في «اللواء 30» قُتلوا، أيضاً، قبل أسبوعين، في استهداف صاروخي نفّذته قوات صنعاء على تجمّع لهم، لكن تمّ التكتّم على مصرعهم.
وعلى رغم استمرار هطول الأمطار بكثافة على أرجاء اليمن كافة، حاولت قوات هادي، مسنودة بمسلّحين من أبناء قبيلة عبيدة يقاتلون في صفوف «التحالف»، خلال الساعات الماضية، إحراز تقدّم في أطراف منطقة بقثة الواقعة بين مديريتَي رحبة وجبل مراد، وتمكّنت من السيطرة على عدد محدود من المواقع المكشوفة بعد انسحاب الجيش و»اللجان» منها تحت ضغط الغارات الجوية، لكن تلك القوات وقعت في فخّ الألغام الأرضية التي كانت زُرعت هناك، كما تعرّضت لـ»غارات صديقة» أدّت إلى سقوط العشرات منها ما بين قتيل وجريح. ولم تكد ساعات تمر على انسحابها من المواقع المذكورة، حتى شنّت قوات صنعاء هجوماً معاكساً استعادت من خلاله ما خسرته، واستطاعت تأمين جميع المناطق الرابطة بين مديريتَي رحبة وماهلية جنوب مأرب. ووفقاً لمصادر قبلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد تمكّن الجيش و»اللجان»، من خلال مواقعهما المتقدّمة في جبل الأبزخ، المطلّ عدد من المناطق في جبهة جبل مراد، من السيطرة على مناطق جبل ظهر البعير، وحيد بن حارز، وجبل حمر الخارف، وقرية البداة التابعة لقبائل آل شداد.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)