بقلم:أنس جودة
بعد عشرة أيام على الكارثة أصبح الدعم الاغاثي والطبي وراءنا وبدأ نمط الاستجابة بالاستقرار بعد الفوضى التي كانت في الأيام الأولى، وظهر التحدي الأكبر وهو المباني المتأثرة بالزلزال وخصوصاً الأبنية السكنية ومشكلة تأمين المأوى التي يمكن تقسيمها على ثلاثة مجموعات بدل ايجار ترميم اعادة اعمار ، وكما هو واضح من فإن مبالغ الدعم المعلن عنها حتى الآن سواء فيما يتعلق بآلية الاتحاد الأوربي أو النداء الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة لايمكنها أن تغطي حجم الكارثة في كل المناطق التي أصابها زلزال سوريا، وهي أيضاً قد لاتشمل استجابة من هذا النوع فقد تكون قاصرة على استجابة طبية واغاثية وغذائية فقط .هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية، هذه النقاط الثلاث بحاجة لقناة مالية وتنفيذية ورقابية واضحة خصوصاً أنها غالباً ستكون قائمة على دعم مالي نقدي مباشر، وهذه الآلية غير موجودة لا حكومياً ولامدنياً وحتى الآن غير معروف ماهي مهام الصندوق الوطني للكارثة ومن أين سيتم دعمه وماهي سبل التنفيذ والرقابةالتي يمكن تعطي الثقة بآلية العمل.
من ناحية ثالثة، في ظل وضع العقوبات الحالي يمكن الحديث عن بدلات للإيجار والترميم ولكن عند الحديث عن إعادة إعمار فالكلام مختلف جداً.. فغالباً لايمكن تأمين موارد لاغربية ولاعربية لإعادة إعمار المباني المهدمة_في كل المناطق_ وبناها التحتية الضرورية، وهذا الكلام يبدو معقداً أكثر في ادلب التي لابد فيها من إعادة إعمار مناطق كاملة مع بناها التحتية وليس فقط أبنية منفردة ضمن منطقة منظمة، وهو قطعاً لايشمل المنشآت العامة والخاصة الاقتصادية والحكومية، وطبعاً الدعم الفردي للسوريين لايمكن أن يصل لهذا المستوى كما أن هناك إشكالية حقيقية مجتمعية في إعادة بناء ماتهدم جراء الزلزال وترك ماتهدم نتيجة الحرب.
ماالحل إذا؟
بعيداً عن العواطف وحالة التضامن الإيجابية التي انتشرت في فترة الكارثة، فإن المنطق المصلحي والعقلاني هو الأساس في التفكير، وهذا المنطق يقودنا إلى بديهية أصبحت أكثر وضوحاً وهي أنه لايمكن أن نفكر بإنقاذ كل منطقة لوحدها، فالإنقاذ لابد أن يكون جماعياً وهذا يعني ضرورة التوافق السياسي اليوم قبل الغد حتى نستطيع تأمين موارد كافية وفتح المسارات لعودة استثمارات السوريين، وإلا فإن القسم الأغلب ممن تهدمت بيوتهم سيكون مصيرهم مصير إخوتهم الذين فقدوا منازلهم نتيجة الحرب، وسيحدث نفس الأمر مع أي سوري عند أي كارثة قادمة.
والظرف السياسي اليوم يساعد على هذا الطرح، فالدول المتدخلة في الشأن السوري أصبحت أبعد ومشغولة بمشاكلها الداخلية كما أن هناك لحظة توافق دولي عام حول ضرورة دعم الدولة السورية لأنها الإطار الوحيد الذي يمكن أن يجمع السوريين ويقوم بالمهام المطلوبة، وهذا الدعم لايتعلق بفريق سياسي بعينه بل هو قائم بالأساس على فكرة شرعية الدولة.
ولابد من استغلال لهذا الظرف بسرعة عبر مبادرة سورية تقوم على إعادة تجميع المناطق المختلفة والتوجهات السياسية المختلفة تحت عباءة الدولة التشاركية، والبحث في مصالح الأطراف وأحجامهم وأدوراهم القادمة بكل جدية وجرأة وموضوعية وعقل بارد، فطريق التوحيد هو الطريق السياسي فقط ولايوجد غيره بعد إغلاق الطريق العسكري بشكل كامل، وبدون هذه المبادرة ستبقى البلاد تنهار ببطء حتى التحلل الأخير ولن يكفيها أي دعم جزئي أو مناطقي.
نحن محكومون بمصير مشترك، والتفكير بالخلاص الجزئي أو الفردي هو مجرد وهم وغرور سيقتلنا جميعاً.
سوريا واحدة وشعبها واحد
(سيرياهوم نيوز ٤-صفحة الكاتب)