آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » التسول الإلكتروني.. فن بأساليب وأدوات وموضات

التسول الإلكتروني.. فن بأساليب وأدوات وموضات

رويدة سليمان:

تشوه اجتماعي وإنساني نراه في التسول الذي أصبح مهنة أو حرفة أكثر منها حاجة أو عوزاً، تعود فيها المتسول استدرار عطف الناس واستجداء الشفقة بطرق احتيال لحصد المال الوفير.. عينك عينك وعلى عينك يا وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
منذ سنوات أراه وأنا في طريق العودة من العمل، في منطقة البرامكة ذلك المكان المزدحم بالمارة والباعة، يطلب العون المادي لإجراء عملية جراحية لعينه التي حتى هذه اللحظة لم تبصر النور، مع العلم أن هناك أرقاماً إحصائية من خلال ضبوط الشرطة تؤكد أن ما يجمعه المتسول في يوم يعادل راتب موظف أو على الأقل نصفه وهناك أيضاً ثروات جمعت (بالشحادة).
تصادفهم في الشوارع والحارات وربما يطرقون باب بيتك، يلحون عليك بالسؤال للعطاء، يبتزونك مادياَ ومعنوياً للحصول على مبلغ من المال.
وإن تمنعت أو تجاهلتهم كان نصيبك الشكوى لله سبحانه وتمتمات قد لا تسمعها ولكنها تصلك من خلال نظرات استخفاف واستهزاء يرمقونك بها.
الأشد إيلاماً ووجعاً وخطورة في هذه الظاهرة استخدام الكبار للأطفال لاسترقاق القلوب وسرقة الجيوب في غفلة العقول وقد عملت بعض المسلسلات الدرامية لكشف الستار عن عمليات الاحتيال هذه التي غالباً ما تتم عن طريق اصطحاب امرأة لابنها أو ابن غيرها.
* تحديات كثيرة
كثيرة هي المرات التي كتبنا فيها عن هذه الظاهرة لتطويقها وكذلك الجهود الكبيرة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهناك لجنة لمكافحة التسول والخطة الوطنية لحماية الأطفال من التسول، إضافة لجهود حكومية وأهلية (مبادرة سيٌار وهم شباب تبنوا قضية أطفال في الشوارع نذروا أنفسهم لتعليمهم وتوعيتهم وإدخال السعادة إلى قلوبهم ومد يد العون لهم) رغم ذلك واقع الحال لتلك الآفة صادم ويمكن ملاحظته بالعين المجردة ما يؤكد وجود تحديات تتطلب مواصلة الجهود وتكاتف وزارات كثيرة (الإعلام والأوقاف والتربية والشؤون الاجتماعبة والعمل ووزارة الداخلية والسياحة وغيرها) لمواجهة هذه التحديات وتقليص ظاهرة التسول التي طالت العالم الافتراصي، وغزت العالم الالكتروني عبر منصات المواقع الاجتماعية، نسخة الكترونية عن التسول التقليدي، لكسب تعاطف الناس بادعاء المرض أو الإعاقة (وثائق وتقارير طبية مزيفة) والتستر بثياب مهترئة.
*لسد باب التسول
ربما يتساءل أحدنا عن أشخاص محتاجين فعلاً للمساعدة، ولهم ظروفهم الصحية والاجتماعية، عن هذا يجيبنا الأستاذ سليمان سلوم، دكتوراه في علم النفس التربوي والعلاج النفسي قائلاً التسول هو تسول مهما كانت الظروف، ولا يبرر لأي شخص أن يقوم به لأن هناك أبواباً كثيرة يمكن أن يطرقها لسد باب التسول، وهناك مثلاً أبواب كثيرة لجمعيات خيرية مفتوحة أمام أصحاب الحاجات وكذلك مبادرات أهلية لتقديم العون المادي والصحي المعنوي، وباب العمل بتعلم حرفة أو مهنة ما، ولا يمكننا أن ننسى ضرورة وأهمية التكافل الاجتماعي والتعاون والحث على الصدقة والإنفاق في أداء الزكاة والتحذير من البخل واكتناز المال وهذه مهمة وزارة الأوقاف والإعلام برسائلها التوعوية ووزارة التربية عبر تضمين مناهجها الدراسية هذه الظواهر وكيفية مكافحتها والوقاية منها.
يتابع د. السلوم حديثه عن المتسول بوصفه شخصاً يحب المال والكسب السريع ولا يطلب ما يسد رمقه فقط بل هل من مزيد وغالباً ما يلجأ إلى أساليب أخرى كما اليوم حيث التسول الالكتروني وهو نسخة متطورة وواسعة النطاق بمساعدة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لكسب المزيد من المال من خلال تقنية عالية بالنشر وأسلوب متميز وأدوات وموضات يساعده في ذلك الضباب الالكتروني الذي يخفي هويته وحقيقة حاجته وفي العالم الافتراضي يصطاد شريحة واسعة من الناس.
من الجدير ذكره أن ٩٥٪من المتسولين هم عبارة عن مجموعات منظمة ويقودها موجه للكسب السريع وتكمن الخطورة أن المتسول هو شخص اتكالي يبدأ بالتسول وبعد إدمان جمع المال قد يلجأ ولاسيما إذا انكشف أمره إلى السرقة أو الجريمة والمخدرات والأفعال المسيئة.
*عقوبتة قانونياً
أظن أن إعطاء المال للأطفال المتسولين سيبقي لديهم الحافز لاستجداء الشفقة وربما يجدون متعة بجمع المال دون تعب (حسب رأي الخبراء)، لذلك يؤكد المحامي عيسى زهوه أهمية إيجاد حلول وذلك بتأمين مراكز خاصة لتشغيلهم والإشراف عليهم ومحاولة متابعة تعليمهم لأن مكانهم الطبيعي على مقاعد الدراسة. وبالمقارنة بين التسول الواقعي والالكتروني قال: التسول ظاهرة غزت شوارعنا وساحاتنا وحدائقنا وأمام المولات والمطاعم والمحال التجارية وعند إشارات المرور وتسبب الضيق والحرج للمارة وتشوه المكان بينما التسول الالكتروني ظاهرة حديثة وقليلة الانتشار في بلدنا وتأخذ أشكالاً متنوعة إذ يتم نشر فيديوهات أحياناً أو صور لجمع تبرعات لحالات إنسانية وقد يأتي له صفة التسول الاحتيالي، وقد شدد القانون (٥) لعام ٢٠٢٢ الغرامات الجنحوية المفروضة على جرم التسول حيث ارتفعت الغرامة إلى خمسمئة ألف ليرة سورية

وأحياناً تشدد العقوبة الجنحوية.
لتصبح جنائية الوصف لتصل إلى ثلاث سنوات إذا لجأ المتسول إلى التهديد إما بالضرب أو الشتم أو تظاهر بعاهة وتصل العقوبة إلى سبع سنوات للشخص الذي يصطحب الأطفال ليقوموا بالتسول.
*تسول.. غير شكل
من يعتقد أن التسول يتوقف على (من مال الله يا محسنين.. حسنة صغيرة تدفع بلاوي كثيرة) يكون مخطئاً، فهناك تسول عاطفي للحصول على جرعة تفاؤل، طاقةإيجابية في ظل ضغوطات حياتية قاهرة وهناك جديد دنيا التسول أيضاً.. استوقفتني سيدة قائلة: ( أريد منك حق الخبزات فقط).!

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هكذا نخفف من قلق أطفالنا وتوترهم خلال فترة الامتحانات

تعدّ فترة الامتحانات من أكثر الفترات توتراً وضغطاً على الطلاب، حيث يتعرضون للضغوطات النفسية والمدرسية نتيجة التحضير للامتحانات والضغط لتحقيق النجاح. ويرى الخبراء أنه يقع ...