بشرى سمير:
تشهد الأسواق مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، حركة بيع نشطة خاصة أسواق الألبسة، وتزدان واجهات المحلات بالعروض الاستثنائية والتخفيضات الكبيرة والتي تصل أحياناً إلى 70%، لكن وراء هذه العروض البرّاقة تكمن ممارسات خطيرة تهدد جيوب المستهلكين وتقوّض ثقتهم بالسوق.
العروض الوهمية هذه الظاهرة ليست جديدة لكنها تتفاقم في المناسبات الدينية الكبرى والأعياد، حيث يتحول موسم الفرح إلى ساحة لاستغلال حاجة الناس وتصريف ما لديهم من بضائع كاسدة.
ويقول محمد (رب أسرة): غالباً ما تكون هذه العروض وهمية وخاصة قبيل الأعياد، وقد لاحظت أن هناك أسعاراً تم شطبها وكتابة السعر مرة أخرى من دون أي تخفيض يذكر، إضافة إلى أنه يتم الإعلان عن تخفيضات مغرية (50%، 70% وأكثر) على سلع تم رفع أسعارها بشكل مبالغ فيه قبل فترة وجيزة من الإعلان عن التخفيض، بحيث يكون السعر النهائي بعد الخصم قريباً من السعر الأصلي أو أعلى منه أحياناً.
Contents
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
ضعف الرقابة
حيلة تسويقية
فيما أشارت نور (ربة منزل وأم لأربعة أطفال)، إلى أن بعض التجار يستغلون فترة ذروة الشراء قبل العيد كفرصة ذهبية لتصريف بضائع قديمة كاسدة ذات جودة منخفضة أو لم تعد مطلوبة في السوق، عبر الإعلان عنها بعروض براقة تخدع المستهلك غير القادر على التمييز وسط زحمة العروض.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
يؤكد الخبير الاقتصادي د. بشار محفوظ في تصريح لـ(الحرية)، خطورة هذه الممارسات في الوضع السوري الراهن خاصة الاقتصاد الذي يعاني هشاشة كبيرة وثقة المستهلك متدنية أساساً والعروض الوهمية تضرب وتزعزع هذه الثقة، إضافة إلى أن الأموال التي ينفقها المواطن والتي غالباً ما تكون مدّخرات عام كامل تذهب هباء مقابل سلع لا تستحق قيمتها الحقيقية، هذا ليس استغلالاً اقتصادياً فحسب بل هو استنزاف لموارد الأسر محدودة الدخل في وقت هم بأمس الحاجة لتحقيق أفضل قيمة لإنفاقهم خلال العيد.
ويرى محفوظ أن عيد الأضحى مناسبة للتكافل والفرح، والعروض الوهمية تحوّله إلى مصدر للإحباط والخلافات الأسرية لأن المواطن يشعر بأنه مُخدوع ومُستَهان بعقله وبحاجته هذا يزيد من الضغوط النفسية في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها.
ضعف الرقابة
ويعزو محفوظ انتشار هذا الظاهرة إلى عدة أسباب مهنا الضغط النفسي للمواطن والرغبة في توفير متطلبات العيد للأسرة بأفضل سعر ممكن، ما يجعله أكثر قابلية للإغراء بالعروض المغرية، إضافة إلى ضعف الرقابة على الأسواق وصعوبة تغطية كادر حماية المستهلك لكل المنشآت التجارية بشكل فعال خلال فترة الذروة القصيرة.
ويقترح محفوظ العمل على تشديد الرقابة الميدانية على الأسواق قبيل الأعياد، وتكثيف حملات التفتيش المفاجئة قبل العيد بفترة كافية، مع التركيز على المتاجر التي تروج عروضاً كبيرة وتطبيق عقوبات رادعة فعّالة (غرامات كبيرة، إغلاق مؤقت أو دائم)، وليس إنذارات شكلية فقط. يجب أن تكون تكلفة الغش أعلى من أرباحه .
ولابد من تعزيز ثقافة الشكوى وتوعية المستهلك المستمرة من خلال تكثيف حملات توعية المستهلك عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل وتعليمه كيفية المقارنة بين الأسعار قبل وبعد التخفيض فحص جودة السلع وتواريخ الصلاحية والتبليغ الفوري عن أي غش، واقترح إنشاء قنوات واضحة وسهلة (رقمية وهاتفية) لتلقي شكاوى المستهلكين والتحقيق فيها بسرعة خلال فترة العيد.
حيلة تسويقية
وختم محفوظ حديثه بالقول: التراخيص والعروض الوهمية قبل عيد الأضحى ليست مجرد حيلة تسويقية بل هي استغلال سافر للمناسبة وحاجة الناس في سوريا، مكافحتها تتطلب جهداً متكاملاً من رقابة صارمة، وعقوبات رادعة وتوعية فاعلة للمستهلك ومسؤولية أخلاقية من قطاع التجار فقط بذلك يمكن تحويل أجواء الاستعداد للعيد من موسم للاستغلال إلى فرصة حقيقية لإنعاش الاقتصاد المحلي وضمان حقوق المستهلك تحقيقاً لروح التكافل والفرح التي يمثلها عيد الأضحى المبارك، على الجهات المعنية التحرك الفعّال الآن لحماية جيوب السوريين واستعادة ثقتهم بالسوق المحلية.
أخبار سوريا الوطن١-الحرية