- حسن عليق
- الإثنين 5 تشرين الأول 2020
المقصود بالحديث عن الإيجابية ليس مَن سبق ذكرهم. فهؤلاء موقفهم المعادي لـ«إسرائيل» معروف وواضح. مشكلة غالبيتهم هي في أنهم يتعاملون مع السياسة بصفتها «ترند» على الـ«سوشل ميديا»، لا تعبيرا عن مصالح وموازين قوى شعبية واقتصادية ومالية وعسكرية، وعلاقات محلية وإقليمية ودولية. عالمهم السياسي هو هناك، في الهاشتاغ والبوست والتويت. ويتعاملون مع السياسة بصفتها عملية حصد لـ«اللايكات» والمشاهدات. ورغم عراقة بعض القوى السياسية، فإنها صارت أيضاً قوى سياسية «ترندية». هي قديمة حتى كسا الغبار وجوهها، لكنها في الوقت عينه ما بعد حداثوية، لجهة أنها قوى وجماعات افتراضية، بمعنى أنها تنتمي إلى عصر الذكاء الاصطناعي.
هذه المشكلة تتشاركها القوى الآنف ذكرها مع «الناشطين» المقصودين بالإيجابية في موقفهم من مفاوضات الترسيم. هؤلاء الناشطون الذين تبرّعوا لخدمة الدعاية المعادية للمقاومة، فكرةً وقوى، ويدافعون عن التطبيع بذريعة حرية الرأي، وعن المطبعين – أفراداً ومؤسسات ودولاً – ورعاتهم، فجّر فيهم إعلان برّي موجة من العداء لوجود إسرائيل لم تظهر سابقاً. أو أنها كانت موجودة، لكن التركيز على العداء للمقاومة، فكرةً وقوى مسلّحة، جعل ذلك العداء الوجودي لإسرائيل يضمر، او يتراجع قليلاً إلى ما وراء العداء الوجودي لحركات المقاومة. صحيح ان موقفهم المستجد إنما يعبّر أيضاً عن نية تشويه المقاومة، واتهامها بالتطبيع مع العدو لأنها لم تمنع الدولة اللبنانية من مفاوضة العدو، بصورة غير مباشرة، لتثبيت لبنانية المنطقة الاقتصادية البحرية والأراضي التي لا يزال العدو يحتلها على طول الخط الأزرق… صحيح ذلك، إلا أن هذا الموقف فيه الكثير من الإيجابية. على المستوى الفردي، وكمعارض لأي تفاوض مع العدو، مباشرة او غير مباشر، وخاصة متى كان بوساطة العدو الأميركي، أجد نفسي مزهواً باتساع فسطاط المتمسكين بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وبإعادة المسألة اليهودية مسألةً أوروبية، تماماً كما كانت في مطلع القرن الماضي. ثمة الكثير من الإيجابية في مواقف المزايدين. لم يبق إلا ان يؤسس أحدهم حركة مسلّحة جديدة، تكسر احتكار قوى المقاومة المسلّحة للمقاومة.
هلمّوا إلى السلاح يا رفاق. القدس تناديكم.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)