وسط الاتجاهات الإيجابية لتحسين البنية الاقتصادية بصورتها العامة، واعتماد سياسات نقدية جديدة من بينها إصلاح العملة وتوفير السيولة، ومحاولة التخفيف من الآثار الاقتصادية السلبية المتراكمة والتي نخرت جسد الاقتصاد الوطني ،تبدو الفرص حالياً أكثر جدية وقرباً من الحقيقة، وتحقيق الأهداف الطموحة في سوريا الجديدة، يشكل أهمية بالغة من خلال دعم الفرص واستغلالها عبر سلسلة من الإصلاحات للإسهام في النمو الاجتماعي والازدهار الاقتصادي.
و بناءً على تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر حصرية، والتي أبرزت التحديات الرئيسية للسياسات النقدية كنمو الاقتصاد غير الرسمي، وتداول النقد خارج النظام المصرفي، ونقص البيانات الاقتصادية، والتعرض للأزمة اللبنانية بقيمة تصل إلى 1.6 مليار دولار، وضعف السيولة والحوكمة، يتضح أن السياق السياسي والاجتماعي يلعب دوراً حاسماً، مع تداخل بين الارتدادات الإيجابية والسلبية.
فرص تعزز الاستقرار
الباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسة المهندس باسل كويفي أوضح لـصحيفتنا “الحرية ” أن السياسة النقدية الجديدة مثل السوق الحرة وإصلاح العملة، توفر فرصاً لتعزيز الاستقرار، إذا دعمتها الحوارات الاجتماعية حول العدالة الانتقالية، ويعد فتح السوق للبنوك الدولية، كما في مذكرة التفاهم مع “ماستركارد” لتطويرالدفع الإلكتروني، خطوة واعدة تحتاج بيئة مستقرة لجذب الاستثمار .
وأيضاً تخفيف العقوبات وإصلاحات العملة يوفران فرصاً للانتعاش، لكن عدم الاستقرار الأمني، والتوترات المجتمعية، والفقر المدقع يعزز الاقتصاد غير الرسمي، ويحد من فعالية الإصلاحات، لذلك فإن النجاح يتطلب حواراً شاملاً، واستقراراً أمنياً، ودعماً دولياً سريعاً لإعادة بناء الثقة في النظام المالي، مع ضرورة الجمع بين الجوانب الفنية والتقنية والمالية والوعي بالأبعاد السياسية والاجتماعية لتجنب تحول التحديات النقدية إلى أزمة هيكلية.
فقدان الثقة
ويُشكل الاقتصاد غير الرسمي وتداول النقد خارج البنوك أكثر من 50% من النشاط الاقتصادي في سوريا، ويعزا ذلك أساساً إلى فقدان الثقة في المؤسسات المالية، الذي يتفاقم بفعل التوترات الاجتماعية كما يوضح كويفي، ويعيق عدم الاستقرار في بعض المناطق دمج هذا القطاع في النظام المالي الرسمي، ما يعزز الاعتماد على تداول النقد خارج البنوك. ومع ذلك، فإن تخفيف العقوبات الدولية منذ أيار الفائت يفتح أبواباً لجذب الاستثمارات، ويشجع على عودة النقد إلى البنوك المترافق مع إصلاحات مثل إعادة تقييم العملة، وإدخالها في نظام العملات العالمي.
جمع البيانات الاقتصادية
كما تعيق التوترات الأمنية والتدخلات الخارجية مثل الاعتداءات الإسرائيلية، جمع بيانات اقتصادية دقيقة، ما يصعب اتخاذ قرارات نقدية فعالة، حيث يعاني الاقتصاد من انكماش بنسبة 1.5% في 2024، مع توقعات بنمو ضعيف يبلغ 1% في 2025، ويمكن للحكومة الاستفادة من الدعم الدولي، (البنك الدولي ) لتحديث الإحصاءات التي تتطلب استقراراً مستداماً كما يحدد كويفي.
ويبلغ انكشاف القطاع المصرفي اللبناني 1.6 مليار دولار ، ( حسب تصريحات حصرية ) عدا الودائع الشخصية للسوريين والتي تقدر بين 20-40 مليار دولار، ويزداد المشهد تعقيداً بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان، التي تحد من استرداد الأصول، وتفاقم أزمة السيولة في سوريا، حيث يعيش 90% تحت خط الفقر، وينخفض حجم الودائع ويزداد الاعتماد على النقد، و هنا تخفف المفاوضات الإقليمية ورفع السرية المصرفية في لبنان هذا الضغط، مع إصلاحات في الحوكمة وإدارة المخاطر كما اقترح حصرية.