آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » التراث في مواجهة الغزو الثقافي المشاركون: نحتاج استراتيجية وطنية فاعلة

التراث في مواجهة الغزو الثقافي المشاركون: نحتاج استراتيجية وطنية فاعلة

فاتن أحمد دعبول:
تستمر ندوات مواجهة الغزو الثقافي بطرح عناوينها في فعالياتها الشهرية بإدارة الإعلامي محمد خالد الخضر، في رحاب قاعة المحاضرات بمركز ثقافي” أبو رمانة” وتهدف هذه الندوات إلى تسليط الضوء على أهم التحديات التي تواجه بلادنا لجهة الثقافة والتراث والهوية، وتفتح الآفاق على محاولة وضع أساسات لمواجهة هذا الغزو الذي اتضح بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وفي الحرب على وجه الخصوص.
ترسيخ مفهوم التراث وصونه
وحول أهمية التراث اللامادي ودوره في مواجهة الغزو الثقافي بين د.أسامة المرعي، دبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية أن التراث اللامادي يقصد به التراث الفكري والمعنوي والثقافي الذي خلفه لنا الأسلاف، ويشمل القيم والمبادئ والأخلاق والبنية الاجتماعية والفنون والعلوم وغيرها ..
وأن الغزو الثقافي في مفهومه يذهب إلى تغليب الثقافة الأجنبية على ثقافة شعبنا وخلق هوة بين ماضي هذا الشعب وحاضره، وبينه وبين تراثه الثقافي، ما يؤدي إلى طمس معالم الحضارة المحلية والوطنية، وهذا ما يتطلب حراكا فاعلا من أجل تعزيز دور تراثنا لمواجهة هذا الغزو من خلال التقوية الذاتية عبر ثقتنا بتراثنا وحضارتنا الممتدة إلى آلاف السنين، وتعزيز هويتنا الثقافية أولا ومن ثم الوعي الثقافي من خلال دعم ثقافتنا وإبرازها بثوبها الحقيقي وإزالة الشوائب المترسبة في الأذهان ثانيا.
ويلفت د. المرعي إلى أهمية دور المدارس الفكرية والندوات الثقافية والإعلام الذي يساهم في نقل التراث والوعي الثقافي للمجتمع، ومن ثم بقية الشعوب والمجتمعات.
وبين أن ليس كل ما يأتي من الغرب يمكن أن نضعه في خانة الغزو، بل هناك أفكار إيجابية يمكن استثمارها من مثل مجالات التقنيات والتكنولوجيا والعلوم والاقتصاد، والسعي لتطوير المهارات، ولا يمكن في ظل التطورات الحديثة أن نلغي هذا التأثير، بل علينا أن نركز على إيجابيات الوافد الغربي، فنحن لدينا الكثير مما نفخر به ونواجه به ذاك الغزو، وخصوصا فيما يخص تراثنا المادي واللامادي.
مسؤولية مجتمعية
وتوقف الإعلامي عمار النعمة في مداخلته عند أهمية التراث الذي يعني في مضمونه كل إنجاز علمي ثقافي حدث منذ فترة ربما تتجاوز ربع قرن، ونفخر بأن لدينا تراثا ثقافيا علميا وفنيا، ولفت إلى أن العلاقة بين الهوية والتراث علاقة تفاعلية.
وبين أن سورية غنية بتراثها حتى نستطيع القول أنها” متحف العالم” فهي تملك 10 آلاف موقع أثري، وترافقه الكثير من الوقائع الثقافية، ولذلك سورية مستهدفة في تراثها، وظهر هذا جليا في الحرب الأخيرة على سورية، فقد كان الاستهداف جائرا للآثار والمواقع الأثرية” تدميرا، نهبا، تشويها ..” هذا إلى جانب سرقة المخطوطات ومحاولة الاعتداء على التراث اللامادي بشكل عام.
ونوه النعمة إلى دور الإعلام وقال: لا يقتصر الأمر على دور الإعلام في الحفاظ على التراث، بل هو مسؤولية يجب أن يضطلع بها المجتمع ومؤسسات الدولة كافة ومنها” المديرية العامة للآثار والمتاحف، مديرية التراث الشعبي ..” ويجب أن نعترف أن ثمة جهودا تبذل في هذا الشأن، ففي وزارة الثقافة مديرية خاصة بالتراث وتصدر مجلة تحمل هذا الاسم، وأيضا يعنى اتحاد الكتاب العرب بالتراث ويصدر مجلة خاصة تسلط الضوء على أهم قضايا التراث.
وأوضح بدوره إلى دور جريدة الثورة التي كانت تفرد صفحات أسبوعية تعرض فيها عناوين هامة حول التراث، وكان يقوم على إدارتها عدد من الإعلاميين من مثل: هاني الخير، محمد قاسم خليل وغيرهما.
وختم بالقول إلى أهمية أن نقدم التراث بشكله الجميل إلى الأجيال القادمة، وعقد ندوات ولقاءات ومؤتمرات تناقش الكثير من قضاياه ومتابعة صونه وتسجيله في التراث العالمي، والتوجه إلى الشابكة لتحميل المزيد من التراث وإنشاء مواقع خاصة لتبادل التراث اللامادي بين الأقطار العربية، واستلهام الإبداع من التراث كما فعل ناجي عبيد وأمل دنقل وفي الدراما والموسيقا وفنون الإبداع جميعها.
التمسك والفخر بالتراث
وقدم محمد أبو جبارة مدير مؤسسة القدس للثقافة والتراث عرضا لأهمية التراث اللامادي وقال: نحن اليوم أمام جدلية تقول” إننا نريد العودة إلى الجذور، وفي الوقت نفسه نسعى إلى التطوير والحداثة ومواكبة كل جديد، ويعود في هذه الجدلية إلى ما جاء به فرويد في تحليله النفسي الذي أصبح قبلة للطب النفسي، يعود بالمرء إلى الوراء سنوات، ليكتشف في أي لحظة حصل اصطدام نفسي مع حدث ما، فشكل لديه عقدة، ونحن اليوم لدينا من التقليد ما يكفي.

وفي عودة إلى عصر الحضارات نجد أن حضارتنا تأثرت بشكل أو بآخر، فإذا تلاقحت التجارب أثمرت فائدة إن سبقت بحسن نية، لكن المقصود بالغزو تلك المجتمعات التي تريد ان تغزو مجتمعاتنا بشكل يسيء إلى مجتمعاتنا ويمحو هويتنا، وهذا ما نريد أن نصون تراثنا وحمايته منه.نحن اليوم إذا أردنا أن نواجه الغزو الثقافي من خلال التراث، علينا الوصول إلى التراث الحقيقي العربي ونتمسك به، وعلينا ان نغرس القيم التي يحملها التراث في نفوس الأبناء ليتمسك ويفخر بها ويدافع عنها، وهذا يثمر بشكل تلقائي بأن هذا الفرد اليافع يفتخر بتراثه ويحافظ عليه.
وبين أن من حوى التاريخ في صدره زاد أعمارا إلى عمره، لذلك علينا التمسك بتراثنا لعظيم قدره، عندها فقط نستطيع أن نواجه هذا الغزو، ويجب أن نميز بين ما نأخذه من الغرب من حضارة كما فعل طه حسين، الأفغاني، وبين ذاك الغزو، فهم نقلوا ثقافة شعب دون الإساءة لتراثنا.
وختم بالقول أنه لابد لنا أن نخطو خطوة إلى الوراء لاستذكار وقائع احتكاكنا بالغرب ولنحلل من جديد التأثيرات التي أصابنا بها هذا الاحتكاك حتى نتمكن من فهم عقيدتنا التاريخية، ونزيلها من نفوسنا، عندها فقط نتمكن من التعاطي مع الحضارات الأخرى على نحو صحي دون الإصابة بالتغريب، ونستطيع في الآن نفسه الحفاظ على تراثنا من غزو ثقافي جائر.
وفي ختام الندوة دارت نقاشات هامة أغنت الحوار وشكلت قيمة مضافة، وركزت الندوة على أهمية وضع أسس لحماية التراث وصونه في ظل هذا الغزو الذي يستهدف ثقافة البلاد وهويتها.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ديبلوماسية «البيكيني»… للترويج للصهيونية

غادة حداد   بعد عام 2000، عملت الحركة الصهيونية على تغيير صورتها، بسبب النقمة عليها بعد انتفاضة الـ 2000، وما رافقها من جرائم إسرائيلية بحق ...