رلى إبراهيم
قبل أيام، وجّهت قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي إلى ماريان الحويك، المساعِدة التنفيذية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تهمتَيْ تشكيل عصابة أشرار إجرامية وتبييض أموال في إطار عصابة منظّمة. ووضعت بوروزي الحويك تحت مراقبة قضائية ومنعتها من التواصل مع مصرف لبنان أو العمل فيه، وألزمتها بدفع ضمان مالي بقيمة 1.5 مليون يورو، قبل أن تعمد أمس إلى تثبيت الحجز على أموالها وأملاكها في فرنسا. هذه الاتهامات هي حصيلة تحقيقات قامت بها القاضية الفرنسية في نيسان الماضي، ومبنية بشكل رئيسي على شهادة الحويك التي تضمّنت تناقضاً وعدم قدرتها على إثبات مصدر أموالها.
«الأخبار» حصلت على محضر الجلسة التي استمعت فيها قاضية التحقيق الفرنسية إلى «المديرة التنفيذية السابقة لمكتب حاكم مصرف لبنان»، في 27/4/2023، وفق تعريف الحويك لـ«مشوارها المهني». وتكشف إفادة الحويك، بما لا لبس فيه، أن سلامة كان يتعاطى مع وظيفته في البنك المركزي بعقلية من وقع على منجم ذهب وينوي استنفاده بأي طريقة، سواء عبر توزيع الامتيازات والرشى والقروض الميسرة على رؤوس السلطة السياسية لقاء حمايته، أو عبر التعاميم والبرامج التي ابتدعها في سياق خلق دكاكين جانبية لتبرير صرف الأموال، وأيضاً عبر تسخير آخرين، من بينهم الحويك، واجهة لاختلاس أموال المصرف وإجراء تحويلات وامتلاك شركات مقابل «فتات» بملايين الدولارات لمن ارتضوا أن يكونوا «فترين» الحاكم للتغطية على أعماله.
ad
في جلسة الاستماع، تحدثت «المديرة التنفيذية السابقة لمكتب حاكم مصرف لبنان»، في 27/4/2023، وفق تعريف الحويك لـ«مشوارها المهني»، عن «تفوّقها» في الدراسات المصرفية في جامعة LAU، ما فتح أبواب مصرف لبنان أمامها رغم عدم تمرّسها في أي عمل قبل ذلك. وخلال فترة التدريب، أُعجب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بـ«ديناميكية» المتدربة الجديدة، كما تقول، فسمح لها بالتنقل بين مختلف المديريات لدرس أوضاعها وإمكان إعادة تنظيمها. هكذا، وُظفت الحويك في المصرف وبدأت رحلة 13 عاماً من «العمل الشاق» والترقيات السريعة، إدارياً ومالياً، إلى أن قرّرت عام 2018 وضع نفسها في فترة استيداع (إجازة غير مدفوعة)، لتعود عام 2020 مستشارة للحاكم بلا راتب، رغبة منها في إيجاد حل للأزمة المالية وهو أشبه بـ«عمل تطوعي»، إذ إنها تعيش «من مواردها الخاصة المؤلّفة من ادّخاراتها الشخصية إضافة إلى أموال عائلتها».
ad
من هنا تبدأ القاضية بوروزي فكفكة مسار الأموال الموجودة في حسابات الحويك في سويسرا ولوكسمبورغ وموناكو، ليتبين خلال الجلسة أن مصدر هذه الأموال البالغة 5 ملايين دولار ليس والدها حميد كما تدّعي، بل مصرف لبنان، أو بالأحرى حاكمه. فماريان لم تكن سوى واجهة استخدمها الحاكم لاختلاس أموال عامة وخاصة وتبييضها في الخارج باسم شركات عدة في مصارف أوروبية. وبالطبع، لم تتطوّع ماريان لهذه المهمة، بل تقاضت مقابلها شققاً وأموالاً ونفوذاً في مصرف لبنان لا يحلم بها أي طالب تخرّج حديثاً بالشهادة نفسها وفي الكلية نفسها. وقد دفعت مزاعم الحويك حول ثروة والدها القاضية الفرنسية إلى سؤالها عن سبب دراستها في لبنان وليس في الخارج، فأجابت بأنها كانت تنوي ذلك، لكنها عندما شعرت بأن مسيرتها العملية ناجحة في بيروت غيّرت قرارها. وتُرجم هذا «النجاح» بتملك شقة في باريس بقيمة مليون و600 ألف يورو، وشقة في بيروت بقيمة 700 ألف دولار، وشقة في الرابية بقيمة مليون دولار. كما أكدت أن في حوزتها 5 ملايين و700 ألف يورو في حسابها وهو «كل ما تملك» بفضل «وظيفة شغلتها كمديرة تنفيذية لمكتب الحاكم براتب بدأ بما يراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين ليرة ووصل إلى 18 مليوناً بين عامي 2007 و2018». لذلك، لم تفهم الحويك «الكثير من الظلم الذي تعرّضت له، بينما أنا لست رياض سلامة ولا بمركزه أو بمسؤوليته، ولا أعرف ما الذي دفع الإعلام إلى تصويري كرياض سلامة»، معربة عن اعتقادها بأن «نجاحها وراء تسليط الضوء عليها وخصوصاً تكريمها محلياً وعالمياً وتنويه البنك الدولي بها في أحد تقاريره، وهو تنويه لم يحظَ الحاكم بمثله».
سيرياهوم نيوز 1_ الاخبار اللبنانية