آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » التراجع عن الخطأ فضيلة..ولكن!

التراجع عن الخطأ فضيلة..ولكن!

 

 

عبد اللطيف شعبان

 

قبل أشهر اتخذت السلطات المعنية قرارا بفصل الكثير من الموظفين من عملهم، ومن ثم تمَّ التراجع وإعادة العديد منهم إلى دوائرهم خلال فترات زمنية متفاوتة غير طويلة – أقل من شهر أوأشهر قليلة – لثبوت حاجتهم الفعلية أكان من وزارة الكهرباء أومن جهات أخرى، وأيضا سبق أن أوقفت السلطات عمل آلاف الموظفين الآخرين بمنحهم إجازة براتب لمدة ثلاثة أشهر، ولاحقا تم الوفاء بمنحهم راتب عن هذه المدة، ومن ثم تمَّ التراجع عن فصلهم والعمل على اعادة بعضهم إلى عمله، وأيضا يُعمل الآن مجددا لإعادة أخرين، ولكن يبدو أنه قد يعاد بعض هؤلاء الآخرين لمكان عمل أخر غير مكان عملهم السابق نوعا ومكانا، وحال حدث ذلك فإن الإجراء مقبول حال كانت مواصفات عملهم في مكان العمل الجديد تقارب مواصفات عملهم السابق، وبمكان يمكنهم الوصول إليه بما يقارب الزمن الذي كان يلزمهم، وبأجرة الطريق التي كانوا يدفعونها أيام عملهم السابق، ولكن تخوُّف البعض قائم من أن يتم تحديد مكان عملهم الجديد بما لايتفق مع ماكانت عليه مواصفات عملهم السابق، والصعوبة الكبرى حال تحدَّد العمل الجديد خارج منطقة سكن الموظف، والصعوبة الأكبر اللَّامحتملة حال كان هذا العمل في محافظة أخرى، ما سيترتب ألا يكون بمستطاع الموظف أن يلتزم بالالتحاق بالعمل الجديد، نظرا لعدم كفاية راتبه لنفقات النقل أولاستئجار مسكن، وبالتالي سيجد الموظف نفسه محروما من عمله وينقطع رزقه المعتاد عليه منذ سنوات، ما لم يجد تحفيزا له بأن تخصّص السلطات تعويضًا إضافيًا للموظف يغطي عبء الانتقال والسكن مع ضمان استمرار هذا التعويض ( ومثل ذلك كان قائما في خمسينات وستينات القرن الماضي، حيث كان يمنح الموظف إضافة ما يعادل ربع الراتب، تحت عنوان نفقات غلاء معيشة، وكان هذا التعويض في حينه مقبولا وكافيا، ولكن منح تعويض بمثل الراتب تماما لا يكفي في هذه الأيام، وعلى الأغلب هذا الأمر غير منظور في أعين السلطة وربما غير ممكن، عدا عن وجوب اقتران ذلك بسعي السلطات لتبديد التخوف القائم بنسبة ما من ضعف توفر الأمان ) وعلى الأغلب هذا التعويض متحقق الأن / راتب كافي وحالة أمن قائمة / للذين كلَّفتهم السلطات – من عناصرها – بعمل خارج محافظاتهم، ولو لم يكن ذلك متحقّقا لما استمروا في عملهم، وبالتالي فالأمل كبير ألا يصدر عن السلطات مجددا بخصوص الموظفين المنظور في إعادتهم إلى العمل – والذي هومن حقهم – ما قد ترى وجوب التراجع عنه لاحقا، فالعيش الكريم حق لكل مواطن، والدستور يكفل ذلك.

أيضا سبق أن اتخذت السلطات المعنية قرارا بوقف رواتب العسكريين المتقاعدين بعد عام /2011 / والأن يُعمَل لإعادة صرف رواتبهم قريبا/ حسب ما وعد به السيد وزير المالية /، كما سبق أن تم قبل أشهر إغلاق بعض المراكز الصحية في أكثر من مكان، والآن تراجعت السلطات عن إغلاق العديد منها ، ووجَّهت بإعادة تفعيل عمل هذه المراكز وإلغاء كافة الأوامر الإدارية المخالفة لذلك، والجديربالذكرأن بعض هذه المراكز محدثة بتبرع من أهل الخيروتمارس عملها منذ عشرات السنين، وقد آلَمَ إغلاقها الكثيرين الذي اعتادوا الحصول على خدماتها المعهودة، بلْ آلَمَ أكثر ذوي أهل الخير الذين سبق أن تبرعوا بها، والآن قد عمَّتهم الأفراح باستعادة عملها..

أخطاء عديدة أخرى حدثت – أيا كان نوعها ومدى أثرها – لا مجال لذكرها، وتم اعتراف السلطات بها، وإنْ يكنْ من حق المواطن الدلالة على مضار الخطأ بلا خوف ولا وجل، فمن واجبه الإشارة إلى محاسن التراجع عنه بكلّ صدق خال من الدجل.

شكرا للسلطات لتراجعها عن خطئها، فالتراجع عن الخطأ فضيلة كبرى، ولكن عدم الوقوع به كان فضيلة أسمى، واجتناب الوقوع به ثانية فضيلة أعلى سمُّوا وأجلْ، والأمل بالحذر من حدوث أخطاء أخرى، خاصة الخطأ الذي هو أقرب إلى الجرم أو جرما بحدّ ذاته، كما حدث بين زمان ومكان، حماك الله يا بلدي سورية واحدة موحدَّة بتآخي جميع مواطنيك الأخيار، في وجه من يريد لك السوء من الأشرار.

*الكاتب:عضوجمعية العلوم الاقتضادية – عضو مشارك في اتحاد الصحفيين

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الأجهزة الرقابية ..استقلالية تنتظر الاستكمال

  معد عيسى خرجت على وسائل التواصل اخبار حول كشف الأجهزة الرقابية لصفقات فساد واختلاس أموال عامة ، وفي الحقيقة هذه الملفات ليست وليدة عمل ...