محمد سمير طحان
خاض طلاب السنة الرابعة-قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية مغامرة جريئة على مدى أسبوع بإدارة الدكتور سامر عمران عبر عرض مشروع تخرجهم تحت عنوان 3021 ليستشرفوا من خلاله مصير البشرية بعد ألف عام.
العرض الذي شارك فيه 22 طالباً وطالبة (عدد كبير نسبياً) حمل الكثير من التجريب على صعيد الإخراج والأداء واعتمد على إشراك الجمهور في مراحله الحكائية المتنوعة والتي ترافقت بتنوع وتعدد الفضاءات التي تدور فيها.
البداية كانت في بهو المسرح الدائري بالمعهد من خلال تقديم لثلاثة طلاب مشاركين في العرض تضمن تمهيداً للجمهور حول ما سيشاهدونه خلال الساعة والنصف ساعة القادمة مع توريط لكل من حضر بأنه جزء من اللعبة المسرحية الخارجة عن الكلاسيكية والمألوف.
بداية العرض كانت داخل المسرح بإشارة من المخرج عمران عبر قرع الصنج لتبدأ أغلب الشخصيات بالكشف عن هويتها واحدة تلو الأخرى بشكل منفصل ليعودوا بعدها ويجتمعوا في مشهد بدء تفشي وباء العمى بينهم حتى يصابوا جميعاً بهذا الوباء الجديد مجهول السبب والمصدر.
ينتقل بعدها الممثلون والجمهور لقاعة داخلية في كواليس المسرح جهز فيها قفص حديدي مرتفع يتم الصعود إليه عبر سلم لتبدأ الأحداث داخل هذا المهجع المعد لعزل العميان عن المجتمع ولتتكشف المزيد من قصص أبطال العرض من خلال الحوارات والمنولوجات المؤداة من قبل الممثلين.
وتأخذ وتيرة العرض بالتصاعد والتسارع بشكل ملحوظ مع دخول مجموعة أخرى من الممثلين تجسد أدوار العصابة التي آلت إليها مقاليد الأمور لتتحكم بمصير البقية رغم إصابة كل أفراد هذه العصابة بالعمى أيضاً إلا أن النوازع الشريرة تغلب على هذه المجموعة في سعيها للحصول على كل شيء لتترافق هذه المرحلة من العرض مع مشاهد عنف واغتصاب وقتل وانتحار لتتفجر الأحداث بحالة من الفوضى العارمة.
الانتقال السريع بعدها إلى خارج بناء المسرح شهد نقلة على صعيد الرؤية والحكاية والأداء لنصل إلى بلد العميان حيث تولد قصة حب شاب مبصر لفتاة عمياء من تلك البلاد البدائية في عام 3021 في رمزية لتلاشي الحضارة والعودة إلى السيرة الأولى للبشرية.
الأداء في المرحلة البدائية جاء فانتازياً ملحمياً مع أزياء ومكياج يعبران عن تلك المرحلة وطريقة عيش أهلها وتفكيرهم الرافض لكل مخالف لما ألفوه عبر الزمن لينتقل العرض ضمن ذات السياق إلى حول بناء المعهد ويتداخل الجمهور مع الممثلين في سوق افتراضي لهذا البلد المجهول والبدائي وليشهد الجميع تنفيذ الحكم على الشاب العاشق بإزالة عينيه.
يصعد بعدها الممثلون إلى المسرح الإيطالي ليمارسوا طقوس ذلك البلد البدائي الذي لا يلبث أن يصاب بالطرش ومن بعدها بالخرس في إشارة إلى المصير الذي يمكن أن تصل إليه البشرية مع تقدم الزمن واستمرار الجشع والطمع وإهمال مصلحة البشرية العليا في الحياة والسلام والرخاء.
العرض حمل الكثير من المغامرة المحسوبة من قبل عمران عبر الاتكاء على فكرة العمى المأخوذة من رواية العمى للبرتغالي جوزيه ساراماغو والصادرة عام 1995 ودمجها مع قصة بلد العميان لهربرت ويلز والصادرة عام 1904 فجاءت مسرحة هذين النصين بأسلوب تجريبي حديث مع إعدادهما وتحويلهما إلى فرجة مسرحية أكاديمية فيها الدهشة والمتعة والترقب واللذين صبا في مصلحة العرض ورمما التفاوت بين أداء الممثلين لصالح المجموعة ككل ولصالح العمل.
سيرياهوم نيوز 6 – سانا